الرايات البيضاء تهديد جديد للعراق بعد الدولة الإسلامية

  • 2/8/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد - بعد حرب طاحنة دامت ثلاث سنوات، أعلن العراق نهاية العام الماضي تحقيق النصر على تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي الذي سيطر على ثلث مساحة البلاد صيف 2014. لكن إنهاء سيطرة التنظيم على الأراضي العراقية لا يبدو أنه نهاية الأمر، مع ظهور "شبح" أصغر حجما يؤرق القوات الأمنية شمالي البلاد، وتقول مصادر أمنية أنه خرج من عباءة الدولة الإسلامية. وجدت هذه الجماعة المعروفة باسم أصحاب "الرايات البيضاء" موطئ قدم في مناطق واقعة شمالي العراق شهدت توترات بين قوات الحكومة وقوات إقليم الشمال "البيشمركة" على مدى الأشهر الماضية. وبدأت القوات العراقية، الأربعاء، حملة عسكرية واسعة للقضاء على هذه الجماعة مجهولة الأهداف والفكر. ويحمل هؤلاء المسلحون راية بيضاء اللون يتوسطها رسم لأسد، وذلك على نقيض اللون الأسود الذي اختارته الدولة الإسلامية لرايتها. من هم أصحاب "الرايات البيضاء"؟ شحيحة هي المعلومات المتوافرة عن هذه الجماعة، وخاصة فيما يتعلق بانتمائها والأيديولوجية التي يحملها أنصارها، وما يودون تحقيقه فضلا عن عددهم. ويقول المستشار العسكري لوزارة البيشمركة اللواء بختيار محمد إن "هذه مجاميع موجودة حاليا في منطقة سلسلة جبال حمرين وقضاء طوزخورماتو والخط الفاصل بين القوات الاتحادية وقوات البيشمركة". وتعد سلسلة جبال حمرين منطقة وعرة تقع على حدود ثلاث محافظات هي صلاح الدين وكركوك (شمال) وصولا إلى ديالى (شرق) على الحدود الإيرانية. كذلك وجد مسلحو "الرايات البيضاء" ملاذًا مناسبا في المنطقة الفاصلة بين القوات العراقية وقوات البيشمركة والتي لا توجد فيها أي قوات منذ توتر العلاقة بين الجانبين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. يقول الضابط الكردي محمد إن "تلك المجاميع استغلت فراغا أمنيا في المناطق التي تختبئ فيها، حيث لا تتواجد فيها قوات بيشمركة أو قوات اتحادية، وعدم التنسيق بين الجانبين سهل من تواجد هذه المجاميع". وأشار إلى "وجود مجاميع أخرى تؤيدهم في صحراء الأنبار (غرب) ونينوى (شمال) وفي محافظة ديالى على شكل مجاميع صغيرة، كما أن لديهم خلايا نائمة وأخرى نشطة في المدن وقد يصل عددهم مجتمعا إلى أكثر من 2000 مسلح". وبشأن هوية هؤلاء المقاتلين، يقول الضابط الكردي إنهم "يمثلون ما تبقى من فلول داعش المكسورين في جبهات القتال، وهؤلاء يحاولون تنظيم نفسهم أو العودة بوجه آخر أو أعلام وعناوين مختلفة لكنهم يحملون الفكر ذاته". القوات العراقية والبيشمركة وضعت الخلافات على الأراضي شمالي البلاد القوات الاتحادية العراقية وجها لوجه أمام قوات البيشمركة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لكن الأخيرة آثرت الانسحاب بعد اشتباكات محدودة. ويبدو أن الجانبين تيقنا الخطر المحدق بهما من جماعة "الرايات البيضاء"، فنحوا خلافاتهم جانبا لتطهير المنطقة من العدو الجديد المشترك. وبدأت القوات العراقية بالفعل الأربعاء حملة عسكرية واسعة للقضاء على هذه الجماعة. ويقول المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة بالجيش العراقي العميد يحيى رسول إن الحملة العسكرية تستهدف إنهاء هذه الجماعة بالتنسيق مع البيشمركة. ويضيف رسول أن "التنسيق مع قوات البيشمركة يتعلق بوصول قطعاتنا إلى السلسلة الجبلية (حمرين) التي تضم أوكارا للخارجين عن القانون". تأمين مسار لنقل النفط إلى إيران وعلى مدى الأسابيع الماضية، تم توجيه أصابع الاتهام إلى هذه الجماعة بالوقوف وراء عمليات اغتيال فردية وهجمات أخرى بالعبوات الناسفة فضلا عن اختطاف مدنيين، وتركزت الهجمات في محافظتي كركوك وديالى. ويقول رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة صلاح الدين رضا محمد، إن القوات العراقية ستمشط كل المناطق التي يشتبه بوجود أصحاب "الرايات البيضاء" فيها خلال العملية الجارية. وأوضح أن مهام البيشمركة تتلخص بتمشيط المنطقة الفاصلة بينها وبين القوات العراقية وصولا إلى حدود إيران. ويقول مصدر أمني في محافظة كركوك، طلب عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالحديث للإعلام إن "الحملة تستهدف كذلك تأمين مسار بري من المقرر نقل النفط من خلاله من كركوك إلى إيران". وكان من المقرر أن يبدأ العراق وإيران تبادل ما يصل إلى 60 ألف برميل يوميا من الخام المنتج في كركوك بنفط إيراني سينقل إلى جنوب العراق، الأسبوع الماضي، لكن لحد الآن لم يجر نقل أي كمية دون توضيح السبب. "ليس من أبناء داعش" لكن مع كل الترجيحات الأمنية بخروج "الرايات البيضاء" من رحم الدولة الإسلامية إلا أن مراقبين استبعدوا ذلك، مستدلين بأن الجماعات المتطرفة لا تتخذ من اللون الأبيض شعارًا لها، كما تحرم صورة كل ذي روح (في إشارة لصورة الأسد على علم التنظيم). ويبقى باب التخمينات مفتوحا في ظل غياب أي تصريح حكومي رسمي حول هوية التنظيم، فضلا عن عدم إعلان "الرايات البيضاء" عن وجوده وأهدافه حتى الآن، وإن كانت معظم التخمينات تدور في فلك ربط التنظيم الجديد بالدولة الإسلامية. وأعلن العراق في كانون الأول/ديسمبر استعادة جميع أراضيه من قبضة التنظيم التي كان سيطر عليها في 2014، وقُدرت بثلث مساحة العراق، إثر حملات عسكرية متواصلة منذ ثلاث سنوات بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. ولا يزال تنظيم الدولة الإسلامية يحتفظ بخلايا نائمة موزعة في أرجاء البلاد وبدأ يعود تدريجيا لأسلوبه القديم في شن هجمات خاطفة على طريقة حرب العصابات التي كان يتبعها قبل عام 2014.

مشاركة :