إنه الرجل الذي أعلن أنه لن يشارك في حكومة ميركل، ليغير لاحقا موقفه وسط أنباء عن رغبته بتولي حقيبة الخارجية. غير أن موافقة قاعدة الحزب على وثيقة الائتلاف الحكومي شرط أساسي لتقلده مناصب سياسية رفيعة. متى حصل الانحدار إلى أسفل الهوة؟ هل حصل ذلك ليلة الانتخابات التشريعية عندما جنى الحزب الاشتراكي الديمقراطي أسوء نتيجة في حقبة ما بعد الحرب؟ أو عندما أعلن رئيس الحزب مارتن شولتس بأن حزبه غير مستعد للدخول في تحالف كبير ليعلن بعدها التحول الكامل عن هذا الخط؟ أو عندما وصف نتيجة مفاوضات تشكيل ائتلاف حكومي مع أحزاب الاتحاد المسيحي بأنها "ممتازة"، في حين رفض رفاقه هذه النتيجة. لا شيء يذّكر بالسياسي الذي تحمل قبل سنة المسؤولية لإخراج الحزب الاشتراكي الديمقراطي من نفق الانحدار إلى النور. فجأة بدأ التدهور اليوم يكافح مارتن شولتس من أجل بقائه السياسي. فوسائل الإعلام كانت قد تنبأت بأفول نجمه عندما دعا في 21 يناير/ كانون الثاني الماضي إلى التصويت خلال مؤتمر حزبي خاص على نتيجة المفاوضات لتشكيل ائتلاف حكومي كبير. فهل سيتبعه الحزب ويفتح له المجال للتحالف الاتحاد المسيحي؟ وفي حال عدم القيام بذلك، فإن زعيم الحزب الاشتراكي سيتخلى عن كل شيء ويستقيل، إلا أن هذا لم يحصل بفضل تدخل أندريا ناليس، رئيسة الكتلة النيابية للاشتراكيين في البرلمان. وكانت ناليس ألقت خطابا حماسيا أقنع المندوبين الحاضرين في المؤتمر للتصويت ولو بفارق ضئيل لصالح الدخول في مفاوضات لتشكيل ائتلاف حكومي مع أحزاب اليمين المحافظ. كل شيء ما زال مفتوحا هناك 460.000 عضو في الحزب الاشتراكي الديمقراطي مطالبين الآن باتخاذ قرار ما إذا كانوا يؤيدون الاتفاق على تشكيل ائتلاف حكومي كبير في ألمانيا أو يرفضونه. ومارتن شولتس مطالب الان بإقناع الأعضاء، فهل سينجح في ذلك؟ الرجل البالغ من العمر 62 عاما مناضل ويتحمل الانتكاسات، وهذا ما برهن عليه في حياته أكثر من مرة. شولتس ترعرع في مدينة فورزلين الصغيرة بالقرب من مدينة آخن، وكان يرغب احتراف كرة القدم مع بلوغه سن السابعة عشرة، ولذلك لم يجتهد لنيل شهادة البكالوريا. غير أن الإصابة جعلته يتخلى عن حلم لاعب كرة القدم المحترف، وبات مدمنا على شرب الكحول إلى أن ساعده شقيقه ورفاق في الحزب على الخروج من هذه الورطة. "كنت في الحضيض"، قال شولتس مرة عن تلك الفترة. وعندما التقط أنفاسه للخروج من ذلك الوضع الاجتماعي الحرج، افتتح مكتبة. وهو يقول:" القراءة هي شريان الحياة بالنسبة إلي". وشولتس متزوج وله طفلان، وهو يقترح قراءة كتاب لمؤرخ ألماني كبير حول انهيار جمهورية فايمار. ومن تم يمكن استنتاج أنه يجب صد الهجمات مبكرا ضد الديمقراطية. أصغر عمدة في ولاية شمال الراين ويستفاليا شولتس يفتقد إلى يومنا هذا مكتبته التي باعها عندما بدأ الصعود على سلم العمل السياسي. عندما كان عمره فقط 31 عاما انتُخب عمدة لمدينة فورزلين وفي 1994 انتُخب عضوا في البرلمان الأوروبي الذي أصبح رئيسه في 2012. وفي تلك السنة تلقى مع قيادة المفوضية الأوروبية ومجلس الوزراء الأوروبي في أوسلو جائزة نوبل للسلام التي نالها الاتحاد الأوروبي. وفي 2015 حصل على جائزة كارل المرموقة في آخن تنويها لالتزامه من أجل أوروبا. إلا أن معرفته بالسياسة الأوروبية لم تكن له سندا بعد انتقاله إلى برلين. فهو يؤكد إلمامه بقلق وحاجيات الناس العاديين، إلا أن شخصيته السياسية الداخلية ظلت مبهمة. وانتقده البعض بأنه لا يمثل أي مضمون. إلا أن هذا تغير، لأن الحزب الاشتراكي دخل في مفاوضات مع حزبي الاتحاد المسيحي ببرنامج ملموس وطلبات محددة، لاسيما في السياسة الداخلية واللاجئين وأوروبا. مصير مارتن شولتس؟ خلال المفاوضات حول تشكيل ائتلاف حكومي ظهرت توقعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لم يحتل فيها مارتن شولتس دورا رياديا، بل ظهر واحدا من بين أعضاء فريق مفاوض. وحسب وسائل إعلام متعددة يبدو أن زعيم الحزب الاشتراكي له مخططات سياسية واسعة، إذ أنه لا يكتفي بشغل منصب زعيم الحزب، بل يريد أن يصبح وزيرا للخارجية للاستفادة من تجاربه على الساحة الأوروبية. زبينه كينكارتس/ م.أ.م
مشاركة :