لعل الوصف الأقرب للزيجات التي يرتبها البرنامج التلفزيوني الأميركي «متزوج من طريق أُمّي وأبي» أنها تشبه الزيجات التقليدية في المجتمعات الشرقية، ومنها المجتمع العربي، حيث يختار الأهل في الغالب شريك الحياة للأبناء، ولا يسع هؤلاء إلا تقبل ما اختاره لهم أهلهم، بل أن بعض المجتمعات المحافظة يمنع لقاء بناتهم مع الذين ينوون الزواج منهن، حتى يوم العرس. لكن الفروقات بين الزيجات التي يُحضر لها في البرنامج التلفزيوني (تنتجه شركة «ثينكفاكتوري ميديا» الأميركية وتعرضه قناة «تي أل سي»)، وتلك التي تتم في المجتمعات الشرقية، أن الزيجات في الأولى آتية من رغبة المشتركين في البرنامج، والذين ملّوا من حياة العزوبية أو الفشل الدائم بإيجاد الشريك المناسب، لذلك تراهم رحبوا بعرض البرنامج الغريب، بأن يقوم أهلهم بالبحث عن الشريك المناسب لهم، ضمن مجموعة الباحثين عن الزواج من الجنسين. يقدم كل موسم من البرنامج شابين وشابتين، ويسجل رحلتهم مع أهلهم على طوال زمن الموسم للعثور على الشريك العاطفي المناسب. يختلف البرنامج بهذا عن برامج مماثلة تختص كل حلقة من حلقاتها لمشترك واحد، حيث يختفي الأخير بعد نهاية الحلقة ليحل محلّه في الحلقات الأخرى مشتركون جدد. يبدأ الموسم من البرنامج التعريف بالمشتركين، وأسبابهم في اللجوء إلى أهلهم لاختيار شركائهم العاطفيين، التي تكاد تتشابه، فمعظمهم وصل إلى سّن الثلاثينات من دون نجاحات كبيرة في العثور على الشريك المناسب لتمضية العمر معه. فيما وصف بعض المشتركين خطوتهم الجدليّة هذه بأنها نوع من الثقة في أهلهم، مثل تلك الأميركية الشقراء التي كشفت أن والديها هما أقرب الناس إليها، وأنهما يحبانها كثيراً، لذلك يكون من المنطقي أن تسلم مسألة البحث عن عريس المستقبل لهما. لن تكون مهمة الأهل في البرنامج سهلة، ذلك أن عليهم مقابلة المرشحين المحتملين، والمفاضلة بينهم، وهذا يقود إلى خلافات بين الأهل أحياناً، خاصة أن بعض الآباء والأمهات الذين اشتركوا في البرنامج يعملون للمرة الأولى على مشروع جدي مثل البحث عن شريك حياة لأبنائهم، وبعد طلاقهم الذي تم قبل سنوات طويلة. يخضع الأهل في البرنامج المرشحين للزواج بأبنائهم أو بناتهم إلى اختبارات، ويقضون معهم أوقاتاً طويلة، من أجل التعرف اليهم بصورة أفضل. كما يراقبون اللقاءات الأولى التي تجري بين أبنائهم أو بناتهم مع المرشحين للزواج، وتسجيل ملاحظات عن هذه اللقاءات من أجل التقويم النهائي. في نهاية مرحلة التعرّف على المرشحين يقع اختيار الأهل في البرنامج على شريك/ شريكة لأبنائهم وبناتهم، بيد أنهم يبقون اختيارهم هذا سريّاً وحتى يوم الزفاف. ولا يكتفي البرنامج بمتابعة عمليات اختيار الشريك، بل يبقى مع المشتركين فيه إلى يوم الزواج الفعلي. وإذا كان برنامج «متزوج عن طريق أُمّي وأبي» يتميز عن كثير من برامج تلفزيون الواقع المماثلة بصدق المشتركين فيه، واللحظات المفاجئة بعفويتها التي يسجلها للأهل والباحثين عن شركاء على حد سواء، فإن فقرة حفلات الزواج وإخفاء هوية المرشح الذي وقع الاختيار عليه، هي زائدة كثيراً، وتندرج ضمن الإثارة الصرفة التي تسعى إليها برامج تلفزيون الواقع.
مشاركة :