الموصل.. نهضة ثقافية بعد دحر «داعش»

  • 2/3/2018
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

تضج الموصل اليوم بالأنشطة الثقافية، بدءاً من المقاهي الأدبية والمعارض، وصولاً إلى المهرجانات، في مشهد يسعى من خلاله الفنانون وعشاق الثقاقة إلى استعادة روح المدينة و«تحرير» الفكر، بعد ثلاث سنوات من حكم تنظيم داعش. داخل مقهى «ملتقى الكتاب» الثقافي في حي الأندلس، شرق الموصل، يجلس صغار وكبار من رجال ونساء على مقاعد صغيرة، يتناقشون بشغف عن الأدب والموسيقى والسياسة والتاريخ. يرتشف هؤلاء الشاي والقهوة والعصائر، بينما يتصاعد دخان النراجيل على أنغام موسيقى عازف عود، يرافق شاعراً يلقي أبياته على منبر خشبي. في المقابل، على الجدار الوحيد الذي لا تغطيه رفوف الكتب، معرض صور، يجاور فيه شاعر القرن العاشر العراقي أبو الطيب المتنبي، الشاعر الفلسطيني محمود درويش (1941 ــ 2008)، إلى جانب لوحات تجريدية. قبل أشهر عدة، كانت فكرة افتتاح مقهى أدبي مختلط، يسمح بالتدخين، في ثاني أكبر مدن العراق، التي كانت خاضعة لسيطرة «داعش»، ستودي بصاحبها إلى القتل، أو أقله إلى الجلد. لكن رغم ذلك، حلم فهد صباح، أحد مؤسسي المشروع، بهذا المكان في تلك الحقبة. يقول صباح (30 عاما)، خريج الهندسة الميكانيكية العاطل عن العمل، حاله حال العديد من أصحاب الشهادات في العراق، «خطرت لنا فكرة تأسيس هذا الملتقى، عندما كنا محاصرين داخل الموصل من داعش، لزيادة وعي الناس وتنويرهم». وبمجرد أن طرد التنظيم من المدينة، بدأ صباح بالبحث عن مكان، وتخيّل تصميمه بنفسه. وخلال شهر واحد، تمكن من إيجاد محل صغير قرب جامعة الموصل، حيث استثمر كل مدخراته ومدخرات شريكه. يؤكد الشاب الثلاثيني أن الأمر يستحق التضحية، مشيرا إلى أنه يأمل من خلال هذا المشروع «نشر الثقافة المعرفية ما بعد داعش، وصولا إلى واقع جديد يتجاوز تلك الفترة المظلمة وآثار حربها». وكانت المطالعة على مرّ الزمان رفيقة العراقيين. وتتفاخر الموصل، التي كانت يوماً مركزاً تاريخياً للتجارة والثقافة في الشرق الأوسط، بشارع النجيفي، الذي يضم مكتبات غنية جداً. لكن الإرهابيين دمروا وأحرقوا ــ بشكل ممنهج ــ كل الكتب والمكتبات. أما اليوم، فهناك «رصيف الكتاب»، واحد من أبرز الملامح الثقافية الجديدة في الموصل، الذي اتفق عدد من الناشطين على تأسيسه قبل أسابيع عدة، أمام جامعة المدينة. من ناحيتها، ذكرت المهندسة هند أحمد (31 عاما)، التي وضعت حجابا ابيض مزيناً بفراشات ملونة، وارتدت سترة عاجية اللون: «للمرة الاولى أرى مثل هذه المشاريع الثقافية في الموصل بعد داعش، مشاريع تعمل على تحرير العقل والفكر بعد تحرير الأرض، وتتيح المجال للحضور والمشاركة أمام الجنسين». (أ.ف.ب)

مشاركة :