هموم القارة السمراء أكبر من القمم الأفريقية

  • 2/9/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

– فرار حوالي 300 شخص كونغولي من منطقة كيفو الكونغولية إلى قرية نتيكو الحدودية بغرب أوغندا إثر هجمات ميليشيات “ماي ماي” (غيتي) القاهرة:عبد الستار حتيتة و أحمد سالم* تراقب فرنسا من كثب تحركات لجماعات مذهبية وعرقية في بعض الدول الأفريقية من شمال شمال مالي إلى تشاد والنيجر وليبيا وصولا للسودان. * من بين أهم المتغيرات التي يمكن أن تقلب خطط القادة الأفارقة رأسا على عقب، الحركة التي تشبه حركة الرمال غير المنظورة، للأقليات العرقية التي تبحث عن مستقبل. * القضية المصرية في الملف الأفريقي، خاصة المياه، مجرد قضية واحدة من كثير من القضايا الأخرى التي أصبح على القارة مواجهتها. * تضع الدول الأوروبية، قضية الهجرة غير الشرعية على رأس أولوياتها. لكن هذا لا يخلو من أطماع على ما يبدو تتعلق باقتناص فرص في القارة تبدو الأعباء الملقاة على القارة الأفريقية أكبر بكثير مما قد تتحمله قمة من القمم التي تجمع الزعماء والقادة. فالهجرة من هذه القارة السمراء الشاسعة، إلى أوروبا، إضافة إلى الفقر والإرهاب، ما زالت هواجس تبحث عن حل. وبذل رؤساء ومسؤولون جهودا كبيرة من أجل تخفيف الأعباء والمشاكل التي تعاني منها الدول الأفريقية، ومن بينها مشاكل تتعلق بقسمة المياه خاصة مياه حوض النيل الذي يمر عبر عشر دول. وفي أعقاب اجتياز البساط الأحمر، أمام كاميرات التلفزيون، وتبادل كلمات الترحيب الرسمية في قاعة اجتماعات القمة الأفريقية، التي انعقدت في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، أواخر الشهر الماضي، كانت هناك اجتماعات غير معلنة في غرف جانبية، حظيت بمتابعة دول أوروبية أيضا. فأيا ما كان الأمر، ما زال عدد من بلدان الاستعمار القديم، الأوروبية، مهتمة بمسيرة هذه الدولة أو تلك. فالأمر لا يقتصر على الأفارقة، بل هناك دول تسعى لكي تكون لها كلمة في مجريات أحداث القارة، حتى لو كان ذلك بشكل غير مباشر.الولايات المتحدة والصين لم تعد أفريقيا قارة بعيدة وغامضة. ولم تعد كذلك محط أنظار الأوروبيين فقط. الأميركيون لديهم نشاط عسكري من خلال قوات ما يعرف باسم أفريكوم. والصين تسعى لكي يكون لها نصيب الأسد في حركة التجارة الآخذة في النمو في كثير من البلدان خاصة تلك التي لها نشاط يمتد حتى القرن الأفريقي وباب المندب. وفي الخلفية هناك تنافس بين عدة دول وجماعات إقليمية للوجود في القارة. الأتراك والإيرانيون وسماسرة السلاح والاتجار بالبشر. ويبدو شعور الأفارقة بمثل هذه الأخطار عميقا. وتوجد تحركات تسعى للسيطرة على المشاكل قبل تفاقمها، ليس من خلال التحركات الرسمية فقط، ولكن هناك نشاط ما يعرف بالدبلوماسية الشعبية، وهي جهود يقوم بها، بعيدا عن الأضواء، نواب في البرلمانات وشيوخ قبائل، وزعماء محليون يحظون بالاحترام. ويقول باجان آج هاماتو، وهو نائب في برلمان دولة مالي وزعيم في قبيلة الطوارق التي تنتشر عبر حدود عدة دول مجاورة لها، إن قضايا القارة تحتاج في معالجتها إلى وجود شخصيات تفهم طبيعة الواقع، ولديها رؤية للمستقبل بناء على خبرتها مع المجتمع المحلي، ومع طبيعة القبائل الأفريقية. وكان هاماتو يتحدث في لغة فرنسية رقيقة. من بين أهم المتغيرات التي يمكن أن تقلب خطط القادة الأفارقة رأسا على عقب، الحركة التي تشبه حركة الرمال غير المنظورة، للأقليات العرقية التي تبحث عن مستقبل. ولديك على سبيل المثال قبائل لها امتدادات عابرة للحدود، من السودان، إلى مالي. وقبائل أخرى مبعثرة في وسط القارة. وكانت هذه القضية محور مناقشات مهمة في أحد الصالونات المطلة على النيل، التي حضرها من بين من حضرها، السياسي السوداني، بكري المنصور، القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي.