استهدف التحالف الدولي بقيادة واشنطن، ليل الأربعاء الخميس، مقاتلين موالين للنظام السوري في محافظة دير الزور شرق سورية، ما أسفر، وفق مسؤول أميركي، عن سقوط 100 قتيل على الأقل. وقرب دمشق، تواصل قوات النظام، لليوم الرابع على التوالي، قصفها العنيف للغوطة الشرقية المحاصرة، موقعة، أمس، 36 قتيلاً مدنياً وعشرات الجرحى. وتفصيلاً، أعلن التحالف الدولي، فجر أمس، أن «قوات موالية للنظام شنّت في السابع من فبراير هجوماً لا مبرر له»، ضد مركز لقوات سورية الديمقراطية (قسد) شرق نهر الفرات في محافظة دير الزور الحدودية مع العراق. وأوضح التحالف أن عناصر من قواته في مهمة «استشارة ودعم ومرافقة»، كانت متمركزة مع قوات سورية الديمقراطية حين وقع الهجوم. وقدر مسؤول عسكري أميركي «مقتل أكثر من 100 عنصر من القوات الموالية للنظام، في وقت كانت هذه القوات تشتبك مع قوات سورية الديمقراطية وقوات التحالف». وأضاف المسؤول «نشتبه في أن قوات موالية للنظام السوري كانت تحاول السيطرة على أراض حررتها قوات سورية الديمقراطية من «داعش» في سبتمبر 2017». وتابع: «القوات كانت على الأرجح تسعى للسيطرة على حقول نفط في خشام، كانت مصدراً مهماً للإيرادات لـ(داعش) ما بين 2014 و2017». وقال المسؤول الأميركي، إن التحالف نبّه المسؤولين الروس بشأن وجود قوات سورية الديمقراطية في المنطقة قبل الهجوم الذي جرى إحباطه بفترة طويلة. وقال المسؤول «مسؤولو التحالف كانوا على اتصال بانتظام مع نظرائهم الروس، قبل وأثناء وبعد إحباط الهجوم». وقال التحالف إن الهجوم وقع على مسافة نحو ثمانية كيلومترات «شرقي نهر الفرات الخط الفاصل لمنع الاشتباك في خشام»، وهي بلدة واقعة في جنوب شرق محافظة دير الزور. ولم يورد المسؤولون الأميركيون أو التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة تفاصيل عن القوات المهاجمة. والجيش السوري المدعوم من قوات تدعمها إيران وقوات روسية. وذكرت وسائل إعلام سورية حكومية، أمس، أن التحالف قصف «مجموعات من أبناء المنطقة كانت تقاتل (داعش) وقوات سورية الديمقراطية (قسد) بين قريتي خشام والطابية بالريف الشرقي لدير الزور»، ما تسبب في سقوط قتلى وجرحى. وأوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، أن القصف الأميركي «الجوي وبصواريخ أرض أرض» أسفر عن مقتل 45 عنصراً معظمهم من مقاتلي العشائر الذين يقاتلون إلى جانب قوات النظام، فضلاً عن آخرين أفغان، مشيراً إلى أنه تسبب أيضاً في تدمير أسلحة ثقيلة من دبابات ومدافع وآليات. وتتمركز قوات سورية الديمقراطية على الضفة الشرقية لنهر الفرات، حيث تواصل معاركها ضد آخر جيوب يوجد فيها تنظيم «داعش» في المحافظة الحدودية مع العراق. وتنتشر قوات النظام السوري على الضفة الغربية للنهر، الذي يقطع المحافظة إلى جزأين، مع وجود محدود على الجهة الشرقية. وقد تمكنت قوات النظام في نوفمبر الماضي من طرد التنظيم من مدينة دير الزور كاملة. وأوضح عبدالرحمن أن «التحالف بدأ قصفه بعد استهداف قوات النظام مواقع لقوات سورية الديمقراطية شرق الفرات، بينها قرية جديد عكيدات، وحقل كونيكو النفطي، الذي توجد قوات من التحالف في