استعرضت ندوة عن الراحل الأمير سعود الفيصل يرحمه الله، نظمت أمس على هامش فعاليات مهرجان الجنادرية 32 عن الشخصيات الثقافية المكرمة، جهود الراحل في الدبلوماسية السعودية والعربية. وقال الأمير تركي الفيصل أحد المشاركين في الندوة، إن الراحل لقي من التأبين والإطراء ما يملأ المجلدات، وما بقي من ذكراه يتبين في القيم الإنسانية والصفات النادرة، التي لا تجتمع في شخص واحد. وتابع الأمير تركي "إن قلت التواضع فقد كان مثالاً يتحذى، فإذا دخلت عليه في مكتبه نهض واقفاً ومد يده للمصافحة، ووجهه تملأه ابتسامته البشوشة، وإن قلت الشجاعة، لا أنساه وهو في بدلته العسكرية يدخل بيت الله الحرام حينما حاولت أن تستولي عليه ثلة من الشياطين، ليعرض نفسه للقناصة". وزاد "إن قلت الشهامة، فلن أنسى موقف الأمير سعود الفيصل المشهود وهو يلقي كلمته في أروقة الأمم المتحدة، عندما غزا صدام حسين للكويت وموقفه الشجاع تجاه القضية الفلسطينية والقدس الشريف"، مشيراً إلى تصديه لرسالة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي وجهها للقمة العربية في شرم الشيخ، حينما دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للاستماع إلى فحواها"، وإن قلت "الحافظة فمحفوظ في ذاكرة حينما سمعنا من المذياع نبأ احتلال الصهاينة القدس الشريف ذرفت عيناه". واستعرض الأمير تركي كلمات للراحل، مثل: "ونحن العرب نحن في المملكة العربية السعودية، لا ننكث بالوعد كما لا نرتضي الوعيد، ونحن العرب أهل ود وعهد، أكرمنا الله بأن حملنا رسالة الإسلام .. رفعنا بتواضع واعتزاز راية الحق ونصرة المظلوم إغاثة الملهوف، وترفعنا عن انتهاك حقوق الجار وحرمة الشقيق واستلاب المغانم، وهذه أخلاقنا العربية الأصيلة ومبادئنا الإسلامية تدل علينا نحن العرب نحن في المملكة العربية السعودية. كما تطرق إلى كلماته إبان غزو العراق للكويت مثل: "إن العراق الذي يعتدي على دولة عربية جارة وشقيقة وينتهك حرماتها ويبدد طاقتها ويهدد النظام العربي لا يمكن أن يكون قوة للعرب وإنما في الواقع مصدر لبث الفرقة والانقسام في الصف العربي، ولا نرضى أن تحجب مغامرة الحكم العراقي عن قضية العرب الأولى القضية الفلسطينية، ويؤلمنا أن تتحول الأنظار عن انتفاضة الشعب الفلسطيني البطل وأن تتراجع خطوات البحث عن الحل السلمي العادل للقضية الفلسطينية ويؤلمنا أن يتبع الحكم العراقي نفس الأسلوب الإسرائيلي في احتلال الأرض وتشريد الشعب". وفيما يتعلق بقضية القدس، استعرض الأمير تركي بعضاً من كلمات الأمير الراحل، منها "أقول للشعب الفلسطيني أن قضيتكم قضيتنا وقضية كل العرب ويجب الحفاظ على التماسك المطلوب وليس وليد اليوم أو الأمس وسنتمر إلى تحرر القدس". فيما كشف وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد الخليفة عن علاقته بالأمير سعود الفيصل، وأنه بمثابة الأخ والصديق وقضى معه أوقاتاً لا تنسى. وتابع الشيخ خليفة أنه قضى مع الراحل أوقاتا لا تنسى، فقد ترك الأمير سعود صرحاً شامخاً ودبلوماسية فاعلة، أراها تستمر إلى يومنا هذا، فهي