باجان آج هاماتو، النائب في برلمان مالي والزعيم في قبيلة الطوارق (تصوير: عبد الستار حتيتة). وعموما أدت الاضطرابات الناتجة عن الأنشطة الإرهابية والانحيازات العرقية التي تلجأ إليها بعض الحكومات، إلى تململ واضح داخل كتل قبلية كبيرة عبر حدود بلدان عدة. وتراقب فرنسا من كثب تحركات لجماعات مذهبية وعرقية في بعض الدول مثل شمال مالي ومثل الصحراء الشاسعة بين تشاد والنيجر وليبيا، وصولا للسودان. إنه عالم واسع وقضايا متشعبة تبدو أنها تتزايد بمرور الوقت وتضيف إلى أعباء القارة التقليدية، كالفقر، أعباء جديدة. وتأمل فرنسا، وفقا لوزارة خارجيتها، في مواصلة التعاون مع الاتحاد الأفريقي المكون من 55 دولة، لإحلال السلام والاستقرار والتنمية المستدامة. وتمثل التحركات الفرنسية قلقا لأوروبيين آخرين. والتنافس الغربي ينحصر بكل بساطة بين الناطقين باللغة الفرنسية في القارة والآخرين الناطقين باللغة الإنجليزية. ويبدو أن الفرنسيين لديهم شعور بالتفوق في هذا المجال، حيث إن معظم الدول المهمة في القارة، خاصة في الوسط، من الدول المتحدثة باللغة الفرنسية. وهذا التنافس الغربي حول الوجود في القارة ليس جديدا، لكنه يطفو على السطح بين حين وآخر. ويظهر عادة داخل أروقة الاجتماعات الكبيرة في القارة، مثل اجتماع القمة الأخير. وتحدثت فرنسا صراحة، حول قمة أديس أبابا، باعتبار أنها فرصة للإصلاح المؤسسي للاتحاد الأفريقي، وإطلاق سوق أفريقية موحدة في النقل الجوي، وتبني بروتوكول حول حرية تنقل الأفراد، فضلا عن عقد اجتماع لمجلس إدارة المبادرة الأفريقية للطاقات المتجددة. فشركات توليد الكهرباء من الشمس والرياح – كما يقول أحد الوسطاء التجاريين، تريد فتح أسواق جديدة. ووفقا لمصادر قريبة من القمة التي عقدت في إثيوبيا، فإن كل تقدم للاتحاد الأفريقي، يعد تقدما لفرنسا وشركاتها في القارة.الطموحات الفرنسية ولدى فرنسا خبرات تتعلق بنزاعات موجودة في القارة منذ عشرات السنين. فقد كان لها مشاكل مع ليبيا فيما يخص النفوذ في تشاد، وبعد سقوط نظام معمر القذافي وانتشار الفوضى في ليبيا أصبح هناك من ينظر إلى الطموحات الفرنسية في هذه المنطقة المهمة من العالم بنظرة فيها عدم ارتياح. أضف إلى ذلك خلافات فرنسا حول الهيمنة في وسط القارة الغنية بالموارد الطبيعية. إلى جانب العقبات التي تعترض سبيل فرنسا في نشاطها الاقتصادي في مالي، بسبب جماعات متطرفة في تلك الدولة. وتضع الدول الأوروبية، قضية الهجرة غير الشرعية على رأس أولوياتها. لكن هذا لا يخلو من أطماع على ما يبدو تتعلق باقتناص فرص في القارة، رغم أن خطر الهجرة غير الشرعية يظل الأكبر، كما أنه ذو أولوية أمنية قصوى، حيث إن بعض القادة الأوروبيين تحدثوا صراحة، عن مخاوف من أن يتسلل إرهابيون وسط أفواج المهاجرين غير الشرعيين لتنفيذ عمليات تخريبية في القارة العجوز. ويقول الزعيم القبلي والسيناتور في برلمان الكونغو الديمقراطية، مويندا بانتو مونونغو، إن الدبلوماسية الشعبية يمكن التعويل عليها بقوة، فقد ثبت أن قادة القبائل الأفريقية، لديهم تأثير قوي على مجريات الانتخابات التي تفرز حكام القارة، سواء على مستوى البرلمانات أو الحكومات، مشيرا إلى أن هذا الأمر لا يمكن تغافله للمساعدة في حل نزاعات كثيرة آخذة في الظهور على السطح، لا سيما في السنوات السبع الأخيرة. لقد ضربت الرياح العاتية لما يعرف بـ«الربيع العربي» ثلاث دول أفريقية، هي تونس ومصر وليبيا. ومما لا شك فيه أن الأحداث التي عصفت بهذه الدول الثلاث أثرت بالسلب، بنسبة ما، على الاستقرار والتعاون في القارة السمراء وعلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط، في أوروبا، أيضا. ويقول هاماتو: «يا إلهي.. لقد تجاوز تأثير المتغيرات التي اندلعت في عام 2011، ساحل البحر ووصلت إلى قلب القارة. هذا ما تعاني من تداعياته كثير من الشعوب الأفريقية».