واصلت قوات الحكومة السورية الخميس لليوم الرابع على التوالي قصفها العنيف للغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، لتتخطى حصيلة القتلى منذ الاثنين 220 مدنيا. وفي شرق البلاد، استهدف التحالف الدولي بقيادة واشنطن قوات موالية للنظام موقعا وفق مسؤول أمريكي 100 قتيل على الأقل، في ما وصفته دمشق بانه “جريمة حرب”. وتشن قوات النظام السوري منذ الاثنين حملة عنيفة على الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، تتخللها غارات وقصف جوي ومدفعي. وقال الطبيب حمزة في مستشفى عربين لوكالة فرانس برس “إنها من أسوأ أربعة أيام تمر على الغوطة الشرقية”، مضيفاً “منذ العام 2011 لم تشهد الغوطة الشرقية قصفاً بالحجم الذي عرفته في الساعات الـ96 الاخيرة”. وارتفعت حصيلة القتلى في شكل سريع الخميس، ووثق المرصد السوري لحقوق الانسان مقتل 75 مدنيا حتى المساء بينهم ثلاثة قضوا متاثرين بجروح اصيبوا بها الاربعاء. وبذلك، ترتفع حصيلة المدنيين الذين قتلوا منذ الاثنين الى 228 بينهم 58 طفلا على الاقل، بحسب المرصد. وصرحت سونيا كوش مديرة فرع منظمة “سيف ذي تشيلدرن” في سوريا ان “الاطفال والمعلمين يخشون ان يطاولهم (القصف) في اي لحظة. الحصار يعني ان لا مجال لهم للهروب”. واضافت “لا بد من وقف فوري للقتال ووضع حد للحصار”.إسعاف الأحباب في عربين حيث استهدفت احدى الأسواق، شاهد مصور لفرانس برس ممرضين يبكون حارساً في نقطة طبية سقط بين القتلى. وأضاف حمزة “كل المشاهد مؤلمة، رأينا الكثير من الاطفال لا يبكون ولكن في حالة ذهول رغم جروحهم”، مشيراً إلى أن “أصعب ما يمكن ان يقوم به المرء هو ان يسعف احبابه وزملاءه وجيرانه واهله”. وفي مدينة دوما، شاهد مصور لفرانس برس عنصري اغاثة يركضان بين الأنقاض حاملين معهما نقالة لاجلاء المصابين، ورجلاً يحمل طفلين أحدهما رضيع بعيدا عن غبار الأنقاض، وآخر يقي وجهه من حرارة النيران المشتعلة في المكان المستهدف. وتعد الغوطة الشرقية إحدى مناطق خفض التوتر الأربع في سوريا، بموجب الاتفاق الذي تم التوصل اليه في استانا في ايار/مايو برعاية روسيا وايران، أبرز حلفاء دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وترد الفصائل المعارضة على قصف قوات النظام بقصف دمشق وضواحيها بالقذائف، وقد استهدفت الخميس منطقة واقعة تحت سيطرة قوات النظام في ضاحية حرستا، ما اسفر عن مقتل شخص واصابة آخرين، وفق ما أفادت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا). وعقد مجلس الامن الدولي الخميس اجتماعاً مغلقاً لبحث هدنة انسانية لمدة شهر في سوريا طالب بها ممثلو وكالات الامم المتحدة العاملة في سوريا. وايدت الخارجية الأمريكية الخميس دعوة الامم المتحدة لوقف لإطلاق النار في الغوطة الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، وطالبت بأن تقوم موسكو بضبط حليفها النظام السوري. لكن السفير الروسي لدى الامم المتحدة فاسيلي نيبنزيا اعتبر ان هذه الدعوة “غير واقعية”، مضيفا “نرغب في ان نرى وقفا لاطلاق النار، نهاية للحرب، لكنني لست واثقا بان الارهابيين يوافقون على ذلك”. من جهته، دعا السفير الفرنسي لدى المنظمة الدولية فرنسوا دولاتر الى رد قوي من