صراع اليمين واليسار في انتخابات الرئاسة القبرصية

  • 2/5/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

استرجع صخب السنوات السابقة في سباق انتخابات الرئاسة في قبرص، قياساً بالهدوء التام للناخبين والمرشحين اليوم، ما يؤكد ان ثقافة الحوار والتعايش السياسي بين الاحزاب خفت حدتها القديمة، وبات الناخب القبرصي موزعًا بين تلك الخبرة والثقافة الانتخابية ومرونة الحراك الانتخابي بين القوى السياسية، التي ما عادت قادرة على ضبط الاعضاء في خياراتهم للمرشحين، او فرض اسماء عنوة على قاعدة الحزب، دون ان تمر بفلتر الاجتماعات المكثفة الاكثر ديمقراطية داخل الحزب؛ كي لا يتم فرض المرشح من قبل «لوبيات» حزبية قيادية، وعلى الاعضاء والكوادر الالتزام بالتصويت.  ذلك الزمن قد توارى تماماً وعززه في صفوف اليسار انهيار مشروع الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي. هذا من جهة، ومن الجهة الاخرى ما عاد اليمين ينظر بتلك النظرة الضيقة للاحزاب القبرصية الاخرى، بمجرد وجود تلك الاختلافات الايديولوجية الحادة كما هي فترة الحرب الباردة.  هكذا تشعر ان انحسار اليافطات والبنارات وكل تكاليف الاسراف الانتخابي قد تقلص كثيراً، وقد لعبت الازمة المالية جزءاً منه ولكن الجزء الاكبر امكانية الوصول للناخبين، باتت متنوعة واسهل مع وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية التي صارت محتاجة للحوارات والمقابلات السياسية مع المرشحين، لتنشيط برامجها الاعلانية والتجارية. فما عاد المرشح يحجز له مقابلة مدفوعة الاجر كما نظن، فكل المحطات الصغيرة بحاجة لتلك الفترة الزمنية لماراثون سياسي يتسابق فيه المرشحين للرئاسة.  من شهد الاحد الفائت 28 يناير 2018، مدى الهدوء القاتل لربما لم يشعر ان تلك المدن القبرصية تمر بفترة تصويت انتخابي، فالناس اختفوا من الطرقات والصناديق ستكون خاوية، غير ان المواطن القبرصي ماعاد على عجلة من امره، ولا يوجد ما يثير انزعاجه وقلقه الكبير كالسابق، بضرورة ان يكون الرئيس يسارياً او وسطياً او من اليمين، حتى وان كان صوته لرئيس محدد، فالمسألة سيان في اجندته الجديدة، فلا احد بامكانه فعل معجزة للمسألة القبرصية، لذا اليمين واليسار متفقان ويتعاونان حول الملف الاقتصادي والتنمية والاستقرار، وعلى ثنائية الدولة الفيدرالية للطائفتين، وحده بات يمين الوسط (ذيكو) متشبث باطروحاته القديمة.  هدوء الناس اثناء الانتخابات تعكس حقيقة الشخصية القبرصية وابتعادها عن الروح العدوانية والعنيفة في الحملات الانتخابية، فبعد 44 عامًا من الانتخابات الديمقراطية التي تعمقت بعد فترة الغزو حتى يومنا هذا، تدفع المجتمع في اتجاه الفهم الحقيقي لثقافة الديمقراطية ومعنى صناديق الانتخاب ومساحة الناخب الحزبي في حق اختيار المرشح الذي يريده، خاصة عندما يغيب مرشح يدعمه الحزب مباشرة، ودون ان تكون هناك مسائل خلافية حول المرشح المعني.  بتلك الروح السياسية القبرصية الجديدة وظواهرها المستجدة، تنافس خمسة مرشحين للرئاسة، ثلاثة منهم تاريخيا يتنافسون على المناصب البرلمانية والرئاسية، فيما تراجع كثيراً للوراء الحزب الرابع وهو حزب الحركة الديمقراطية الاشتراكي (اديك)، فيما دخل السباق الرئاسي حزبان صغيران لم يحققا مجتمعين معاً اكثر من 8% من اصوات الناخبين الذين يحق لهم التصويت ويبلغ عددهم 550876.  وبرزت حالة انكفاء واضحة حيث لم يصوت من تلك الاعداد إلا 71.4% من الاصوات، فيما بلغت المصوتين في انتخابات عام 2013 بنسبة 83.14%.  ووفقاً للاحصائية النهائية للجنة المنظمة الانتخابات، فقد حصل نيكوس اناستاديس (الرئيس الحالي) والمدعوم من حزب ديسي اليميني على 137268 صوتاً بنسبة (35.51%) فيما جاء المرشح المستقل ستافروس مالاس المدعوم من الشيوعيين (حزب اكيل) في المركز الثاني وحصل على 116920 صوتاً بنسبة (24.30%) من اصوات الناخبين، كما جاء في المركز الثالث مرشح الحزب الديمقراطي (ذيكو) نيكولاس بابادوبولوس، وهو يمثل تيار الوسط في المجتمع القبرصي فحصل على 99508 صوتا بنسبة (74.25%) من الاصوات. فيما حصل مرشح حزب (ايلام) اليمين القومي الفاشي) خريستوس خريستو على 21846 صوتًا، فجاء في المركز الرابع وبنسبة (5.65%)، فيما جاء ليليكاس مرشح حزب تحالف المواطنين في المرتبة الاخيرة وبنسبة (2.2%). وبذلك يتنافس يوم الاحد بتاريخ 3 فبراير 2018 مرشحا اليمين واليسار التاريخيان على منصب الرئاسة. والمفارقة انهما تنافسا في انتخابات 2013 وخسر فيها الشيوعيون امام اليمين القبرصي. فكيف ستكون هذه المرة فرصة مرشح الشيوعيين؟ طالما ان الفرق بينهما 5.27% وهي مساحة قابلة في الجولة الثانية لتغيير المعادلة، إذ سيكون لحزب الوسط واحزاب صغيرة (الخردة /‏ الفراطة) دور مهم لتبدل الميزان السياسي الانتخابي. لا يمكننا التنجيم ولا معرفة مزاج الناس خلال هذه الفترة الضيقة من قرارها التاريخي.

مشاركة :