حالة من الاستهجان والغضب سادت الأوساط الإعلامية المصرية عقب تصريحات المذيعة أماني الخياط المسيئة لسلطنة عمان في برنامجها «بين السطور» على شاشة «أون تي في»، وذلك تعقيباً على زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى السلطنة. وقالت الخياط: «بينما الوقت الراهن يشهد تجهيزات كثيرة في المنطقة، ومحاولة استهداف الإقليم المصري قبل الانتخابات الرئاسية، وعلى رغم ذلك اقتطع (الرئيس) من وقته ثلاثة أيام لزيارة عمان». ووصفت الخياط السلطنة بالإمارة الخليجية الصغيرة، وبأنها ارتبطت بالمستعمرات الإنكليزية في الهند، ما سمح بأن تكون لها علاقات مميزة مع الإنكليز. وكررت الخياط لفظ الإمارة الصغيرة مجدداً، وأرجعت أهميتها إلى موقعها الجغرافي فقط لكونها لا تحوز مدخلات اقتصادية أخرى كالنفط والغاز، تجعل منها دولة غنية مثل الدول الخليجية المجاورة. كما وصفتها بـ «الأخ الهادئ الذي حددت الدول العظمى التي سيطرت على المنطقة في الماضي دوره المنوط القيام به في المنطقة، لتصبح عمان طاولة للتفاوض بين كل التناقضات والدول المتصارعة في المنطقة». ورفض رئيس مجلس إدارة مجموعة «إعلام المصريين» المالكة لقنوات «أون تي في»، أسامة الشيخ، الإفصاح عن الإجراءات التي ستنتهجها القناة في شأن ما صدر عن الخياط، لكنه عبّر لـ «الحياة» عن رفضه وانزعاجه الشديد بسبب تلك التصريحات في حق الشعب والدولة العمانية، مؤكداً أن ثمة إجراءات داخلية ستتخذ في هذا الخصوص. وبسؤاله هل يمكن أن يصل الأمر إلى التوقيف ومنع الخياط من الظهور على الشاشة، استبعد الشيخ ذلك بقوله: «ما زالت الواقعة قيد المناقشة وتخضع للتحقيق داخل القناة، وستعلن نتائج ما ستسفر عنه في حينه». وأثارت تلك التصريحات موجة غضب عارمة في مصر اتضحت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ استنكر مغردون وقدموا اعتذاراً عن تلك التصريحات المسيئة، كما أشادوا بالسلطنة شعباً ودوداً وصديقاً ودولةً ذات تاريخ وحضارة ودور إقليمي مؤثر. وعبّر مغردون عمانيون عن سخطهم لما قالته الخياط، وأثارت التصريحات رد فعل غاضباً من مواطنين عمانيين. ورد الإعلامي العماني عادل الكاسبي على الإعلامية المصرية عبر فيديو مصور، قال خلاله إن بلاده ذات تاريخ وعراقة وماضٍ مشرف، وأن مصر والمجتمع الدولي يثقان في قدرتها على حل الأزمات السياسية، وأن أحداً لا يملي على بلاده شيئاً. والسلطنة قادرة على حل كثير من النزاعات، كما أنها ليست إمارة صغيرة بل دولة حقيقية وكبيرة وثاني أكبر دولة في الخليج العربي من حيث المساحة». وأضاف الكاسبي: «لم يحدد أحد لنا دوراً بل سلطنة عمان هي من حددت دورها ومسارها فلا نخضع للإملاءات، وإنما نملي على الآخرين». وقدمت أماني الخياط اعتذاراً للشعب العماني على ما ذكرته بحق السلطنة. وقالت خلال برنامجها، إنها اعتذرت في حلقة الإثنين من برنامجها «بين السطور». وأوضحت أنها لم تكن تقصد إساءة بأخلاق أهل عمان، لافتة إلى العلاقة التاريخية التي تجمع مصر والسلطنة، وأضافت الخياط: «كان هدفنا أن نرى عمان من زاوية مختلفة، وهذه الأرض هي أكثر نقطة مضيئة في شبه الجزيرة العربية والخليج العربي لكونها دولة ذات حضارة، ما جعلها نقطة مهمة في حركة التجارة القديمة ونسقها الحضاري جعلها تحوي ثقافات عدة». وتحظى سلطنة عمان وشعبها بمحبة وتقدير الشعب المصري، كما ينظر لها المستوى السياسي بأنها «سويسرا العرب» إذ اتسمت سياساتها على الدوام بالحياد، وإن لم تتخل عن دورها المشهود في محاولة الوساطة وحل الأزمات العربية. ولم تكن تلك السقطة الأولى للإعلامية المصرية، إذ تسببت في عام 2014 في أزمة سياسية بين مصر والمغرب خلال تقديمها برنامج «صباح اون» على فضائية اون تي في»، بعدما قالت إن الاقتصاد المغربي يقوم على الدعارة في شكل كبير، ويحتل مستوى مرتفعاً بين الدول الحاضنة مرض نقص المناعة «إيدز» بسبب الدعارة، ما دفع مالك قناة «اون تي في» آنذاك نجيب ساويرس لإقالتها. وعلق الخبير الإعلامي ياسر عبدالعزيز لـ «الحياة» على تلك الواقعة، قائلاً: «مصدر هذا الخطأ الذي تكرر كثيراً هو الآفة الرئيسة في الإعلام المصري وهي المذيع الفيلسوف والقائد، ولا ننسى أن المذيعة نفسها تورطت سابقاً في تصريحات ضد المغرب وثمة قنوات أخرى تورطت مع دول آخرى، والجذر المهني لهذا الخطأ هو خلط الرأي بالخبر، بينما يفترض بالمذيع الذي يقدم برنامجاً يتناول حوادث جارية أن يقدم محتوى مدروساً قام عليه صحافيون ومعدون، لكن نحن بصدد الآفة الأساسية في الإعلام المصري حيث أضحى المذيع هو المتحدث والفيلسوف والسياسي وهو الخبير الاقتصادي وعالم الدين أيضاً. ومن هنا يتم إنتاج محتوى يقع في باب الرأي وتوجيه الجمهور من دون أي ضمان لدقته وسلامته ويمكن إنتاجه عفو الخاطر على الهواء، ويوجه باعتباره حقائق ويكون محكوماً بالخلفية المعرفية والحس الإنساني لقائله وليس محتوى مصنوعاً بعناية من قبل فرق إعلامية متخصصة».
مشاركة :