دمشق – فؤاد مسعد| أثيرت في الوسط الفني مؤخراً بلبلة سرعان ما مرت بسلام، تاركة خلفها عبقاً من حب وأمل وإيمان بفن لا يموت، وتاركةً أيضاً غصة ألم على واقع فني وإنتاجي صعب. أساس الحدث انتشار خبر فاجأ الجميع، يتحدث عن نية الفنان والمخرج سيف الدين سبيعي الاعتزال، وهو المُبدع المتشبع فناً وفكراً والمتطلع دائماً نحو إنجاز الأفضل فيما يقدم، والمنتمي إلى عائلة فنية عريقة، فهو ابن المرحوم رفيق سبيعي (ابو صياح)، أما في الإخراج فهو ابن مدرسة المخرج الكبير هيثم حقي، وإضافة إلى أدواره التمثيلية فقد عرفه الجمهور مخرجاً متأنياً فيما يختار من نصوص تحمل بين طياتها المختلف، ساعياً إلى تقديم اقتراح بصري مغاير للسائد، وتاركاً بصمته الإخراجية التي يمكن تمييزها عن غيرها بسهولة، وبمعنى آخر فقد جهد خلال السنوات الماضية ليحفر لنفسه هوية فنية أصيلة من الصعب تقليدها، أقرب مثال على ذلك مسلسل «قناديل العشاق» الذي عرض في شهر رمضان الماضي. خبر الاعتزال الذي تم تناقله عبر «السوشيال ميديا» كان كفيلاً بأن ينكأ الجراح من جديد لكل متألم، ورغم أن العديد من أصدقاء المخرج سيف الدين سبيعي انبروا لمحاولة ثنيه عن الاعتزال، فانهم في قرارة أنفسهم بدوا متفهمين للأسباب التي وقفت خلف هذا الخبر، الكثير من الفنانين والمخرجين والكتاب والنقاد انبروا لمطالبة الفنان والمخرج سيف الدين سبيعي بالتراجع عن هذا القرار، حتى خرج عن صمته بعد أيام قليلة ليكتب على صفحته الرسمية في «فيسبوك» موضحاً أنه لم يُعلن اعتزاله أو توقفه عن العمل، لكنه تعب (نعم لقد تعبت)، وقال: قريباً سأتحدث أكثر عن الموضوع، سأتحدث عن وجعي الذي هو وجع كل من يعمل في هذه المهنة، سأتحدث عنكم وعني. هذه الهزة التي أحدثها الخبر كشفت مقدار الألم الذي يعتصر الكثيرين على واقع درامي آخذ بالتدهور، خاصة مع مقاطعة عدد من المحطات المهمة للعمل السوري، والتهديد بأن يُباع بأبخس الأثمان بما فيه تلك الأعمال المتميزة، مما يعني تدهور حالة التسويق، وهو الأمر الذي سبق ان رفضه الكثير من صناع الأعمال التي تأجل عرضها من العام الماضي، حين رفضوا أن يُبخس حق ما يُنتجون. ما فعله المخرج سيف الدين سبيعي كان كفيلاً بأن يحرك المياه الراكدة ويُطلق صرخة وجع شاطره فيها كثيرون، على أمل أن تتجاوز الدراما السورية المعوقات التي تقف في وجهها، وخاصة ما يتعلق بالتسويق وبآليات الإنتاج المُستحدثة.
مشاركة :