السيناتور مويندا بانتو مونونغو، الزعيم القبلي، والعضو في برلمان الكونغو الديمقراطية (تصوير: عبد الستار حتيتة). وعلى سبيل المثال أعطت الفوضى الليبية فرصا كبيرة لنمو الهجرة غير الشرعية، وانتقال العناصر المتطرفة، مثل بوكو حرام، عبر عدة بلدان، منها مالي نفسها، إلى جانب ازدهار تجارة السلاح والمخدرات ونزوح جماعات عرقية عبر الحدود، مثلما يحدث بين تشاد وليبيا، وتشاد والسودان، والصومال وجيبوتي، وغيرها. ويسعى السيناتور الكونغولي، مونونغو، وهو يتحدث بلغة إنجليزية ذات لكنة بريطانية، إلى إجراء تواصل على المستوى الشعبي لإيجاد أرضية للتفاهم ومساعدة الدول الأفريقية على حل المشاكل الداخلية والمشاكل القائمة مع بعضها البعض. لم يكن الاتحاد الأفريقي، كمنظمة، كافيا أبداً لحل القضايا الكبرى التي تعاني منها القارة. فقبل عشرين عاما كانت مشكلة نقص الأمطار ونقص القدرة على إدارة الموارد المحلية، تسيطر على الصور الإعلامية، مع مشاهد مأساوية للأطفال الذين يموتون جوعا. ومنذ ذلك الوقت بدأ الشعور بأن أبناء القارة يهربون من الجفاف ومن الموت بالهجرة إلى الشمال في الطريق إلى أوروبا. وفي مطلع تسعينات القرن الماضي تحرك الأوروبيون، مدفوعين بنشاط فرنسي في الخلفية، من أجل التعاون مع الدول الأفريقية الواقعة على البحر المتوسط، للإسهام في تنمية القارة والتصدي لمجموعات البشر اليائسين الذين بدأوا منذ ذلك الوقت يشدون الرحال لاجتياز البحر المتوسط. وتأسست حينذاك مجموعة 5 زائد 5، وكانت تضم من شمال المتوسط، فرنسا وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال ومالطة، ومن جنوب البحر، المغرب وموريتانيا والجزائر وتونس وليبيا. ويتذكر أحد الدبلوماسيين من المغرب العربي تلك الأيام، قائلا إن مجموعة التعاون هذه بين دول أوروبية وأفريقية، كانت نافذة مهمة لترويض شخصية القذافي وإدخاله إلى الحظيرة الدولية، حتى يتوقف عن دعم أنشطة إرهابية حول العالم، ويخفف من قبضته على وسط أفريقيا. ويبدو أن القذافي تشجع وقتها، واقترح توسيع المجموعة بضم دولتين إضافيتين من ضفتي البحر المتوسط، هما اليونان عن أوروبا، ومصر عن شمال أفريقيا، حيث كانت له علاقة ثقة مع زعيمي هذين البلدين. ويقول قيادي في نظام القذافي: «نعم… لقد كانت فرصة لمد خيوط التعاون مع الأوروبيين، وكسر حاجز الخوف من النظام الليبي. فنحن ظلت لنا كلمة مسموعة في أفريقيا لوقت طويل، وهذا لم يكن مريحا للغرب خاصة فرنسا، مشيرا إلى أن طرابلس الغرب هي التي اقترحت على فرنسا ضم مصر واليونان وتغيير اسم المجموعة إلى 6 زائد 6». مفوضية الاتحاد الأفريقي ويزيد النظر إلى الماضي، والفرص التي لم تستغل في حينها، من ثقل مهمة القادة الأفارقة للتغلب على مشاكل القارة. فقد اختفى القذافي الذي كان قد أصبح أكثر مرونة في عام 2010. وتوصل إلى صيغ جديدة للتعاون مع أعداء الأمس؛ أي مع الفرنسيين، بعد أن فجر لهم طائرة «يو تي إيه» الشهيرة في عام 1989. بسبب الخلافات حول النفوذ في تشاد. كما اختفى من الساحة حسني مبارك، الذي نجح في إدارة ملف حوض النيل وحصة المياه من النهر لبلاده، من خلال علاقاته