يساعد العرق الجسم على تنظيم درجات الحرارة، وغالبا ما يرتبط العرق بممارسة بعض الأنشطة، مثل النشاط البدني الشاق وارتفاع درجة الحرارة، وأيضا مشاعر الخوف أو القلق والغضب، غير أن هناك حالات يكون العرق أكثر من المعتاد وهو ما يعرف بفرط التعرق، وهي حالة تتميز بزيادة إفراز العرق عن الحد الطبيعي، وفيها يصدر العرق بصورة مستقلة عن العوامل المعتادة لإفراز العرق.تكون أكثر المناطق المتأثرة بالتعرق الكفين والإبط وباطن القدمين والوجه، وفي بعض الحالات وهي الأسوأ يتأثر جميع أنحاء الجسم، وتؤثر هذه الحالة على كثير من الأنشطة اليومية للمصاب بها، ويعتبر الإحراج الاجتماعي أكثر سبب للمشاكل من وجهة نظر من يعاني فرط التعرق، ويعتبر التعرق الطبيعي عملية فسيولوجية تحدث عندما ترتفع درجة حرارة الجسم عن معدلها الطبيعي، حيث تبدأ الغدد العرقية إفراز العرق حتى تخلص الجسم من هذه الحرارة، وبالتالي تجعل الجسم باردا ويعود مرة أخرى إلى درجة الحرارة الطبيعية، وبذلك فإن العرق يعمل علي تنظيم درجة حرارة الجسم، وتنتشر الغدد العرقية في أجزاء الجسم المختلفة، غير أن أكبر تركيز لها يكون في راحة اليد، ويمتلك الإنسان نوعين من هذه الغدد العرقية، وهما الغدد العرقية الإكرينية الفارزة والغدد العرقية الإبوكرينية المفترزة، ويعتقد بعض الأخصائيين أن المسؤول عن مشكلة فرط التعرق، هي الغدد العرقية الإكرينية في حين أن الغدد العرقية الإبوكرينية لا يزال دورها غير معروف بشكل كاف. بداية النوبة يتحكم في نشاط الغدد العرقية مركز حرارة الجسم بالمخ، من خلال الجهاز العصبي السمبثاوي وهو الذي يشرف على استجابات الجسم للطوارىء وأشكال الإجهاد والتوتر الأخرى، وهو ما يعني أن كمية العرق التي يتم إفرازها تكون بشكل لا إرادي، وينشط الجهاز العصبي السمبثاوي الغدد الإكرينية عن طريق ناقل عصبي، ووجد أن من يعانون فرط التعرق يكونون حساسين للغاية من إشارات هذا الناقل العصبي، ولهذا يفرزون كميات عرق أكبر من المعدل الطبيعي، وترتبط بداية نوبة فرط التعرق ببعض العوامل مثل ارتفاع درجة الحرارة وممارسة الرياضة، وفي العادة فإنها تقل بالليل وتختفي أثناء النوم، وينقسم فرط التعرق إلى نوعين الأول فرط التعرق الأولي وهو لا يزال مجهول السبب، وإن كانت إحدى النظريات تعزوه إلى زيادة نشاط في الجهاز العصبي التعاطفي، وهذا النشاط يمكن أن يكون ناتجاً عن نشاط وظيفة مخية غير طبيعية، ويكون في الغالب في جزء معين بالجسم وليس بالجسم كله، فيمكن أن يكون براحة اليد أو الوجه أو باطن القدم أو الإبط، والنوع الثاني فرط التعرق الثانوي ويكون وراءه سبب معروف، كما أنه غالبا ما يصيب الجسم كله، حيث يمكن أن يؤدي إليه حدوث اضطراب بالغدد الصماء، مثل مرض السكري وفرط نشاط الغدة الدرقية والنقرس، وانقطاع الحيض عند المرأة بسبب بلوغها سن اليأس، وأورام الغدد اللمفاوية والدرن، والنقرس والسمنة المفرطة والاضطربات النفسية، والعدوى وتناول بعض الأدوية مثل أدوية الاكتئاب، ويمكن أن تؤدي الأمراض القلبية إلى فرط