سرّ المعتقدات الشعبية

  • 2/7/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

المعتقدات الشعبية جزء هام من تكويننا وسلوكنا، وهي منغرسة في قلوبنا كما نرى، ولا نكف عن ملاحقتها أمام تكرار حكاياتنا اليومية، ورغم أنها تخيلات وبلا منطق أو سبب علمي، لكننا لا نريد لها الزوال بعد أن ورثناها بحب واستراح لها الخيال، لذا لا يريد البعض إتلافها وإن لم تقنعهم أمام حجة العقل، لتبقى مؤرخة في ذاكرة القلوب. الأمر الذي يدعونا الآن إلى فهم شخصياتنا الأولى أمام شخصيات الشعوب الأخرى، من خلال ثقافة المعتقد، فمن منا زار متحفًا من متاحف العالم ولم يرَ لوحة تصور معتقدًا شعبيًا؟ ومن منا لم يقرأ رواية شعبية تشير إلى تراثها الحنون؟ أو شاهد فيلمًا سينمائيًا أو مسلسلاً كرتونيًا تلفزيونياً خرج من معتقد شعبي؟ وأقول ذلك لأن بين يدي اليوم كتاب جميل بعنوان «معتقدات شعبية في دولة الإمارات» صدر هذا العام للباحثين الإماراتيين القديرين عائشة بالخير وإبراهيم الهاشمي اشتركا فيه معًا ليجمعا معظم معتقداتنا الشعبية، لأجد الكثير منها لم تختفِ وما زالت خبيئة في الصدور، وتحتل مكانتها في النفوس. كتابٌ يستحق المطالعة لأنه يذكرنا كيف كان السلف يعتقدون بأن كثرة التثاؤب من علامات الحسد، ورش الملح في أركان البيت الجديد ضروري قبل السكن فيه، وإن حلَّ وقت المغرب فالضجيج غير محمود لأنه يجلب الحزن، ولا يحبذ الصفير لأنه يأتي بالأفاعي، والرجلُ منحوسٌ إن ماتت زوجته قبل الإنجاب منها. ولفك نحسه يُزف إلى النخلة بعد أن يلبس ثيابه بالمقلوب... وللوليد حضور بطعم التمر بعد عجنه يُلصق في سقف الحلق، ليصبح فطنًا إن كبر، ويُكحل عين الرضيع كي تصير عينه واسعة وجميلة، وما أن يكمل أسبوعًا يوزع اللحم على الأقارب والجيران في طقس يسمى السُبوع، وإن تأتأ فهذا يعني أحدهم ضربه على يده. أما إن قَبَّلَ أحدهم يده فسيكبر بخيلاً، وإن سقطت أسنانه اللبنية يقومون برمي السن باتجاه الشمس، مرددين: «منحناك ضرس الحمار فامنحنا ضرس الغزال» تأملاً بنمو أسنان أجمل، وفرقعة الأصابع من الأفعال المعيبة، والحذاء المقلوب حظ سيئ، ووضع الحناء في أسفل القدم يخفف من صداع الرأس، وتكرار سقوط عصاة الزوج دلالة على خيانة زوجته، واللعب بالمقص يأتي بالخلاف الأسري، وشرب القهوة من فنجان مشروخ يجلب الفقر، ولبس العباءة بالمقلوب شؤمٌ ويقلب الطالع، والعطسة أثناء الحديث دليل على صدقه... والكثير من اعتقادات دافئة كانت ثقافة اجتماعية مستطابة، باتت الآن إرثًا تاريخيًا بعد أن تناقلتها الأجيال وتحولت إلى تراث لا مادي، ووثيقة إنسانية ومعرفية وحتى فنية إن تبنى رسام تشكيلي إماراتي طموح كل تلك المعتقدات رسمًا كما فعل فنانو العالم.

مشاركة :