الجيدة مع إثيوبيا التي تأتي منها الحصة الأكبر من المياه إلى مصر، رغم أنه تعرض لمحاولة اغتيال في أديس أبابا، عام 1995. كما اختفى زيد العابدين بن علي، بعد أن كان يمثل بثقله في شمال أفريقيا حلقة مهمة من العلاقات الدولية الوازنة. وبالإضافة إلى مشاكل الحدود بتشابكاتها المحلية والإقليمية والدولية، طفت على سطح القارة في الوقت الراهن، قضية الإرهاب. فمنظمة بوكو حرام التي تعد إحدى أذرع «داعش» الكبيرة في وسط القارة، تتوسع باضطراد، وتقوم بأعمال بشعة في النيجر وعدة دول أخرى، كما رصدت مصادر أمنية وصول مجموعات من شباب المجاهدين المتطرفة من الصومال إلى سواحل بشمال أفريقيا. ووصف موسى فكي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، الوقت الذي تمر به القارة بـ«الحرج». وعلى هذا دعت بلدان الاتحاد الأفريقي للتضامن، والتكاتف، لمواجهة ظاهرة الإرهاب في دول القارة. وقال أيضا إن المعاناة الاقتصادية في هذه القارة «تؤثر بشكل سلبي على ملايين البشر». وبالإضافة إلى مجموعات التعاون الإقليمية، مثل 5 زائد 5، هناك تعاون وتنسيق بين الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية. وأكد الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط، التزام الجامعة العربية بتمتين شراكتها الاستراتيجية مع أفريقيا، وتعهد بأن تستمر الجامعة بكل طاقاتها في عملها المنهجي بالتعاون مع مفوضية الاتحاد الأفريقي لتنفيذ كل ما صدر عنها وعن القادة العرب من قرارات في القمم السابقة، وعلى رأسها تطوير خطة العمل العربية الأفريقية. وتكمن المعضلة الرئيسية في أنه كلما مر مزيد من الوقت، كان حل القضايا العالقة أكثر تعقيدا. وبحسب مصادر أمنية وقبلية في دولتي مالي والكونغو الديمقراطية وتشاد، فقد تمكنت قطاعات من الشباب المنتمين لقبائل كبرى في القارة، من تسليح أنفسهم، لاستشعارهم خطر ضعف بعض الحكومات، خاصة بعد تزايد نشاط تنظيم داعش وقيامه بفظائع في قرى عبر حدود بلدان في وسط القارة. والمخاوف قائمة كذلك من جماعات معارضة مسلحة وعابرة للحدود، وهي موجودة قرب الحدود التشادية السودانية، وكذلك قرب الحدود السودانية الإريترية. أضف إلى ذلك مشكلة المياه بين عدة دول منها مصر وإثيوبيا، وقضية الحدود السودانية المصرية. إن أسوأ فترة للعلاقة بين القاهرة وباقي دول القارة السمراء كانت بعد عام 2011. وتدهورت بشكل كبير عقب إزاحة الرئيس الأسبق محمد مرسي عن السلطة في 2013. وقيام الاتحاد الأفريقي بتعليق عضوية مصر فيه. واليوم يبدو أنه تجري محاولات لمعالجة أخطاء الماضي. فقد عادت مصر إلى الاتحاد الأفريقي لتلعب دورها كواحدة من الدول المهمة في القارة، وفي علاقة القارة مع تجمعات إقليمية مثل أوروبا، ومثل قوات أفريكوم التي لا يمكن تجاهل حاجتها للتعاون في سبيل مراقبة الجماعات المارقة عبر حدود البلدان الأفريقية، من الصومال والقرن الأفريقي، إلى السواحل الغربية للقارة. وفي خضم هذه المشاكل، ظهر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال قمة أديس أبابا، مع اثنين من القادة الأفارقة المثيرين لقلق المصريين، بشأن المياه والحدود، وهما الرئيس السوداني، عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي، هايلي ماريام ديسالين. وتقول سامية رافلة، وكيل لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان المصري، إن اتجاهات الرئيس السيسي في عودة العلاقات المصرية الأفريقية، لسابق عهدها، واضحة منذ توليه الحكم، مشيرة إلى أن القمة الثلاثية التي عقدها مع البشير وديسالين، ستزيل الجمود في العلاقات بين مصر وإثيوبيا