قال الفنان القطري الكبير غانم السليطي إن حضور حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى عرض مسرحية «شللي يصير»، يعدّ أكبر دعم للمسرح القطري والخليجي، مشيراً إلى أن هذا الحضور خلّف صدى واسعاً في العالم العربي كله. وأكد السليطي في حواره مع «العرب» أن سقف النجاح الذي حققته المسرحية يجعله يفكر مليون مرة قبل تقديم عمل جديد، مشيراً إلى أن هذه المسرحية أصبحت تضع على عاتقه ضرورة احترام المتلقي الذي أبان عن نضج كبير، خاصة فيما يخص التوجيهات بخصوص عدم تصوير المسرحية، مما يعدّ مكسباً للمسرح القطري. وتحدث السليطي أيضاً لـ «العرب» عن عدد من القضايا التي تهم هذا العرض الذي يواصل نجاحه على خشبة مسرح قطر الوطني منذ الثاني من شهر يناير الماضي، محطماً كل الأرقام القياسية، وفيما يلي نص الحوار..بعد أكثر من شهر على عرض مسرحية «شللي يصير» على خشبة مسرح قطر الوطني، ما تقييمكم للإقبال الجماهيري على المسرحية؟ وهل كان في مستوى التوقعات؟ ¶ بداية، أعتقد أن الدروس المستقاة من هذه المسرحية تخص الحركة المسرحية في قطر؛ حيث أكدت أن غياب الجمهور في السابق عن المسرح كان بسبب غياب النص الجيد، ومن خلال هذه المسرحية تأكد أن الجمهور لم يهرب، ولكن المسرح هو الذي غاب لأن الجمهور يأتي لرؤية مسرح يحترم عقله وروح العلاقات الاجتماعية وخالٍ من الألفاظ الجارحة، ونحن نعرف أن الأخلاق تعدّ مفتاح نجاح أي عمل مسرحي، وبالتالي فنقل هذا الجو إلى الخشبة يمكن اعتباره سر النجاح والإقبال الكبير على المسرحية التي تقترب من عرضها رقم 40، بل ونحن الليلة سنقدم عرضنا رقم (38) (يقصد الخميس الماضي حيث تم إجراء الحوار). صحيح أننا نقدم من خلال المسرحية نوعاً من الكوميديا، لكنها بعيدة عن الابتذال وتحترم عقل المتلقي، وهو ما عكسه حضور العائلات الكثيف لأن الكيفية في التعامل مع المشاهدين هي الأساس في المسرح، وليس ماذا ستقدم في النهاية، فمؤسسو فن المسرح منذ القرن الخامس قبل الميلاد كانوا يقدمون نصوصاً مكررة، ولكن كل واحد كانت له نظرته لما يتناوله في النهاية أنت اخترت تناول فكرة الحصار في إطار ما يُعرف بـ «الكوميديا السوداء» ومن خلال لوحات.. فهل يمكن اعتبارها نوعاً من المغامرة، خاصة أن هناك مسرحيات سبقتك لتناول هذا الموضوع، كما أن المسرحية تحمل اسم السلسلة نفسها التي سبق لك أن قدمتها على اليوتيوب؟ ¶ أكيد أن المسرحية تتناول موضوع الحصار، بل موضوعاً عاشه الجمهور ولا يزال؛ ولكن لكل واحد طريقته في تناول المسألة، وأنا أعتقد أن طريقة الطرح والتناول هي التي تختلف بين عرض وآخر، بل أستطيع أن أؤكد لك أن الجمهور الذي يأتي لرؤية المسرحية يحفظها عن ظهر قلب ويحفظ الأحداث. وفي «شللي يصير» قدمت نوعاً من الكوميديا المتنوعة التي تختلف بين لوحة وأخرى. لماذا توظيف بعض الرقصات الاستعراضية بين لوحة وأخرى؟ وما القيمة المضافة التي قدمتها للمسرحية؟ ¶ أولاً ليست رقصات، ولكن يمكن تسميتها بالاستعراض الذي يحمل مجموعة من الرسائل للمتلقي؛ فالاستعراض سواء أكان من الكلمات أم الأغنية يوصل مضموناً معيناً، وأنا قمت بتوظيف أغاني مختلفة في هذا الإطار بما يخدم رسالة المسرحية. فمثلاً في لوحة «عبث عبث» يلاحظ الجمهور أن هناك نوعاً من العبث سواء في الرقصات أو الملابس وغيرها، ولكن في الوقت نفسه تحمل رسالة مهمة. كذلك الأمر مثلاً في لوحة «البحر» التي وظفنا فيها أغنية «ضيعوك» المعروفة في الخليج (وبالمناسبة استأذنت من صاحبها الفنان البحريني خالد الشيخ)، وبالتالي فالجمهور الجالس عندما يسمع الكلام الذي يُقال يفهم الرسالة فوراً، مما يجعل الأغنية في صميم العمل، بل إن الأغاني التي تم توظيفها تدخل الجمهور في صميم التراث وهي من الأجزاء المهمة في العمل. إلى أي حد استفدت من الانتقادات سواء أكانت إيجابية أو سلبية لتطوير العروض التي انطلقت منذ الثاني من شهر يناير؟ أنا بطبعي أطوّر العرض، وأعتقد أن الجمهور هو الناقد الأول الذي يدفعني دائماً إلى تطوير ما أقدمه لأنه الوحيد الذي يحق له التدخل في العمل، ونحن طوع أمره وهو المخرج الحقيقي. ماذا عن الكادر العامل معك في المسرحية؟ وهل نجحت في خلق نوع من الكيمياء معه؟ ¶ أكيد أن الطاقم كان له دوره، وأنا حاولت وضع كل فرد في مكانه. وما يهمني في الاختيار هو وجود طاقم تمثيل يملك الاستعداد والجاهزية لمثل هذه الأعمال، والحمد لله أنني نجحت في تقديم بعض الأسماء التي تتميز بالالتزام ولديها طبقة صوت مميزة جداً وإحساس جيد، كما هو الحال بالنسبة لمشعل المري وخالد الربيعة وغيرهم. وأعتقد أن كل شخص تم اختياره كان مناسباً لدوره الذي وضع له. لكن لاحظنا أن المشاركين قدموا أكثر من دور، بما فيهم أنت.. فما الدافع؟ ولماذا لم تفتح المجال لأكثر من فنان بدلاً من العدد الذي قمت باختياره فقط؟ ¶ أنا أريد أن أقدم عرضاً جماهيرياً، ولكن في الوقت نفسه مكوّن من عدة لوحات، وأعتقد أن اختيار الفنانين للعب أكثر من دور ظاهرة صحية في حد ذاتها، فلا يمكن أن أشرك فناناً ما ليقدم دقيقتين في لوحة ويجلس ساعتين في موضع المتفرج، ولكن بما أن المسرحية هي عبارة عن لوحات فكان لا بدّ من تقديم أكثر من دور، علماً بأنه كان من الممكن الاستعانة بعدد أكبر من الفنانين وهذا أمر سهل، بدلاً من التعب لوضع كل فنان في أكثر من دور، وأنا أعتقد أن هذا الأمر يخدم العرض المسرحي أكثر من أي شيء آخر. فضلاً عن ذلك، أعتقد أن «شللي يصير» هي خمس مسرحيات في مسرحية واحدة، وكل لوحة منفصلة عن غيرها، والأهم هو أن ينجح المخرج في خلق الانسجام التام بين أسرة العمل كلها. شرُفَت المسرحية بزيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى.. فما الدفعة التي قدمتها هذه الزيارة للعمل؟ ¶ زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى تعدّ بمثابة دعم كبير للمسرح القطري والخليجي.. فأن يعتلي زعيم وقائد وطني خشبة المسرح احتراماً لفن المسرح فهذا وسام كبير لكل المسرحيين؛ حيث يجعل هذا الفن أكثر احتراماً وحضوره أكبر، بل وقبل كل شيء هو وسام ضخم على صدورنا، لكن صعوده على الخشبة بعد نهاية العرض من أكبر الأوسمة. هل كنتم تعرفون بالزيارة؟ ¶ نحن عرفنا بالزيارة قبل العرض بساعات. هل أثّر حضور صاحب السمو على أداء المشاركين؟ ¶ أكيد كانت هناك رهبة، بل وحتى الصالة كانت فيها رهبة؛ لكن لحسن الحظ تزامنت الزيارة مع العرض رقم (30)، فكنا نعمل على أن نواصل تقديم أحداث المسرحية بطريقة عادية ولم نقم بتغيير حرف واحد منها. بعد نهاية العرض، ماذا قال لكم حضرة صاحب السمو عندما صعد إلى الخشبة لتحية طاقم العمل؟ ¶ شكرنا على العمل ومنحنا دفعة قوية من أجل الاستمرار، وأنا قدّمت كلمة في هذه المناسبة، وأكيد أن حضوره هو أكثر من وسام ليس فقط لفناني قطر، ولكن صدى هذه الزيارة وصل إلى الخليج وكل الوطن العربي. لاحظنا أن هناك مؤسسات كبرى تدعم المسرحية.. فإلى أي حد أصبحت المؤسسات تؤمن اليوم بجدوى المسرح؟ ¶ دعم المؤسسات للمسرح ليس جديداً، ونحن نشكرها على دعمها للحراك المسرحي والثقافي في قطر. وأعتقد أن هذا الدعم ليس فقط للمسرح ولكنه لكل المجالات الثقافية والاجتماعية بحكم مسؤوليتها، وأنا ومنذ أول مسرحية قدمتها عام 1986 كان هناك دعم على شكل إعلانات أو غيرها. ماذا بعد «شللي يصير»؟ وهل هناك أعمال قادمة؟ ¶ سقف النجاح الذي عرفته المسرحية يجعلنا نفكر مليون مرة قبل تقديم عمل جديد؛ لأن هناك مسؤولية ويجب أن نحترم المتلقي ولا نقدم له عملاً أقل مما قدمناه في هذه المسرحية التي سجلنا فيها مكسباً كبيراً للحراك المسرحي في قطر، عندما احترم الجمهور رغبتنا في عدم تصوير مقاطع المسرحية وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتفاعله والتزامه مع التوجيهات التي كنا نقدمها له كل ليلة.;
مشاركة :