حاتم فاروق (أبوظبي) تراجع صافي الموجودات الأجنبية في مصرف قطر المركزي خلال ديسمبر الماضي بنحو 54 % على أساس سنوي، وصولاً إلى ما يقارب 53 مليار ريال (14.5 مليار دولار)، وذلك بالمقارنة بالفترة المماثلة من العام الذي سبقه، بحسب أسامة العشري عضو جمعية المحللين الفنيين - بريطانيا الذي قال: «إن السلطات المالية القطرية طرحت في بداية العام الجاري سندات بنحو 9 مليارات دولار لتمويل عجز الموازنة»، مؤكداً أن السندات الحكومية لدولة قطر بلغت 70.20 مليار ريال (19.2 مليار دولار) في نهاية العام المنصرم 2017، يستحق منها 12.4 مليار ريال (3.4 مليار دولار) خلال العام الحالي 2018، بينما زادت قيمة الصكوك المصدرة عن 42 مليار ريال (11.5 مليار دولار) يستحق منها 8.9 مليار ريال (2.4 مليار دولار) خلال العام المقبل. وكان بنك «قطر الوطني» يرتب لإصدار سندات formosa في تايوان، وهي السندات التي تصدرها مؤسسات مالية أجنبية في تايوان بغير العملة التايوانية، بقيمة 6 مليارات دولار تستحق خلال هذه الفترة وفي منتصف العام الحالي، وأوضح العشري أن عام 2017 يعد العام الأسوأ على الاقتصاد القطري الذي عانى من شح السيولة وتراجع الأرباح وخسائر بالجملة على الأسهم المدرجة بالبورصة القطرية، مما اضطر الحكومة القطرية إلى إصدار قوانين جديدة تساعد على التقليل من الآثار السلبية للأزمة، منها إصدار قانون جديد يتيح للمستثمر الأجنبي التملك بنسبة 100% في غالبية قطاعات الاقتصاد، مؤكداً أن هذه النسبة كانت لا تزيد على 49 % في خطوة تهدف إلى استقطاب رؤوس أموال أجنبية مما يضر بمستقبل المواطن القطري. وتوقع العشري أن يقارب العجز في الموازنة العامة لقطر بنحو 7.7 مليار دولار للعام 2018، لافتاً إلى أن الموازنة العامة القطرية تستنزف بمشروعات غير ذات قيمة حقيقية على الاقتصاد القطري، بعد تفاقم قيمة تمويل المشروعات القومية التي أصبحت من أهم أسباب انهيار الاقتصاد القطري في التوقيت الحالي مما اضطر قطر للاستدانة، حتى أن ديون قطر أصبحت تحتل رابع أعلى درجة مخاطر استثمارية في العالم. وأوضح أن تحسن الاقتصاد القطري يتوقف على مصير مقاطعة الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) للدوحة، مؤكداً أن استمرار المقاطعة سوف يفاقم أزمة الاقتصاد القطري لأن الدوحة لا تعتمد فقط على أسعار الطاقة والغاز، ولكن تعتمد أكثر على العلاقات الدولية. (يذكر أن قيمة التبادل التجاري بين دول الخليج وقطر كانت تتراوح من 10 إلى 11 مليار دولار سنوياً، فيما يشكل حجم واردات قطر من الدول الخليجية الثلاث المقاطعة، الإمارات والسعودية والبحرين، نحو 89% من إجمالي وارداتها من الدول الخليجية). وقال العشري: إن السبب الرئيسي لتدهور الاقتصاد القطري، مقاطعة «الرباعي» التي كان لها تأثير كبير على قطر في عدة أمور أهمها تراجع عدد السائحين، حيث كان يزور قطر سنوياً 3-5 مليون سائح، بينهم 85% من الدول الخليجية المجاورة، وعلى رأسها، السعودية والإمارات والبحرين، لافتاً إلى أن هذا العدد انخفض الآن بصورة كبيرة بسبب المقاطعة العربية، وأثر سلبياً على السياحة القطرية وحجوزات الفنادق والطيران المدني القطري. كما تأثر الاقتصاد القطري أيضاً بسبب إغلاق الطرق البرية مع الدوحة، والذي كان يشهد نقل السلع الغذائية والخدمات القادمة من الموانئ والمطارات السعودية إلى الدوحة من خلاله، ما جعل قطر تلجأ لحل بديل، متمثلاً في تركيا وإيران وزاد من تكلفة السلع التي تأتي لقطر، لاسيما وأن قطر ليست دولة صناعية ولا زراعية، فحدث نوع من التضخم وزيادة في أسعار السلع، تجاوزت في بعض الأحيان أكثر من 50% من قيمتها السابقة، ما أثر بالسلب على الاقتصاد القطري. بالإضافة إلى انخفاض حجم الاستثمارات الخليجية في قطر مما أثر سلباً على حركة العملة القطرية والتعاملات البنكية. وأضاف العشري أن الاقتصاد القطري يمر بأكثر الظروف صعوبة، وغالباً لن تسهم ميزانية قطر لعام 2018 في معالجة ذلك، استناداً إلى عدد من العوامل التي توجهت باقتصاد قطر إلى الأداء الأسوأ في تاريخه، مؤكداً أن الدوحة لم تبرم إلا صفقة واحدة في سوق الاكتتابات الخليجية لعام 2017، كما تراجعت مستويات المؤشرات الرئيسة والقطاعية للبورصة القطرية بنسبة تجاوزت 30 %، إلى جانب تراجع النمو للقطاع غير النفطي، الذي استمر في تسجيل انخفاضات منذ اندلاع الأزمة. كما تأثرت أرباح الشركات وهبطت أسعار الأسهم والعقار في قطر، فضلاً عن ارتفاع حجم الاقتراض من البنوك المحلية الذي تجاوز 87 مليار دولار في نهاية العام الماضي، ليصل الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 74%، أي ما يقدر بـ 120 مليار دولار. وازدادت التوقعات بأن ميزانية العام الحالي 2018 لن تتمكن من إنعاش الاقتصاد القطري، بسبب انقطاع التجارة والاستثمار وبيئة العمل في قطر منذ انطلاق الأزمة، لا سيما مع انخفاض القادمين إلى قطر بشكل ملحوظ، الأمر الذي أثر وسيؤثر على الأنشطة الاقتصادية في الدوحة، حيث تراجعت نسبة القادمين بنحو 32% بشكل عام، وبنسبة 74% من دول الخليج.
مشاركة :