أكد فضيلة الداعية الدكتور علي محيي الدين القره داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن ما يحدث في سوريا والعراق واليمن من قتل وتدمير وتشريد بأيدي المسلمين وغيرهم يندى له جبين الإنسانية، وأضاف في خطبة الجمعة أمس بجامع السيدة عائشة في فريج كليب: «أن من يقوم بهذه الأعمال عملاء من المسلمين، ويجب على الأمة الإسلامية أن تعود إلى رسالة الإسلام الحقيقة وعظمة الإسلام وحقائقه». وأوضح أنه منذ 100 عام أو أكثر مع قدوم الاستعمار واحتلاله لأراضينا، لم تعد خيرات الأمة لشعوبها، وإنما باتت تصرف على الحروب، والمستفيد منها أمراء الحروب منا ومن غيرنا، وأوضح أن الإسلام يحاول ترسيخ التآلف والتراحم الإنساني، وأنه لا داعي للحروب، ونوه بأن الغزوات الإسلامية كانت لإزالة الطغاة. واستشهد فضيلته في ذلك بأن أكثر من نصف العالم الإسلامي دخل الإسلام عن طريق الدعاة وليس الحرب، وهذا هو منهج الإسلام في قضية التعايش، وأشار في هذا السياق إلى أن عصبة الأمم أنشئت من قبل المستعمرين الذين جاءوا بعكس ما أراده القرآن الكريم من حيث التعايش والسلم والعدالة الاجتماعية والسلم الدولي، فلذلك لم تكن نشأتها عادلة، وكانت سبباً في حدوث الحروب العالمية الأولى والثانية التي أكلت الأخضر واليابس، ثم قامت دول الحلفاء الخمس بإنشاء الأمم المتحدة عام 1945 وأعطوا لأنفسهم حق النقض (الفيتو)، وقال: «إنه يمكن، من خلال الفيتو، لدولة واحدة من الدول الخمس أن تفرض رأيها، وهو ما يمنع تحقيق العدالة والسلام، بالإضافة إلى ما يسمى بالديمقراطية الأكثرية، وهذا يؤدي إلى ظلم الأقلية، حيث إن قضايانا في العالم الإسلامي عادلة كقضية فلسطين وقضية الحصار وغيرها من القضايا، لكن ليس هناك صوت مؤيد من دول الفيتو. وقال فضيلته: «لو كان للأمة الإسلامية قوة لما كانت للمسلمين فقط بل للعالم أجمع، حيث ذكر الله تعالى في سورة البقرة (لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) والشهادة هنا تقتضي الوقوف مع الحق، مثلاً يقال للكافر العادل أحسنت والمسلم الظالم أسأت (كنتم خير أمة أخرجت للناس) فهذه الخيرية ليست خاصة لعرق أو دولة محددة وإنما لكافة البشر ولخدمتهم ومنفعتهم، فالإسلام دائماً يقف مع الحق وإن كان يهودياً أو نصرانياً أو بوذياً، فهذا هو الإسلام الحق لذلك واجب علينا فهم هذه القضايا. وأضاف: «إن ما نلاحظه الآن من قيام الكثير من الشباب بتبني الأفكار المتطرفة ونشرها باسم الإسلام ومحاولة تشويهه وقتل الناس ليس من الإسلام بشيء، لأن رسالته العدل والرحمة». وأعرب فضيلته عن أمله في أن يرد الله تعالى أمتنا الإسلامية إلى هذه الأفكار العالمية الإنسانية الجميلة والعظيمة التي يسود بها العالم، وحذر من أن الأفكار المتطرفة سبب الحرب علينا انطلاقاً من حالة الإسلام فوبيا. تأمّل سنن الله في خلقه دعا الدكتور علي القره داغي خلال خطبة الجمعة إلى تأمل سنن الله تعالى في خلقه، لافتاً إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك إنسان مثل آخر، وأن هناك اختلافات كبيرة بين البشر يذكرها القرآن الكريم وبالتفصيل حتى نتعرف على مقاصد الشريعة في هذه المسألة بأنها طبيعية، وبالتالي ننطلق من طبيعية هذه الاختلافات إلى أن نتعايش وأن يقبل بعضنا البعض وأن نسير رغم الاختلافات، (لكم دينكم ولي دين) أن تكون هذه الأرض موئلاً للإنسان نفسه. وقال فضيلته: «إن الله سبحانه وتعالى خلق هذه الأرض لجميع البشر حتى يعيشوا فيها بسلام ووئام، هكذا يذكر القرآن الكريم هذه الاختلافات ثم ينتقل القرآن الكريم من هذه الاختلافات الطبيعية التي تؤدي إلى الائتلاف لو فهمناها وفهمنا مقصد الشرع منها، حتى نعرف بأن جميع البشر هم إخوة في الإنسانية»، لافتاً إلي أن ما جاء في سورة النساء (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءًج وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَج إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا). وأضاف أن كل إنسانٍ من آدم عليه السلام، وأن الإنسان فيه من روح الله عندما يكون جنيناً في بطن أمه، وفي أي مرحلة كان، لذلك لا يحق للإنسان أن يعتدي على أخيه الإنسان إلا إذا أراد الاعتداء على عرضه ونفسه وماله، وهذا أمر آخر، لذلك هذه الأمور الكثيرة التي يذكرها القرآن الكريم للوصول إلى التعايش بين الناس حتى تعطي هذه الأرض ثمارها وخيراتها للبشرية.;
مشاركة :