المجلس، مطالبا بوقف فوري لاطلاق النار وتسهيل عمل المنظمات الانسانية من دون اي قيود. وقال دولاتر للصحفيين ان “الغوطة الشريقة تتعرض لحصار من القرون الوسطى. هذا مرفوض تماما”. واضاف “في سوريا، لقد عدنا الان الى المرحلة الاكثر قتامة من هذا النزاع مع اكبر حصيلة قتلى في صفوف المدنيين خلال عام”. وفي أنقرة، اعلنت الرئاسة التركية ان الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب اردوغان اتفقا الخميس على عقد قمة روسية تركية ايرانية جديدة في اسطنبول لبحث الوضع في سوريا. وكان الرؤساء الثلاثاء عقدوا قمة اولى في سوتشي في روسيا في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.غاز ونفط وفي شرق البلاد، شهدت محافظة دير الزور توتراً بعد استهداف التحالف الدولي قوات موالية للنظام. وأعلن التحالف الدولي فجر الخميس أنه وجه غارات ضد “قوات موالية للنظام” بعدما شنت “هجوماً لا مبرر له” ضد مركز لقوات سوريا الديموقراطية شرق نهر الفرات في محافظة دير الزور الحدودية مع العراق. وأوضح التحالف أن عناصر من قواته كانت في المكان، مشيراً إلى أن الغارات جاءت “لصد العمل العدائي” وفي “اطار الدفاع المشروع عن النفس”. وقدر مسؤول عسكري أمريكي “مقتل أكثر من مائة عنصر من القوات الموالية للنظام” في الغارات. وتحدثت وزارة الخارجية السورية عن استهداف التحالف الدولي “لقوات شعبية” كانت تخوض اشتباكات مع تنظيم داعش. ورداً على الغارات، وجهت الخارجية السورية رسالة للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي اعتبرت فيها أن “هذا العدوان الجديد (…) يمثل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية ودعما مباشراً وموصوفاً للإرهاب”. ودعت الأمم المتحدة “لإدانة هذه المجزرة وتحميل التحالف الدولي المسؤولية عنها”. ويأتي التصعيد في دير الزور رغم خط فض اشتباك أنشأته الولايات المتحدة وروسيا ويمتد على طول نهر الفرات لضمان عدم حصول أي مواجهات بين الطرفين. ولم يمنع خط فض الاشتباك حوادث سابقة بين قوات سوريا الديموقراطية وقوات النظام خصوصاً حين كانا يخوضان هجومين منفصلين واسعين ضد تنظيم الدولة الإسلامية في المحافظة الشرقية قبل أشهر. وتتمركز قوات سوريا الديموقراطية على الضفة الشرقية لنهر الفرات حيث تواصل معاركها ضد آخر جيوب يتواجد فيها تنظيم الدولة الإسلامية. وتنتشر قوات النظام السوري على الضفة الغربية للنهر الذي يقطع المحافظة إلى جزئين، مع تواجد محدود على الجهة الشرقية. وقد تمكنت قوات النظام من طرد تنظيم الدولة الاسلامية من كامل الضفة الغربية. واعتبر مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن أن “قوات النظام تسعى لاستعادة حقول النفط والغاز التي سيطرت عليها قوات سوريا الديموقراطية بعد طرد تنظيم داعش”، وأبرزها حقلا كونيكو والعمر. ويعد حقل العمر من أكبر حقول النفط في سوريا، ووصل انتاجه قبل اندلاع النزاع الى ثلاثين ألف برميل يومياً. وكان معمل كونيكو يعد قبل بدء النزاع أهم معمل لمعالجة الغاز في البلاد وتبلغ قدرته 13 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي في اليوم الواحد، بحسب النشرة الاقتصادية الالكترونية “سيريا ريبورت
مشاركة :