أمام روحاني عدة تحديات لكي يحتفظ بكرسيه: استنزاف موارد بلاده لدعم الميليشيات الإرهابية، وتفاقم الحالة المعيشية التي تطحن المواطن الإيراني، والتعاطي بعقلانية مع المطالب الإماراتية والفرنسية.العرب عبدالله العلمي [نُشر في 2018/02/07، العدد: 10893، ص(9)] استلم الرئيس الإيراني حسن روحاني هذا الأسبوع رسالتين هامتين إذا لم يجب عليهما بالتي هي أحسن قد تتعقد الأمور في إيران. الرسالة الأولى من الشيخ عبدالله بن زايد، وزير خارجية دولة الإمارات، الذي دعا إلى عقد اتفاقية مع إيران لكبح جماح سلوكها الإقليمي. الشيخ عبدالله طرح ثلاثة أهداف: تخفيض قدرة طهران على دعم الجماعات الإرهابية والميليشيات الطائفية، وتخفيض قدرة الحرس الثوري على إشعال النزاعات، وتجفيف فعالية برنامج إيران للصواريخ الباليستية ومنعها من التوجه إلى المدنيين في الدول المجاورة. الرسالة الثانية الموجهة لإيران جاءت من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتضمنت ثلاثة مطالب. الأول قبول المرشد الأعلى الإيراني للمفاوضات، والثاني قبول إيران التفاوض حول ملف الصواريخ، والثالث قبول إيران التفاوض حول دعمها للجماعات الإرهابية كجماعة حزب الله اللبناني وميليشيات الحوثي وتدخلها في سوريا والعراق واليمن ولبنان. ورفع ماكرون سقف التحدي واشترط عقد مؤتمر صحافي مع الرئيس روحاني، بحيث يوافق علنا على التفاوض حول برنامج الصواريخ الإيرانية. أكثر المستفيدين من هاتين الرسالتين هو روحاني نفسه، فهذه فرصته الذهبية لممارسة ضغوط على المؤسسات المتشددة في إيران لوقف دعم الميليشيات المسلحة والانصياع للإرادة الدولية. إلا أن خيارات روحاني للتعامل الفعلي مع الرسالتين محدودة، فالمرشد الأعلى خامنئي، وحده، يملك القرار لحسم كل الأمور السياسية والاقتصادية والعسكرية، وسلطاته تعلو الرئيس والحكومة والبرلمان وأي مؤسسة أخرى. لا شك أن الانتفاضة التي أشعلت شوارع طهران والمدن الأخرى منذ أكثر من شهر، أظهرت معاناة الشعب من الجوع والفقر. ولكن النظام الإيراني لا يبدو مهتما بهذه المعاناة، بل هو مصمم على إعطاء الأولوية لتدخلاته الخارجية. لزيادة الطين بِلة، فوجئ الإيرانيون هذا الأسبوع باختفاء الأموال من بعض البنوك الرئيسة، تبعها اعتراف وزير الاقتصاد مسعود كرباسيان بما أسماه “صعوبات بنكية”. هذا الاعتراف كان مبررا كافيا لاستفزاز المواطن الإيراني، فخرج للشارع احتجاجا على تدخلات حكومته في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وعلى فساد الملالي والحرس الثوري الذين يسيطرون على الشركات والبنوك في إيران. أصبح المواطن الإيراني أكثر وعيا ويعلم كيف ينفق خامنئي ثروات النفط لتمويل الميليشيات المسلحة خارج وطنه. أصبح المواطن الإيراني مقتنعا بأن الحرس الثوري ينفق أموال الشعب الإيراني الجائع على الحوثي المطارَد في اليمن وحكومة بشار وعصابة حزب الله في لبنان. ما هو موقفنا من كل هذه التحولات في المنطقة؟ رغم بشاعة الإرهاب الذي تمارسه في الدول العربية إلا أن إيران في حقيقة الأمر قوة هشة. إيران تعلم أن الظروف الحالية مواتية لأن تحشد الدول العربية إمكانياتها لمواجهة المشروع الفارسي. وفي نفس الوقت، علينا أن نبني حساباتنا على أن الخطر الإيراني لن يزول قريبا. وصلت الوقاحة بحسين سلامي، نائب قائد الحرس الثوري، أن يعلن أنه يستعد لحرب في المنطقة معتبرا أن الجيشين السوري والعراقي يشكلان “عمقا استراتيجيا” لطهران. تزامناً مع تصريح سلامي، اعترضت قوات الدفاع السعودية صاروخا باليستيا أطلقته الميليشيات الحوثية التابعة لإيران من صعدة داخل الأراضي اليمنية باتجاه الأراضي السعودية. أمام روحاني عدة تحديات لكي يحتفظ بكرسيه المتأرجح: استنزاف موارد بلاده المالية لتقديم الدعم العسكري للميليشيات الإرهابية، وتفاقم الحالة المعيشية التي تطحن المواطن الإيراني، والتعامل بحذر مع عقليات الملالي الإسمنتية، وأخيراً التعاطي بعقلانية مع المطالب الإماراتية والفرنسية. عضو جمعية الاقتصاد السعوديةعبدالله العلمي
مشاركة :