انطلقت الليلة قبل الماضية في واشنطن، فعاليات «مؤتمر واشنطن للتحالف بين الأديان»، بمشاركة رجال دين أميركيين، وعدد كبير من العلماء والأكاديميين والباحثين في الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، وسط دعوات لنشر السلام والتسامح وتعزيز قيم التعايش المشترك. ويستلهم «مؤتمر واشنطن» الدولي أفكار «إعلان مراكش التاريخي» لحماية حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية، والذي رعته دولة الإمارات العربية المتحدة، بالشراكة مع المملكة المغربية في يناير 2016، حيث أكد الإعلان بما لا يقبل الشك، أنّ اضطهاد الأقليات الدينية، وﻛـﺎﻓـﺔ أﺷـﻜﺎل اﻟـﻌﺪوان عليها، هو ﻣـﺨﺎﻟـﻒ لقيم اﻹﺳـﻼم من كل الوجوه، مشدداً على كـﻔﺎﻟـﺔ ﺣـﻖ التدين وضمان الحريات وصيانة الحقوق، في إطار من المواطنة الناجزة وللتعايش اﻟﺴـﻠﻤﻲ السعيد بين أبناء الوطن. تفعيل إعلان مراكش ويؤكد القائمون على مؤتمر واشنطن، أن تفعيل مبادئ إعلان مراكش وتعزيز مبادرات قافلة السلام الأميركية، ضرورة ملحة، لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه الإنسانية على كل المستويات، خاصة في ظل العنف المستشري والهشاشة غير المسبوقة التي تمس الأوضاع الراهنة على مستوى العالم، لا سيما مع تفاقم مشكلات الفقر والبطالة والنمو السكاني، والتدهور البيئي، وانعدام الأمن، والتمييز الاجتماعي والعرقي. وبدأت فعاليات المؤتمر الذي ينعقد على مدار ثلاثة أيام متتالية، بكلمة ترحيبية ألقاها رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة عبدالله بن بيه، أكد فيها أن لقاء واشنطن غرضه الأول والأخير هو تعزيز السلم العالمي. لقاءات وقال ابن بيه: «اللقاء في واشنطن تعود بداياته إلى الاجتماعات الأولى مع القس مكاري وفندلي، والحاخام روبر، في مراكش، على مائدة حقوق الإنسان والحريات والسلام، حيث أصدرنا إعلاناً تاريخياً، قدمنا فيه رؤية ورواية الإسلام عن حقوق الإنسان والمواطنة التعاقدية». وأشار إلى أن تفعيل مبادىء إعلان مراكش وتعزيز مبادرات قافلة السلام الأميركية، ﺿـﺮورة ﻣـﻠﺤﺔ؛ لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه الإنسانية ﻋـﻠﻰ كل المستويات، وخاصة ﻓـﻲ ظـﻞّ اﻟـﻌﻨﻒ المستشري والهشاشة غير اﻟﻤﺴـﺒﻮﻗـﺔ التي تسم الأوضاع الراهنة على مستوى العالم، حيث ﺗـﺘﻔﺎﻗـﻢ يوما ﺑـﻌﺪ آخر مشكلات الفقر والبطالة واﻟـﻨﻤﻮ اﻟـﺴﻜﺎﻧـﻲ، والتديور البيئي، واﻧﻌﺪام اﻷﻣﻦ، والتميز اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻌﺮﻗﻲ. وحول إعلان مراكش 2016، أكد ابن بيه أنه وثيقة إسلامية أصيلة، تستمد فحواها ومضمونها من صحيفة المدينة المنورة التي عقدها الرسول الكريم مع اليهود في المدينة. ما يعني أن العنف والظلم الذي يلحق بالأقليات الدينية في العالم الإسلامي في الوقت الراهن ليس بسبب الإسلام، وإنما بسبب منحرفين ومتطرفين اختطفوا الدين لغايات سياسية، فألحقوا الأذى بالأقليات. وأعقب كلمة ابن بيه، جلسة نقاش تناولت أثر إعلان مراكش وغيره من النماذج الناجحة للتمسك بالفضائل التي تحمي وتعزز الحرية الدينية. وأدار الجلسة، الحاخام ديفيد سبرستين، المدير الفخري لمركز العمل الديني لليهودية الإصلاحية. حلف فضول واستعرض المشاركون في الجلسة تجاربهم في التعايش المشترك بين الأديان، مؤكدين ضرورة تعزيز الحوار والتواصل الإنساني بين مختلف الأديان، بغية ترسيخ قيم السلام والتعايش. ويأتي هذا المؤتمر الذي يرعاه «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة»، ليجمع لأول مرة في التاريخ الحديث، ممثلي القيادات الدينية بغرض التأسيس لحلف فضول عالمي جديد، يقوم على برامج عملية وعلمية من أجل الخير للبشرية جمعاء. وحلف الفضول تجمّع دولي للديانات السماوية اُستلهمت فكرته من الحلف الذي شهده الرسول صلى الله عليه وسلم، قبل بعثته، لنصرة المظلوم والدفاع عن أسس العيش المشترك بين الناس. وتقول ديباجة المؤتمر، إن الواقع اليوم يؤكد حاجة البشرية إلى حلف فضول عالمي جديد، جامع للقيم المشتركة وهي التسامح، وقبول الاختلاف والتعددية، والحوار والتواصل. جبهة فكرية ويمثل هذا الحلف الذي من المقرر الإعلان عنه في ختام مؤتمر واشنطن، دعوة عامة لاتحاد أصحاب النوايا الطيبة من أجل المحافظة على شعلة الأمل في مستقبل أفضل للعائلة الإنسانية الكبرى. أما أهمية الحلف، فتكمن في صناعة جبهة فكرية موحدة، وصياغة تحالف إنساني يقوم على تفعيل دوائر المشتركات التي أدى تجاهلها إلى الكثير من العنف والكراهية والدمار.
مشاركة :