أطلقت شركة سبيس إكس بنجاح، صاروخها «فالكون هيفي»، الأقوى في العالم، إلى الفضاء في أول اختبار لإطلاقه لتضع بذلك الشركة الخاصة المملوكة للملياردير إيلون ماسك، حجر زاوية جديد في مسيرتها.انطلق الصاروخ مخترقاً السماء الزرقاء الصافية أمس الأول، من موقع لإطلاق الصواريخ بولاية فلوريدا الأمريكية، بدأت منه البعثات الفضائية إلى القمر. ويحمل الصاروخ الذي يعادل طوله مبنى مكوناً من 23 طابقاً، سيارة تسلا رودستار حمراء اللون إلى الفضاء كحمولة تجريبية. وخلف «فالكون هيفي» أثناء انطلاقه سحباً من البخار والدخان والرماد في مركز كنيدي للفضاء في كيب كنافيرال.وتسنّى سماع الهتاف الصاخب للعاملين في سبيس إكس، من مقرها في هاوثورن بولاية كاليفورنيا، حيث أذيعت لقطات حية لعملية الإطلاق. وتعالى هتاف ألفي شخص على الأقل تابعوا إطلاق الصاروخ من منطقة قرب كوكو بيتش، على بعد ثمانية كيلومترات من مركز الفضاء. وخلال ثلاث دقائق انفصل محركان على جانبي الصاروخ في إحدى اللحظات الحاسمة في الاختبار.وبفضل تكنولوجيا سبيس إكس الرائدة لاستخدام الصواريخ المستعملة، وهو ما يعني تكلفة أقل، عاد المحركان الجانبيان بأمان إلى الأرض واستقرا على منصتي هبوط في محطة كيب كنافيرال الجوية، بعد نحو ثماني دقائق من الإطلاق. أما الثالث فقد غاص في المحيط الأطلسي على بعد حوالي مئة متر من منصة عائمة كان يفترض أن يحط عليها.وهنأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشركة قائلاً في تغريدة: «هذا الإنجاز يثبت العبقرية الأمريكية». كما هنأها مدير ناسا بالوكالة روبرت لايتفوت، معتبراً ما حصل «إنجاز رائع».وقال إلون ماسك للصحفيين وقد بدت عليه البهجة: «المهمة سارت على ما كنا نأمل. كانت أكثر الأشياء إثارة للحماسة شهدتها في حياتي».وأضاف: «كنت أتخيل انفجاراً قوياً على منصة الإطلاق مع إحدى إطارات السيارة تتدحرج على الطريق وعليها علامة تيسلا، لكن لحسن الحظ لم يحصل ذلك». وقال ماسك إن مركبة الإطلاق، التي توقعت سبيس إكس ألاَّ تنجو، سقطت في المحيط الأطلسي بسرعة 483 كيلومتراً في الساعة. وأشاد إمبراطور وادي السيليكون بعملية الإطلاق، واصفاً إياها بالانتصار و«مبعث راحة كبرى».وبثت سبايس إكس عبر الإنترنت شريطاً يظهر السيارة تنطلق نحو الفضاء ترافقها أغنية ديفيد بويي سبايس اوديتي، فيما ظهرت على لوحة القيادة عبارة «لا تذعروا» في إشارة ربما إلى المسلسل الخيالي العلمي «هيتشهايكرز جايد تو ذو جالاكسي».وحملت السيارة كذلك وحدة تخزين بيانات تحوي سلسلة كتب الخيال العلمي، من تأليف إيزاك اسيموف بعنوان: «ذي فاونديشن تريلوجي» ولوحاً كتبت عليه أسماء العاملين الستة آلاف في «سبايس إكس». ونشر ماسك شريط فيديو مباشرة يظهر المجسم «ستارمان» مع يديه على المقود، وهو يسبح في ظلمة الفضاء فيما صورة الأرض معكوسة على هيكل السيارة الحمراء.وقال في تغريدة إن الطابق العلوي من الصاروخ نجح في إخراج السيارة والمجسم من مدار الأرض إلى مدار حول الشمس، سيقربها من المريخ. وبعدما صمدت خلال رحلة استمرت خمس ساعات في حزام فان آلن، الذي يحوي إشعاعات عالية جداً، بدأت السيارة رحلة عبر الفضاء قد تستمر مليار سنة لتبتعد مسافة قد تصل إلى 400 مليون كيلومتر عن الأرض. وأضاف ماسك: «قد تكتشفها كائنات من كوكب آخر في المستقبل».وأفاد خبراء أن عملية الإطلاق هذه ستثير اهتمام وكالة «ناسا»، التي قد تدرس إمكانية الاستعانة ب«فالكون هافي» لتسريع خططها للوصول إلى القمر مجدداً للمرة الأولى من عام 1972.والصاروخ «فالكون هيفي» مصمم لوضع حمولة يصل وزنها إلى 70 طناً في مدار قريب من الأرض بتكلفة 90 مليون دولار، لكل عملية إطلاق. ويعادل هذا مثلي قدرة الحمولة لأكبر الصواريخ في أسطول الفضاء الأمريكي، وهو الصاروخ دلتا 4 هيفي. ولم يشهد تاريخ غزو الفضاء صاروخاً أقوى منه، ما عدا صاروخ «ساتورن 5»، الذي حمل الرواد الأمريكيين إلى القمر في الستينات والسبعينات من القرن العشرين.ويبلغ طول الصاروخ «فالكون هافي» سبعين متراً، وعرضه 12 متراً، وهو مؤلف من ثلاثة صواريخ «فالكون 9» موصولة ببعضها بعضاً، يدفعها 27 محركاً من طراز «مرلين» تولّد قوة دفع تعادل 2500 طن؛ أي ما يعادل قوة 18 طائرة «بوينغ 747».وبحسب سبايس إكس، صمم هذا الصاروخ في البدء لنقل الرواد إلى القمر أو المريخ أو غيرهما من الوجهات خارج مدار الأرض، لكن إلون ماسك أوضح أن شركته تصمم صاروخاً آخر لنقل الرواد، أما صاروخ «فالكون هافي» فسيكون مخصصاً لنقل المعدات.
مشاركة :