يرتدي الطاهي آلان الجعم، بفخر، بزته البيضاء متباهياً بنجمة «دليل ميشلان» التي تزينها، إذ شق هذا الطاهي اللبناني بجدارة طريقه في هذه المهنة متحدياً عوائق كثيرة اعترضته، قبل أن يبلغ مطعمه الفاخر في باريس هذه المنزلة المرموقة.ويقول الجعم لدى استقباله فريق وكالة فرانس برس، في مطعمه الراقي الذي فتح أبوابه قبل عشرة أشهر فقط، في الدائرة السادسة عشرة في باريس: «لم أكن أظن أن عائلة ميشلان مهتمة بأمري، أنا العصامي الذي افترش الشارع وكان يغسل الأطباق».وبين المطبخ وصالة الزبائن، يحضّر فريقه المؤلف من ثمانية أشخاص بعناية كبيرة فطائر بالبطاطا، ويوزع على الطاولات أكواباً على شكل حصى مصقولة. ساعة فتح المطعم لفترة الغداء تقترب، ومنذ الإعلان الاثنين الماضي عن اختيار المطعم ضمن قائمة المؤسسات المختارة ضمن «دليل ميشلان» بطبعته الفرنسية للعام 2018، «لم يتوقف الهاتف عن الرنين».وهذه النجمة الأولى في الدليل الذي يكرّس أفضل المطاعم، غير متوقعة لهذا الطاهي اللبناني البالغ 43 عاماً، والذي عاش الحرب مرتين بداية في ليبيريا التي ولد فيها وخسر فيها والداه «كل شيء»، وبعدها في لبنان.حلم الجعم بأن يصبح طاهياً مر بمخاضات ، على الرغم من أنه لم يكن يوماً بعيداً عن المطبخ؛ إذ أدى خدمته العسكرية في لبنان كطباخ للكتيبة، حتى إن أحد الضباط اكتشف موهبته واختاره طباخاً خاصاً. وبعد مغادرة الجعم لبنان ومروره بمحطات شملت الولايات المتحدة وإيطاليا والتشيك، حط رحاله في باريس عام 1999، بعد بلوغه سن العشرين.وبعيد وصوله إلى العاصمة الفرنسية، افترش الجعم الشارع في أسبوعه الأول. وعمد بعدها لممارسة أعمال بسيطة في مجال البناء، كما عمل في غسل الأطباق في أحد المطاعم. وفي المطبخ، أمضى الجعم أيامه «في التعلم والمشاهدة والمراقبة»، إلى أن بدأ فيها غاسل الأطباق الشاب هذا حينها، الطبخ.وبعد حوالي عقدين، بات مطعم الجعم الراقي، الذي يضم ما لا يزيد على عشرين طاولة في إطار دافئ، رابع المؤسسات التي يمتلكها هذا الطاهي اللبناني. ومقاعد هذه المؤسسة محجوزة بالكامل للأسابيع الثلاثة المقبلة.
مشاركة :