طلب الادعاء في بروكسيل في ملف مجزرة باريس التي أوقعت 130 قتيلاً عام 2015، السجن 20 سنة لصلاح عبد السلام وشريكه سفيان عياري، المتهمَين بإطلاق النار على شرطيين في آذار (مارس) 2016. وقالت ممثلة النيابة الفيديرالية كاثلين غروغان إن هذه العقوبة القصوى التي تنصّ عليها محكمة الجنح لإطلاق النار على شرطيين، مضيفة: «كان الشرطيون أمام وضع أشبه بساحة حرب، وإنها لمعجزة عدم سقوط قتلى» بينهم. وكان صمت رهيب خيّم صباح أمس على قاعة المحكمة في بروكسيل، عندما أمرت رئيسة المحكمة رجال الأمن بالإتيان بالمتهم عبد السلام، وهو مغربي والوحيد المتبقي حياً بعد مقتل جميع المشاركين في المجزرة. وطالت لحظات الصمت لرصد أي عبارة يلفظها الرجل الذي ترك لحيته طويلة وصفّف شعره الطويل إلى وراء. ولم يفاجئ عبد السلام المحكمة بالتزامه الصمت، إذ رفض أي تعاون مع المحققين منذ الأيام التي تلت توقيفه، خصوصاً منذ تفجيرات بروكسيل في 22 آذار 2016. لكنه تحدث باقتضاب، متهماً المحاكم الأوروبية بحرمان المسلمين من افتراض البراءة إلى حين إثبات إدانتهم. ويمثل صلاح عبد السلام وسفيان عياري أمام المحكمة، في ملف المواجهة التي حدثت في 15 آذار 2016 في ضاحية «فوريست» جنوب غربي العاصمة البلجيكية، وأُصيب خلالها شرطيان وقُتل فيها محمد بلقايد، وهو جزائري أقام في السويد وقاتل في سورية، فيما نجا صلاح عبد السلام وسفيان عياري، المُتهمان في الاعتداء على رجال الأمن وبمحاولة قتل في ظروف إرهابية. سلك صلاح عبد السلام استراتيجية الصمت، وبرر «رفضه الوقوف لأنه مُتعب، إذ لم ينم البارحة وأيقظه» رجال الأمن باكراً لنقله من سجن قرب مدينة ليل إلى قاعة المحكمة، وسط تدابير مشددة تُعتبر سابقة. وأوضح صلاح أنه «يلتزم الصمت لأن ذلك لا يجعل منه مجرماً»، وزاد مخاطباً رئيسة المحكمة ماري فرانس كيوغتين: «هناك أدلة علمية كافية (في الملف) يمكن الاستناد إليها، بدل إرضاء الرأي العام ووسائل الإعلام. يتعرّض المسلمون لظلم ولا يُنصفون، ولا وجود لمبدأ البراءة قبل الحكم». في المقابل، أجاب التونسي سفيان عياري جزئياً عن أسئلة المحكمة. وأقرّ بفراره مع عبد السلام من النوافذ الخلفية للشقة التي دهمتها قوات الأمن، منتصف آذار 2015، وعثرت فيها على أسلحة ومتفجرات وصاعقين ومواد تُستخدم في ألعاب نارية. وتركّز المحاكمة على ملف المواجهة فحسب، وتستبعد تحقيقات في مجزرة باريس وتفجيرات بروكسيل. وأوضح عياري أنه كان غادر إلى سورية عبر تركيا، أواخر العام 2014، من دون علم ذويه «من أجل الانضمام إلى تنظيم داعش، لأنه وجبهة النصرة يحاربان نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد». وفي كل مرة حاولت فيها القاضية الحصول على أجوبة دقيقة في شأن دوره في «داعش» في مدينة الرقة، وتفاصيل رحلته من سورية إلى بلجيكا وأسماء مَن ساعده ودوره داخل الشبكة، كان عياري يتحصّن بعدم التصريح ويقترح العودة إلى ملف التحقيق. لكنه كشف عن جوانب من ميوله «الداعشية»، إذ رفض شجب العمليات الإرهابية التي نفذها التنظيم في عواصم أوروبية، قائلاً: «لا شك هناك دوافع لهذه العمليات، يعلمها من نفذها». وسالته القاضية رأيه في عمليات شهدتها تونس، فردّ: «يجيب عليها من نفَّذها». وكانت قوات مكافحة الإرهاب أوقفت المتهمَين في 18 آذار 2016، قبل 4 أيام من تفجيرات بروكسيل. ونُقل عبد السلام من سجن «فلوري ميرجيس» قرب باريس إلى آخر قريب من مدينة ليل شمال فرنسا، لاختصار المسافة إلى العاصمة البلجيكية. أما عياري فيقبع في سجن «لانتان» في بلجيكا.
مشاركة :