محيطه». وردت قوات سورية الديمقراطية بالسلاح المدفعي أيضاً، مستهدفة مواقع قوات النظام في بلدة خشام المحاذية، قبل أن تتدخل قوات التحالف الدولي. وقال عبدالرحمن إن «قوات النظام تسعى لاستعادة حقول النفط والغاز التي سيطرت عليها قوات سورية الديمقراطية بعد طرد التنظيم»، وأبرزها حقلا كونيكو والعمر. ويعد حقل العمر من أكبر حقول النفط في سورية، ووصل إنتاجه قبل اندلاع النزاع إلى 30 ألف برميل يومياً. وكان معمل كونيكو يعد قبل بدء النزاع أهم معمل لمعالجة الغاز في سورية، وتبلغ قدرته 13 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي في اليوم الواحد، بحسب النشرة الاقتصادية الإلكترونية «سيريا ريبورت». ويأتي التصعيد في دير الزور رغم خط فضّ الاشتباك الذي أنشأته الولايات المتحدة وروسيا، ويمتد على طول نهر الفرات من محافظة الرقة باتجاه دير الزور المحاذية، لضمان عدم حصول أي مواجهات بين الطرفين. ولم يمنع خط فضّ الاشتباك حوادث سابقة بين قوات سورية الديمقراطية وقوات النظام، خصوصاً حين كانا يخوضان هجومين منفصلين واسعين ضد تنظيم «داعش» في محافظة دير الزور قبل أشهر. وتمكنت قوات النظام في ديسمبر 2017 من طرد التنظيم المتطرف من الضفة الغربية للفرات، فيما لاتزال قوات سورية الديمقراطية تقاتله في آخر جيوب له على الضفة الشرقية. إلى ذلك، وبعد يومين دمويين في الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، جدّدت قوات النظام السوري، أمس، قصفها الجوي والمدفعي. ووثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، مقتل 36 مدنياً بينهم 10 أطفال في الغارات الجوية على مناطق عدة في الغوطة. وأورد المرصد السوري أن «الحصيلة تواصل ارتفاعها، نتيجة استمرار الغارات الجوية، وعجز الفرق الطبية في الغوطة الشرقية المحاصرة مع استمرار توافد المصابين إليها». وكان المرصد أفاد في وقت سابق عن مقتل 22 مدنياً. وشاهد مصوّر صحافي في مدينة سقبا، رجلاً يحمل ابنته الصغيرة ويصرخ للفت انتباه سيارة الإسعاف. كما نقل مشاهدته لمحال وسيارات مدمرة وأشلاء، مع استمرار تحليق الطائرات الحربية في الأجواء. ويأتي تجدّد الغارات غداة مقتل 38 مدنياً، الأربعاء الماضي، كما أسفر القصف الثلاثاء الماضي، عن مقتل 80 مدنياً وإصابة 200 آخرين بجروح. ودعت الأمم المتحدة، الثلاثاء الماضي، إلى وقف فوري لإطلاق النار في سورية، لأسباب إنسانية لمدة شهر على الأقل. وقال مبعوثو الأمم المتحدة، إن الغوطة الشرقية، آخر معقل كبير للمعارضة قرب دمشق، بعد نحو سبع سنوات من الحرب، لم تحصل على أي مساعدات من وكالات الإغاثة منذ نوفمبر الماضي. ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً مغلقاً لبحث هدنة إنسانية لمدة شهر في سورية، طالب بها ممثلو وكالات الأمم المتحدة التي توجد مقارها في دمشق. في أنقرة، أعلنت الرئاسة التركية، أمس، أن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، اتفقا في اتصال هاتفي أمس، على عقد قمة روسية تركية إيرانية جديدة في إسطنبول، لبحث الوضع في سورية. وكان الرؤساء الثلاثة عقدوا قمة أولى في سوتشي في روسيا، في نوفمبر الماضي.
مشاركة :