أرجىء في جنوب افريقيا الثلاثاء خطاب حال الأمة الذي يعد مناسبة سياسية رئيسية سنوية في وقت يواجه حزب المؤتمر الوطني الإفريقي أزمة داخلية وسط دعوات في صفوفه للإطاحة بالرئيس جاكوب زوما. ويكافح زوما الذي يحكم البلاد منذ العام 2009 من أجل البقاء في منصبه في وقت يطالب قسم من حزبه بعزله بعد عدة فضائح فساد. ويشهد حزب المؤتمر الوطني الافريقي الذي يحكم البلاد منذ فوز نلسون مانديلا بالانتخابات التي جرت عام 1994 بعد انتهاء نظام الفصل العنصري، انقساما بشأن مسألة إزاحة زوما من منصبه. وكان من المفترض أن يلقي زوما خطاب حال الأمة أمام البرلمان في الكاب (كيب تاون) الخميس. لكن اللجنة الوطنية التنفيذية التي تمتلك سلطة القرار في الحزب، قرر عقد اجتماع الأربعاء للنظر في مصير الرئيس. وقالت رئيسة البرلمان باليكا مبيتي للصحافيين “راينا اننا نحتاج إلى مساحة لإشاعة أجواء سياسية مواتية في البرلمان”. وأضافت “عندما التقينا الرئيس بعد ظهر اليوم، تم إعلامنا بأنه يكتب (رسالة) للبرلمان لطلب تأجيل” الخطاب مضيفة أنه سيتم الإعلان عن تاريخ جديد “قريبا جدا”. ومن الممكن أن “تزيح” الهيئة المكونة من 80 عضوا زوما الأربعاء من منصبه وهو ما قد يرفض الرئيس الامتثال إليه الأمر الذي يهدد بحدوث فوضى سياسية. – انقسام في الحزب الحاكم من جهتها، قالت الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الوطني الافريقي جيسي دوارتي للصحافيين إن كبار المسؤولين في الحزب ناقشوا مصير زوما الاثنين. وأوضحت “تمت مناقشة الموضوع بشكل مستفيض للغاية. بإمكاني أن أقول لكم أن هناك آراء متباينة”. ويدعو العديد من أعضاء الحزب إلى إحلال الزعيم الجديد للحزب سيريل رامافوزا فوراً مكان زوما البالغ من العمر 75 عاما. لكن أنصار زوما قالوا إن على الرئيس الحالي اكمال ولايته الثانية والأخيرة التي تنتهي عند اجراء الانتخابات العام المقبل. وأكدت دوارتي أنه في حال استقال زوما، فإن رامافوزا سيصبح رئيسا على الفور. وقالت “ما نأمل به هو أن تتوصل اللجنة الوطنية التنفيذية إلى رؤية موحدة بشأن هذه المسألة”. وهز الصراع على السلطة أوساط الحزب التحرري الذي كسب شعبيته من قيادته الحرب ضد حكم الأقلية البيضاء. لكنه خسر جزءا كبيرا من الدعم الشعبي له منذ ذلك الحين. وقال المحلل من مركز ابحاث “فغوبيرا” في دوربان فغولاني دوبي إن “جاكوب زوما ليس خصما ضعيفا”. وأضاف لوكالة فرانس برس “إنه لا يحترم رامافوزا كون الاخير لم يمر بجميع الطقوس الضرورية ليصبح رئيسا لحزب المؤتمر الوطني لم يدخل السجن ولم يعش في المنفى”. ورحبت جميع الأحزاب بقرار تأجيل الخطاب الذي يبدو أن البرلمان يحاول من خلاله تجنب حدوث حالة من الفوضى. وقال زعيم المعارضة مميوزي مايمان إنه لا يمكن أن يتحول خطاب حالة الأمة إلى “ممارسة للعلاقات العامة من قبل رجل على وشك أن يُعزل ولربما يسجن”. من جهته، ترأس زوما اجتماعا وزاريا في الكاب الثلاثاء. ولدى مغادرته البرلمان حيا الصحافيين بشكل مقتضب قبل أن يسرع إلى سيارته. وواجه زوما عدة قضايا بينها الاشتباه بأنه تلقى 783 دفعة مالية مرتبطة بصفقة أسلحة قبل وصوله إلى السلطة عام 2009. ويركز الكثير من التهم المتعلقة بالفساد ضده على عائلة غوبتا الثرية المتهمة بالحصول بشكل غير عادل على عقود حكومية مجزية وتدخلت حتى في التعيينات الوزارية. – “لا يصلح للحكم” ويوم الثلاثاء، دعت مؤسسة نلسون مانديلا التي تحافظ على إرث رمز جنوب افريقيا المناهض للعنصرية إلى عزل زوما كونه “أثبت أنه غير صالح للحكم”. وأشارت المؤسسة في بيان إلى وجود “أدلة دامغة على أن النهب المنظم الذي مارسته شبكات مصالح على ارتباط بالرئيس زوما شكل خيانة للبلد الذي حلم به نلسون مانديلا”. وبإمكان زوما ترك منصبه عبر الاستقالة أو سحب البرلمان الثقة منه أو من خلال اجراءات لعزله. وتقدمت المعارضة بمذكرة لحجب الثقة عن الرئيس يفترض ان يتم التصويت عليها في 22 شباط/فبراير. وأخفقت مذكرة سابقة من هذا النوع في آب/اغسطس الماضي بفارق 24 صوتا. ومن الممكن كذلك أن “يزيحه” حزب المؤتمر الوطني. لكن هذه ستعد عملية حزبية وليس قرارا دستوريا. لكن المحلل من مجموعة “مابلكروفت” الاستشارية في لندن بين بايتون حذر من أنه “في حال عدم استقالته بعد إزاحته (من قبل الحزب) فستعم الفوضى”. وقال إن “رامافوزا سيبدو ضعيفا إذا لم يتمكن من الإطاحة بزوما الآن. لن يكون بإمكان رامافوزا التراجع الآن دون أن يفقد ماء وجهه”. ورامافوزا (65 عاما) نقابي سابق قاد المحادثات التي أدت إلى انتهاء الحكم العنصري في مطلع التسعينات حيث أصبح لاحقا رجل أعمال ثري قبل أن يعود إلى عالم السياسة.
مشاركة :