والسودان. وتضيف: «انعقاد القمة الثلاثية كان بمثابة الخطوة الأمثل للوصول لحل يكون في صالح مصر في تقسيم المياه الإقليمية للنيل، بعد بناء سد النهضة في إثيوبيا. إن بعض الدول استغلت إهمال القيادة السياسية بمصر لدول القارة الأفريقية في الماضي، وتسببت في الكثير من الأزمات وإحداث الوقيعة بين مصر وعدد من دول القارة السمراء». وتتابع قائلة إن الدول الأفريقية رحبت بعودة العلاقات المصرية معها نظرًا لقوة القاهرة إقليمياً ودوليًا، خاصة أنها تتبع سياسة معتدلة، مشيرة إلى أن الفترة القادمة ستشهد عودة العلاقات إلى سابق عهدها مع أفريقيا وإثيوبيا بشكل خاص.– مهاجر أفريقي من مالي يروي قصته على بعد 170 كيلومترا جنوب شرق العاصمة الليبية طرابلس في 12 ديسمبر 2017 بعد هروبه من التعذيب والمجاعة على أيدي المتاجرين بالمهاجرين (غيتي) ومن جانبه يوضح النائب حاتم بشات، عضو لجنة الشؤون الأفريقية بمجلس النواب المصري، أن القمة الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا، كانت من أعلى مستويات التفاوض، ويجب حل الأزمات المشتركة دون اللجوء إلى المجتمع الدولي. ويضيف أن بلاده نجحت، خلال السنوات الأربع الماضية، أي منذ عودتها إلى الاتحاد الأفريقي، في إنجاز ملفات عدة في القارة، سواء تجارية، أو سياسية، أو اقتصادية، واستطاعت حل أزمات بعض الدول، وعقد مصالحات مع أطرافها سواء في جنوب السودان، أو ليبيا، أو غيرهما. ويقول النائب طارق الخولي، أمين سر لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، إن العلاقات المصرية السودانية والإثيوبية كانت في خطر كبير، وكانت هناك محاولات لتأجيج الفتن على مدار الفترة الماضية، وتصعيد الوضع، لكن القاهرة استطاعت استيعاب هذه الحالة لتفهمها العميق لمحاولات ضرب علاقاتها مع دول حوض النيل وخاصة السودان وإثيوبيا، إلا أنها استطاعت دحض مساعي كل الأطراف المتربصة بالعلاقات المصرية السودانية الإثيوبية، موضحًا أن القمة الثلاثية تشير إلى استمرار مساعي مصر لتوطيد المباحثات السياسية والدبلوماسية إزاء حل كل القضايا العالقة بين الأطراف للوصول إلى حلول من شأنها معالجة أزمة سد النهضة وغيرها من الملفات الأفريقية العالقة. وتعد القضية المصرية في الملف الأفريقي، خاصة المياه، مجرد قضية واحدة من كثير من القضايا الأخرى التي أصبح على القارة مواجهتها. ويوجد تحت السطح خلاف بين جيبوتي وإريتريا، وبين الخرطوم وجنوب السودان، وبين جماعات مسلحة في غرب السودان، وأخرى مع حكومة تشاد، وغيرها، بالإضافة إلى انتشار المتطرفين وقدرتهم على اجتياز الحدود الصحراوية الشاسعة التي تفتقر إلى التأمين الجيد. ومع ذلك كان حديث معظم القادة في قمة أديس أبابا يتسم بالأمل في إيجاد حلول، على الأقل الإسراع في إنهاء الانقسامات الخطيرة بين الأفرقاء في ليبيا، وكبح جماح بوكو حرام وحركة الشباب الصومالية، وإرساء الاستقرار في بلدان أخرى، وفوق كل هذا مراقبة الانتخابات العامة، وإرساء مبادئ الحكم الرشيد، في هذا البلد أو ذاك، كأحد مهام الاتحاد الأفريقي.الاتحاد الأفريقي عرف الاتحاد الأفريقي ككيان بهذا الاسم منذ عام 2002. وخرج أساسا من رحم تكتل قديم ظهر قبل استقلال دول أفريقية عدة من سيطرة الاستعمار الغربي، كان يعرف باسم «منظمة الوحدة الأفريقية» التي أنشئت في مطلع ستينات القرن الماضي. ومر على اجتماعات الاتحاد الأفريقي زعماء كثر، كان أبرزهم القذافي بملابسه الأفريقية الملونة، وشهد الكثير من المبادرات والمقترحات لتنمية القارة، إلا أن الطريق ما زالت طويلة، والهموم أكبر من أن تقضي عليها مجرد قمة.

مشاركة :