التعرق، وكذلك الأملاح الزائدة في الجسم وإصابات الحبل الشوكي والحمى. راحة اليد يصيب فرط التعرق جزءاً معيناً من الجسم مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، وذلك في أحيان كثيرة مثل راحة اليد والوجه والإبط، غير أنه يمكن أن يصيب الجسم كله في بعض الأحيان، ويعتبر فرط التعرق في راحة اليد الأكثر انتشاراً، لأن اليد تكون باردة ولزجة بشكل مستمر من كثرة العرق، ويحتاج المصاب إلى تجفيف يده باستمرار، ويمكن أن يظهر العرق دون أي سبب، كما يمكن أن يحدث نتيجة التوتر والعرق ولا يحصل فرط التعرق ليلا، ويمكن أن يصاحب تعرق اليد تعرق بعض الأجزاء الأخرى مثل الإبط والوجه وباطن القدم، والأكثر انتشارا تعرق راحة اليد مع باطن القدم، وتظهر هذه الأعراض في سن المراهقة عادة وتستمر مدى الحياة، وتؤثر هذه الحالة في حياة المصاب حيث يتعرض لمواقف محرجة وأزمات نفسية، وهو ما يجعله يتجنب المصافحة باليد، كما يلقى صعوبات في الكتابة واستعمال الحاسب الآلي، ويعاني الشخص المصاب بفرط التعرق في باطن القدم من رائحة كريهة مستمرة، كما يعاني بسبب العرق الزائد من انزلاق الأحذية وكثرة الإصابة بالعدوى الفطرية والبكتيرية، وتتمثل مشكلة فرط التعرق في الإبط في رائحة العرق التي تسبب للشخص المصاب حرجا بالغا، كذلك يتأثر بالحالة النفسية ودرجة الحرارة، كما يصاب الوجه والرأس والعنق بحالة التعرق المفرط حيث يظهر شعر الرأس بشكل سيئ، ويمكن أن يحدث تعرق الوجه أثناء الأكل أو التحدث مع الآخرين، أو التواجد في الزحام، ويمكن أن يصاحب تعرق الوجه احمراره. مضادات التعرق يحتاج الطبيب المعالج لإجراء عدد من الاختبارات لمعرفة كمية العرق التي يفرزها المصاب بفرط التعرق، وكذلك معرفة المناطق الأكثر تعرقا، فأولا يقوم الطبيب بالكشف عن كمية العرق بتثبيت ورق ترشيح تحت الإبط، ويزن الورق بعد دقيقة ويقوم بحساب مقدار العرق الذي أفرزه ويقارن بالمستويات الطبيعية، ثم يأتي اختبار اليود الذي يكشف المناطق الأكثر تعرقا، عن طريق وضع محلول اليود على منطقة جافة من جلد المريض ثم يرش فوقها نشا الطعام، وعند التعرق يمتص النشا اليود ويتلون، ويجب بداية علاج السبب في حالات التعرق الثانوي، وعدم الاكتفاء بعلاج التعرق فقط، ويشمل علاج فرط التعرق أربعة علاجات هي مضادات التعرق والعلاج بالشحنات الكهربية، والعلاج بالحقن الموضعي والعلاج بالجراحة، ويمكن استخدام مضادات التعرق لتقليل إنتاج العرق من الغدد، وجميع هذه المضادات تحتوي علي كلوريد الألمنيوم كمادة فعالة في علاج فرط التعرق باليد والإبط، حيث تغلق المسام الخارجية للغدد العرقية بشكل مؤقت، وتكون مفيدة في الحالات الخفيفة والمتوسطة، ويمكن كذلك استخدام مضادات العرق الفموية، وهي كثيرة غير أن لها أعراضاً جانبية كجفاف الفم والإمساك، والعلاج بالشحنات الكهربية يتم بوضع اليدين أو القدمين في حوض ماء يمر به تيار كهربي خفيف لمدة من 20 إلي 30 دقيقة، وهذه الشحنات الكهربية تؤدي إلى تغيرات كهربائية في الغدد العرقية وهو ما يؤثر