البشر مهدَّدون بالانقراض

  • 2/4/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كثير منا يفكر بما حصل من طفرة علمية عالمية فائقة القوى حوّلت العالم الساكن إلى عالم يعج بالصخب والتسارع الرهيب. عالمنا اليوم يختلف عن عالم آبائنا وأجدادنا، وربما عالم أولادنا وأحفادنا سيكون مختلفاً بما يشهد العالم من تطوّر غير مسبوق. التغيرات الحضارية والثقافية أتاحت للناس التعرف على شعوب كانت مطمورة وربما مهدّدة بالانقراض، اليوم كل إنسان يحاول أن يجد لنفسه قارباً يتيح له السفر من خلاله حول العالم، مستكشفاً خباياه وأسراره لعلّه يجد من يبحث عنه من أجوبة لتساؤلات لم يُجب عليها أحد، إلى أين نحن متجهون؟ كثير منا لا يعلم أين الطريق والمسار الواجب اتباعه، والسبب في ذلك هو الطوفان الرقمي الذي تسلل ليس فقط إلى حياتنا وأسرنا، وإنما أصبح العالم الوهمي يمثل مركز الحياة في نظر بعض من الشباب الغارق في هذا الوهم. أصبح الإدمان على هذا الواقع المزيف أقوى حتى من الإدمان على النيكوتين، والسؤال يُعيد نفسه مراراً وتكراراً: لماذا لا أستطيع التخلص من هذا الإدمان وأحوّله إلى نتائج واقعية عملية كي لا يصبح العالم الحقيقي عالم حرب وصراعات ونزاعات أشبه بغابة يحكمها حاكم واحد. العَالَم الرقمي عالم رائع لمن يحسن استثماره، وعالم متمرد، والحاكم إن سلمنا له عقولنا بأكملها وحياتنا بكامل تفاصيلها، وربما يؤدي هذا التمرد الى هلاكنا جميعاً في ظل تناقص الناجين من قارب النجاة، القارب الذي يحمل الناجين من هذا الطوفان، يقول في كل ثانية اخسر فيها عقلاً، ويسأل: لماذا؟ جيلنا اليوم يتعرض للغرق، فهل من منقذ لهذا الجيل، أو محرك يستثمر هذه العقول استثماراً صحيحاً ينفع به الإنسان! الجواب: نعم يوجد لكن هل نسمع نحن لهذا المنقذ؟ المنقذ ليس بعيداً عنا بل هو بداخلنا جميعاً، أطفالنا وأحفادنا هم أمل المستقبل، نحن نمهد الطريق كي يكملوا ما بدأناه، كل إنسان بداخله بذرة صالحة، فهل نحن قادرون على سقي هذه البذرة بالشكل المطلوب وعدم الخضوع والاستسلام لهذا الطوفان الشديد الذي يعصف بنا؟ هل من أضرار لهذا الوهم؟ هل هذا الوهم حقيقي بالنسبة لهؤلاء الذين أعطوه حريتهم وفكرهم؟ نعم القسوة والضغوطات والمحظورات التي أصبحت متاحة بشكل علني وقذف الناس بالكلمات والأكاذيب أصبحت تجرد الإنسان الباحث عن إشغال نفسه بشيء ما مسلّ كما يظن من إنسانيته بحجة: هذا رأيك وهذه حريتك وهذه فرصتك، وقد غفل عنها هولاء الناس الذين صدقوا هذه الخرافة وهم لا يعلمون أنهم أصبحوا دمية بيد هذا الحاكم المتمرد الشديد الذي لا مجال للخطأ أمامه، رغم هذه المعاملة القاسية غير الرحيمة بهم وبالآخرين، ما زال هذا الإنسان متشبثاً بهذا الزيف الذي صنع له واقعاً يهرب إليه من الواقع. لم يعد في حياة هؤلاء الناس أي معنى للوقت؛ لأنهم فقدوا الإحساس بالمسؤولية تجاه أنفسهم وحياتهم وأهدافهم. نرى أن الوقت ثمين جداً في عصرنا هذا، وفي ظل التطور في كافة المجالات، لم يعد هناك مجال للعودة أو لتصحيح الماضي، وإنما هناك فرصة لتصحيح الحاضر لأجل المستقبل. إن العالم الرقمي هو فرصتنا لتقريب الشعوب فيما بينها تحت مسمى الإنسانية؛ ليدرك العالم أننا نحن عرق غير نقي، وإنما نحن لأعراق يوجد فيما بيننا تشابه نتشارك في اللاإنسانية. نحن مهددون بالانقراض ليس بأجسادنا، بل بعقولنا ومشاعرنا التي تنحدر إلى أن تكون معدومة، إطفاء هيمنة العقل لتُفرض هيمنة الحاكم عليه, وتجريد مشاعر الإنسان وجبروتها؛ لتصبح مزيفة لتفقد قدرتها على التعبير والإحساس بالآخرين. إطفاء هذه القوى التي بداخلنا ستؤدي إلى انقضاء أعمارنا دون شعور، وهذا ما سيؤدي إلى انقراض البشر. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :