الجمعة السوداء، الاثنين الأسود، انهيار، انصهار الأصول، أزمة مالية عالمية، كل هذه المصطلحات بل وأكثر تداولت خلال الأسبوع الماضي، ما حول حال الأغلبية بين المرتعب والحائر والباحث عن جواب لسؤال يبدو بسيطا بشكله العام، متشعب الجوانب في تفاصيله. هل هذا الهبوط تصحيح صحي ومطلوب أم هي نهاية دورة اقتصادية زاهية وحان وقت ربط الأحزمة التي هي أصلا مشدودة، حتى التصق البطن بالظهر. تقلب القنوات الإخبارية والاقتصادية علها تجد إجابة عن هذا السؤال وتبحث في مواقع التواصل الاجتماعي والتي يملؤها الكثير من المحللين الأشاوس فتزداد الحيرة بين من يقول إنها سحابة عابرة، بل ومطلوبة لري المحاصيل بدخول رؤوس أموال جديدة من جهة، ومن يعشق فن التشويق بل التخويف ويصور لك نهاية العالم اقتصاديا ويذكرك بالألم القديم ذي الأعوام العشر منذ الأزمة المالية العالمية في العام 2008 من جهة أخرى. جميع الإجابات التي قد تصب في خانة واحدة لا غير، وهي خانة التوقعات لا غير، فلا يوجد هناك من يستطيع أن يحكم إذا كانت هذه التراجعات العالمية ستستمر أم أننا رأينا الأسوأ. فما بدأ من الأسواق الأميركية من هبوط في أسواق المال يشبه في عالمنا الصغير في مضمونه الهزة الأرضية والتي تبدأ من نقطة ما وتتوسع الموجات الارتدادية لتضرب جهات بعيدة، فبدأ التراجع بالأسواق الأميركية، لتلحقها بعد ساعات الآسيوية ثم الأوروبية. واستمرت موجة الهبوط حتى أصابت أسواق المنطقة، ولكن بحدة أقل بكثير مما حدث خارجيا. فأسواق المنطقة لم تصعد مع الأسواق المتقدمة من الأساس، والأسباب كثيرة، منها الجيوسياسي ومنها أسعار النفط التي ما زالت دون التطلعات. ولتنتهي هذه الموجه من البيع المحموم، يجب أن تنتهي من حيث ما بدأت. ويجب أن نعطي الأسواق بعض الوقت لامتصاص عمليات البيع والخوف وإنشاء قاعدة سعرية جديدة قد يبنى عليها أي ارتفاع قادم. هل أبيع؟ أم أحتفظ؟ أم أشتري؟ سؤال آخر يريد الإجابة، وجوابه بسيط وليس بالأمر الصعب. ويجب عليك في البداية تصنيف هدفك المالي لتستطيع الإجابة بنفسك على هذا السؤال. فإذا كنت من المضاربين المحترفين، فهي فرصة مناسبة للدخول الجديد ولكن حذار من الطمع، ويجب أن تعرف مسبقا حجم المخاطرة التي تحملها معك بالإضافة إلى تفعيل وقف الخسارة في حال سارت الأمور للهبوط مرة أخرى، وهذا شي متوقع. أما إذا كنت من المستثمرين المتوسطي والطويلي الأجل وكان استثمارك مبنيا على أصول صحيحة، فلا يجب عليك أن تقلق، فهذه سحابة عابرة ولا بد للأسواق أن تستقر عاجلا أم آجلا.
مشاركة :