في إنتاج العرق، غير أن هذه الطريقة لا يمكن استخدامها في الوجه ويمنع استخدامها أثناء الحمل أو لمن يحملون جهاز منظم ضربات القلب، ويمكن استخدام طريقة الحقن الموضوعي بحقن البوتكس حيث يقوم البوتكس بمنع الإشارات العصبية التي تحفز إنتاج العرق، وهذا العلاج ناجح وآمن في حالات فرط التعرق في الإبط واليد والقدم، وفاعليته تستمر ما لا يقل عن 6 أشهر، ويمنع استخدام البوتكس في الحمل والرضاعة. الجراحة مضرة يوجد نوعان للعلاج الجراحي للتخلص من مشكلة فرط التعرق، الأول يكون بكشط طبقة تحت الجلد ومعها الغدد العرقية دون إزالة الجلد، والشفط مع كشط طبقة تحت الجلد وتتم تحت مخدر موضعي، والثاني قطع الأعصاب السمبثاوية بالمنظار وهي عملية فعالة في علاج فرط التعرق خاصة في اليد، غير أنها لا تخلو من مضاعفات مثل التعرق التعويضي، حيث يحدث زيادة في التعرق بعد العملية، وتكون في الجزء السفلي من الصدر والظهر والبطن والفخذ والساق، ويمكن أن تكون مصحوبة بحساسية زائدة للحرارة أو البرودة، وكذلك يمكن أن يحدث جفاف باليد أو الوجه أو الرقبة، وغالبا فإن التدخل الجراحي لم يعد يستخدم بسبب مضاعفاته، وصار استخدم الحقن الموضوعي بالبوتكس الأفضل لنتائجه الجيدة وعدم وجود مضاعفات تذكر، ويبقى أخيرا العلاج النفسي حيث إن له دورا في تخفيف المشكلة، خاصة في الحالات التي ترتبط بالضغط النفسي والقلق، وتتوافر عدد من العلاجات المنزلية يمكن أن تفيد في تخفيف آثار الحالة، منها خل التفاح حيث يمتاز بخواصه القابضة ويمكن استخدامه خارجيا للسيطرة على التعرق، وصودا الخبز وهي مضاد طبيعي للعرق حيث يمكن أن تمتص الرطوبة وتحسن رائحة الجسم، والمرمرية تساعد في تقليص الغدد العرقية، وهي غنية بالمغنيسيوم وفيتامين «ب» وهو يساعد في السيطرة على الغدد العرقية، والشاي الأسود يحتوي على حمض التانيك وهو مضاد للعرق، كما أن الشاي الأسود يقتل البكتيريا التي تسبب رائحة الجسم، والليمون مزيل طبيعي للعرق ويخفي الروائح غير المستحبة التي يسببها العرق. أعداد كبيرة تشير الأبحاث والإحصاءات إلى أن فرط التعرق ليس حالة نادرة، بل يعانيه حوالي خمسة من كل ألف من البشر، وفي إحدى الإحصاءات الحديثة أشارت إلى أن ما يبلغ من 3% من السكان يعاني هذه الحالة، ويؤثر فرط التعرق في الرجال والنساء على حد سواء، وكذلك في الصغار والكبار، غير أنها تنتشر أكثر في المرحلة العمرية من 25 وحتى 60 سنة، ويمكن أن يعاني بعض الأشخاص في سن مبكرة عن هذا المعدل، وتشير بعض الأبحاث إلى أن الاستعداد الوراثي أحد الأسباب في الإصابة بفرط التعرق، فبحسب هذه الأبحاث وجد أن أكثر من 35% ممن يعانون هذه الحالة تبين وجود فرد آخر مصاب بها من العائلة، وتنصح الدراسات الطبية الحديثة من يعانون هذه الحالة بشرب كميات من الماء البارد، حتى تساعد على تنظيم حرارة الجسم، وينصح بارتداء الملابس الخفيفة والأقمشة التي تساعد على تنفس الجلد مثل القطن والحرير، مع تجنب الأطعمة التي تكون غنية بالتوابل، حيث إنها تزيد من إفراز العرق.
مشاركة :