قال الشاعر :وليس يصح في الأفهام شيءإذا احتاج النهار إلى دليلالمثل العربي يقول (باب النجار مخلع) فهل يعقل أن شركة نفط الكويت التابعة لمؤسسة البترول الكويتية ترفض توظيف خريجي هندسة البترول من الشباب الكويتي الذي كان يحلم بالحصول على وظيفة في مجال تخصصه بعد سنوات من الدراسة والغربة لأن الكثير منهم درس في جامعات أجنبية بحجة أن شركة نفط الكويت عينت خلال السنوات الخمس الماضية 458 مهندسا وهي ليست بحاجة لهذا التخصص وهو عذر أقبح من ذنب.هناك بيت شعر يقول (إن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم) بالكويت تعتمد في اقتصادها علي مورد واحد وهو النفط وبنسبة 95% ومؤسسة البترول لديها خطة تغطي احتياجات ومشاريع المؤسسة إلي سنة 2040 وهي تنوي صرف مبلغ وقدره 500 مليار دولار علي هذه الخطة يعني أن هناك مشاريع ضخمة في الطريق ورغم ذلك تعجز عن توظيف مهندسين جدد في تخصص هندسة البترول فهذه المشاريع بحاجة إلى مهندسين وكفاءات كويتية لإدارتها ولابد من تأهيل هذه الكوادر خاصة أن العدد الإجمالي لمهندسي هذا التخصص لم يصل حتى إلى الألف مهندس من أصل أكثر من 20 ألف موظف في القطاع النفطي الذي يفتح المجال على مصراعيه للعمالة الوافدة من خلال العقود المشبوهة ويبخل على العمالة الوطنية المؤهلة لإدارة القطاع. من المفيد القول إن مهندس البترول ليس بالضرورة أن يعمل في شركة نفط الكويت التي تتخصص بإنتاج البترول فهم يستطيعون العمل في الشركات النفطية الآخرى مثل شركة البترول الوطنية المسؤولة عن قطاع التكرير وخاصة أن فيها مشروعات ضخمة تحت الإنشاء مثل مشروع الوقود البيئي ومشروع المصفاة الرابعة وهناك شركات أخرى في القطاع النفطي مثل شركة البتروكيماويات والاستكشافات والناقلات وكلها لها علاقة بمجال النفط ومن خلال دورات تدريبية يستطيع مهندسي البترول العمل في أي شركة من الشركات التابعة لمؤسسة البترول الكويتية . أن القطاع النفطي تحول إلي مغارة علي بابا فهو البحر الذي يغرف منه حيتان المال العام وأصحاب شركات المقاولات والمتنفذين ليس فقط الملايين بل المليارات فهناك عقود مر عليها نصف قرن وهي تتوارث من جيل إلى جيل وكانها كيكة قد تم توزيعها علي حفنة من اتجار أصحاب شركات المقاولات وطبعا يعمل في هذه الشركات مهندسين وعمال عددهم يزيد عشرات المرات عن عدد موظفي القطاع النفطي ولا تجرؤ مؤسسة البترول ولا حتى الحكومة الرشيدة علي تخفيض العمالة الوافدة في القطاع النفطي لأنها مرتبطة بعقود تنفيع لحيتان المال العام . ليس من العقل أو المنطق أن يكون مهندس بترول كويتي عاطلا عن العمل في بلد يعتمد في اقتصاده علي البترول فأكبر ميزانية هي ميزانية القطاع النفطي والتي المفروض أن يستفيد منها الشباب الكويتي وليس حفنة من كبار المقاولين وهذا التخصص ليس هندسة كمبيوتر أو إدارة أعمال يستطيع أن يعمل في تخصصات كثيرة في الشركات والبنوك ولكن تخصص هندسة البترول ليس عنده مجال آخر سوى القطاع النفطي وليس هيئة الزراعة !! . هناك إشكالية كبيرة وهي أن مخرجات التعليم والجامعات ل اتتفق مع متطلبات واحتياجات سوق العمل وهذا ليس ذنب الشباب الذي يحملون شهادات مهندسي البترول ولكن مسؤولية مؤسسات أخرى مثل مؤسسة البترول ووزارة التعليم العالي وهذا ليس حال القطاع النفطي ولكن كثير من القطاعات فهناك مثلا فائض كبير في المدرسين في التخصصات الأدبية ونقص كبير في مدرسي التخصصات العلمية لأن الحكومة للأسف لديها وزارة تخطيط هي ديكور فقط فهي آخر من يفهم في التخطيط. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو ما مصير الشباب الكويتي الذي لازال يدرس سواء في جامعة الكويت أو الجامعات الأخرى تخصص هندسة البترول إذا كانت مؤسسة البترول قد اكتفت وترفض تعيين مهندسين بترول في القطاع النفطي وقطعا سوف يكون لدينا طابور طويل من العاطلين عن العمل وخاصة من خريجي هندسة البترول . إن إدارة القطاع النفطي وخاصة شركة نفط الكويت بحاجة إلى غربلة وإعادة هيكلة فهناك تبادل مصالح بين كبار المسؤولين وأصحاب شركات المقاولات التي تحتكر عقود شركة البترول والمطلوب هو وقف هذا الصنبور إلا في حالات الحاجة القصوى وإحلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة في شركات المقاولات حتى يكون هناك مجال للشباب الكويتي للعمل في القطاع النفطي وخاصة في تخصص هندسة البترول الذي لم يعد مطلوبا في بلد يعتمد في اقتصاده على مورد واحد هو النفط وهذا ما يؤكد أن هناك سوء تخطيط وإدارة في الوزارات والمؤسسات الحكومية وأن الثروة النفطية تستفيد منها حفنة من المتنفذين وحيتان المال العام ويحرم منها الشباب الكويتي الباحث عن عمل بالقطاع النفطي.أحمد بودستور
مشاركة :