شكرا جبران باسيل لأن سخافتك و"ولدنتك"، كانت ولو من دون قصد، بمثابة "جهاز كاشف للكذب" الذي عرّى السياسيين.. والتي بسرعة البرق التحقت كل مجموعة بقطيعها.. فسقطت شعارات العلمنة والغاء الطائقية السياسية وباتت الطائفة فوق الوطنية والتنوع ولبنان الرسالة اكبر اكذوبة.. وباتت العودة الى العصر الجاهلي وربما الى القرون الوسطى تفوق سرعتها سرعة الضوء. "جهاز" كشف كذب السياسيين، لم يأت بجديد، فاللبنانيون حتى البسطاء والعاديين يعرفون ذلك.. وليسوا بحاجة لأي "جهاز". فوعود السياسيين بتأمين الكهرباء والمياه والطرقات وخفض العجر وحق تامين العلم والعمل.. وعود "عرقوبية"، والإنتقال من المزرعة الى دولة المؤسسات ومحاربة ومحاسبة السياسيين الفاسدين.. دليل كاف. الا يُقال: كلام الناس من علم الفلك! الفقير لا يسرق، والمواطن ليس لديه "جبنة" او "قالب حلوى" ليتقاسمه مع احد. الفقير يكتفي بالقول: "الشبعان لا يجوع والجوعان لا يشبع".. "يذهب الشبعان ويلأتي الجائع". السجون مكتظة بالسارقين الصغار.. فيما سارقي لقمة عيش الشعب هم احرار ويتصدرون الصالونات.. لكن الفقراء لديهم حاسة سادسة وسابعة يعرفون السارقين الكبار وأكلة الجبنة وهم يشيرون اليهم مباشرة بالأصبع دون الحاجة لـ"أجهزة"، فصفقاتهم يشتّمها الناس عن بُعد. قد لا يعرف المواطنون تفاصيل الصفقات لكنهم بحواسهم يشتمُون صفقات السياسيين من التلزيمات بـ"التراضي" وبواخر الكهرباء ومن الجمارك وبلوكات النفط والغاز وشركتي الخليوي والصرف على القاعدة الإثني عشرية وروائح الضمان الإجتماعي ومراكز الميكانيك وهدم البيوت التراثية القديمة ومئات الكسارات و"الزفت" الذي يشبه اي شيء إلا الزفت.. وتطول اللائحة الى ما لا نهاية. ومن يعتقد ان المواطن لا يرى ولا يسمع ولا يحس ولا يشتم روائح صفقاتهم فهو جاهل وغبي واعمى لأنه لا يعيش مع الناس ولا بينهم.. فيا فقراء لبنان إتحدوا. وبالعودة الى جبران باسيل فإن الشكوك بدأت تحوم حوله منذ اشهر.. والتصريحات الني ادلى بها قبل الأزمة الأخيرة كانت واضحة جدا لمن يقرأ واذا قرأ ان يكون مستعدا ليفهم. كلام باسيل هادف ومخطط له وهو لا يُخفي نواياه، ان كان بعض المقربين لحزب الله وابواقه الإعلامية لا زالوا يروجون ويبررون ان كلامه، القديم والجديد منذ انتخاب الرئيس عون وحتى اليوم، انه "زلة لسان" او "هفوة" غير مقصود. ولكن السؤال يبقى لماذا إنعطافة باسيل اليوم: - ما معنى قول باسيل وعلى قناة "الميادين" في 26 كانون الأول 2017، "إن عداءنا لإسرائيل ليس إيديولوجياً". ولو قال "غيره" ايا كان هذا "الغير" هذا الكلام لسقطت عليه لعنات العمالة والخيانة والأبلسة ولهُدرت دماءه وحكُم عليه بالإعدام. - لو سخر وزراء القوات مثلا كما سخر باسيل في مجلس الوزراء من الدعوة لمقاطعة المطبّعين مع العدو.. ماذا كان ليفعل وزاء الممانعة؟ اما كانوا طالبوا بطردهم من الحكومة؟ - ماذا لو قال احد السياسيين ما قاله باسيل من "ان القرارات التي يتخذها حزب الله في الموضوع الداخلي لا تخدم الدولة وهذا ما يجعل لبنان يدفع الثمن"؟ السياسي والإقتصادي. - وماذا عن قول باسيل: "ان وثيقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله "وثيقة كنيسة مار مخايل" لا تُطبَّق من قلب حزب الله بحجة قضايا السياسة الخارجية"؟ - ماذا عن وصف باسيل للرئيس نبيه بري بـ"البلطجي"، وتوعده بـ""تكسير رأسه"؟ ولو قال هذا الكلام سياسي غيره لما كان انتهى الأمر باكثر وأكبر من "غزوة"؟ - هل محاولة باسيل هزّ الثنائية الشيعية يُقصد منها الضغط على حزب الله لفك تحالفه مع حركة أمل، بحجة أن الرئيس بري يعرقل سياسة العهد؟ هو هفوة؟ وها "الفرفور ذتبه مغفور"؟ - هل تزامُن تصعيد باسيل مع أدراج الخزانة الأميركية عقوبات جديدة على كوادر حزب الله؟ وهل تزامن التهديدات الإسرائيلية لنفط لبنان مع كلام باسيل.. هي هفوات مبررة؟ من يحلو له ادراج هذه المواقف انها انتخابية ولشد العصب المسيحي انتخابيا قبيل الأنتخابات النيايبه فهو يُجافي الحقيقة ويعرف انه يكذب، فحساباته سياسية وخارجية وليست انتخابية.. وهل انعطافة باسيل ستُدفّع حزب الله ثمن رهاناته؟ امام كل هذا، لماذا صمت حزب الله؟ لماذا تأخر في دعم الرئيس بري؟ لماذا تأخر في فرض الحل؟ علما ان الحل جاء على قاعدة لا غالب ولا مغلوب فساوى الرئيس بري بباسيل.. هل بات حزب الله يخاف من باسيل؟ هل الأولوية الإبقاء على وثيقة مار مخايل.. هل يخشى من انقلاب باسيل وتموضعه في محور آخر ان يخسر الغطاء المسيحي؟ كثيرة هي الأسئلة الموجهة لحزب الله الصامت لكنه العارف.. سننتظر ونرى؟ د. صلاح ابو الحسن كاتب لبناني
مشاركة :