دبلوماسية لها احترامها وثقل ويحسب لها ألف حساب من مختلف الأطراف، وإن كانت من الدول الكبرى أو الدول المجاورة.. ان كانت دولاً صغيرة فهي تعتز بهذه العلاقة بالسعودية. وأضاف الشيخ خالد أن السعودية حينما تتخذ المواقف تؤثّر على مجريات الأحداث، "وكنت محظوظاً بأن أعمل مع الراحل، وكنت أرافق الشيخ محمد بن مبارك وزير الخارجية السابق ونائب رئيس الوزراء حالياً، في جميع الاجتماعات والمؤتمرات وخصوصاً مجلس التعاون وكنت أرى وأتعلم وأنهل من علم وقدرات الأمير الفيصل، موضحاً أنه في عام 2005 حينما توليت مسؤولية وزارة الخارجية، بدأت العمل معه عن قرب وفتح لي أبواب التعلم منه وتعرفت عن قرب أكثر عن شخصيته، وسمو أخلاقه وتواضعه الجم وذكائه الحاد، وكان يبذل كل الجهد في سبيل البحرين، فكيف أنساه وكيف ينساه أي بحريني. وتابع أنه خلال اجتماع وزراء مجلس التعاون الخليجي ومصر خلال عاصفة الحزم في شرم الشيخ، دخلنا عليه ووجدناه مشغولاً باتصالات مع وزراء خارجية الدول كبرى منها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، وأنه كان يقول: نحن في المملكة وحلفاؤنا وأشقاؤنا قرروا اتخاذ قرار أن يجيبوا دعوة الرئيس اليمني منصور هادي ربه، لأن الأمر سياسي بأمر خادم الحرمين الشريفين، نصرة للشعب اليمني. وقال الخليفة إنه بعد وفاته كنت في الأمم المتحدة وكنت اكتب كلمتي وجاءت فقرة اليمن وأضفت بإشارة من أحد الدبلوماسيين فاستعدت عبارة الأمير سعود الفيصل الشهيرة "نحن لسنا دعاة حرب ولكن إذا دقت طبولها فنحن لها". من جهته، أوضح عادل الجبير وزير الخارجية أنه من الصعوبة بمكان حصر صفات ودبلوماسية الأمير سعود الفيصل، وأوفيه ما يستحقه، فقد كان وزير خارجية بلده وخدم بلاده على مدى 4 عقود من الزمن، وأسس وزارة الخارجية وتعامل مع الأزمات بما يتمتع به من حكمة والحنكة والشجاعة والشهامة والإنسانية، وتعامل مع الأزمات منذ توليه وزارة الخارجية. وأضاف الجبير كان الأمير سعود متواضعاً مطلعاً ويقوم بعمله بجهد كبير رغم وضعه الصحي، على سنوات طويلة، وتشرفت بالعمل معه تحت قيادته على مدى 30 عاماً، لم أتذكر أن تأخر عن موعد أو ألغى موعاًد رغم وضعه الصحي، ويتعامل بالساعات الطويلة تمتد الى 11 ساعة و13 ساعة، دون كلل أو ملل، وكان صبورًا في أسلوبه في الأمم المتحدة وفي المؤتمرات الدولية الأخرى.. فيما قال د. عبدالمنعم سعيد أنه في ظل نظام عربي منهك ودول تتساقط ودول تتدخل في شؤون الآخرين، لا نتحدث عن ذكرى أو عدد الإنجازات التي حققها في حياته، وإنما نتحدث عن واقع ملموس في السياسة الخارجية للسعودية، صنعها سعود الفيصل بعلمه ومواقفه، ورؤيته. وبين أن الراحل أرسى قواعد ثابتة، في السياسة الخارجية للسعودية وأضفى على العلاقات الخارجية طابعاً، مؤسسياً، انعكس على إيجابية المملكة في القدرة على حماية مصالحها داخلياً وخارجياً. جانب من حضور الندوة المشاركون استعرضوا جهود الأمير الراحل سعود الفيصل الأمير تركي الفيصل الشيخ خالد الخليفة د. عبدالمنعم سعيد عادل الجبير د. نزار مدني
مشاركة :