الرئيس السوداني يعيد قوش إلى رئاسة المخابرات لاستعادة دعم متراجع من الإسلاميين.العرب [نُشر في 2018/02/12، العدد: 10898، ص(1)]يعود على رأس الجهاز بعد سنوات القاهرة – أقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير رئيس جهاز الأمن والمخابرات الوطني محمد عطا، في سعيه للمناورة لتفادي أزمات تستحكم في الداخل، وخلافات صعبة مع قوى إقليمية مجاورة أثبتت عدم واقعيتها. وأعاد البشير تعيين صلاح عبدالله محمد صالح المعروف بقوش على رأس الجهاز، الذي كان يرأسه بين عامي 2004 و2009، قبل تعيينه مستشارا للرئيس لشؤون الأمن، ثم اعتقاله عام 2012 لمدة 7 أشهر بعد اتهامه بالتورط في التخطيط لتنفيذ انقلاب على البشير. ويقول مراقبون إن تصاعد الخلافات بين البشير ونائبه الأول بكري حسن صالح لعب دورا مباشرا في محاولة تقليص أدوار نائب الرئيس عبر استبعاد رجاله الأقوياء في الحكم. ومن هؤلاء محمد عطا، الذي لعب دورا كبيرا في إنشاء قوات الدعم السريع التابعة لجهاز المخابرات، إلى جانب إبراهيم غندور وزير الخارجية، الذي تقول مصادر إنه تقدم باستقالته منذ نحو أسبوعين. وأضافت المصادر أن “سير الأحداث في السودان يعكس صعود معسكر النائب السابق للرئيس علي عثمان محمد طه، الذي بدأ رجاله في السلطة يمسكون بملفات محورية، ومنهم عوض أحمد الجاز، الذي يلعب اليوم دورا هاما في العلاقات الخارجية مع عدة دول”.ويحاول البشير إعادة الرموز التقليديين للإخوان المسلمين إلى السلطة من أجل احتواء غضب شعبي تتصاعد حدته بسبب إجراءات تقشف قاسية فرضتها أزمة اقتصادية حادة يمر بها السودان.الجنرال قوش: * ابن جهاز المخابرات المشكوك دائما في ولائه * علاقات واسعة مع الأميركيين * تعبير صريح عن عودة رؤوس الإسلاميين التقليدية * مناورة كبيرة لتحسين العلاقات مع مصر ولعب قوش دورا مركزيا في القضاء على وجود أنصار حسن الترابي في مؤسسات الدولة، وذلك بحكم صلته بالترابي، وإطلاعه مسبقا على أغلب أسراره. ويرتبط قوش بعلاقات قديمة بواشنطن، إذ كان أول المسؤولين الذين بدأوا حوارا مفتوحا مع وكالة الاستخبارات الأميركية سي آي إيه، عام 2005، ضمن نقاشات حول مكافحة الإرهاب، لكنها سرعان ما شملت ملف العقوبات التي رفعتها الولايات المتحدة عن السودان العام الماضي. ويقول مراقبون إن مصر فاجأت البشير برد فعل هادئ وبعدم رغبة في منحه فرصة التصعيد من أجل الهروب من أزماته الداخلية الصعبة. وقادت المقاربة المصرية إلى حوار رباعي حضره، الخميس الماضي، وزيرا الخارجية في البلدين ورئيسا الاستخبارات، بمشاركة رئيس الجهاز المقال محمد عطا. وقال هاني رسلان المتخصص في الشؤون السودانية لـ”العرب”، إن النظام السوداني “اضطر تحت وقع أزماته الداخلية إلى القبول بتهدئة مع مصر، وهذا لا يعني أن الخلافات بين البلدين انتهت، لكن جرى تسكينها بفعل الضغوط التي يعاني منها السودان”. وتسببت سياسة البشير في تعقيد حسم مسألة ترشحه للانتخابات الرئاسية التي من المقرر إجراؤها العام المقبل. وقالت مصادر سودانية إن البشير غير راض عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الإسلامية لأنهما لم يصدرا موقفا صريحا داعما لترشيحه، بينما تسابقت لذلك مجموعة من الأحزاب الموالية وبعض ولاة الولايات.محمد عطا فضل المولى: رأس حربة عسكرة جهاز المخابرات الذي لم يتمكن من إثبات وجوده طوال عقد كامل وتعمقت الخلافات بين القوات المسلحة وجهاز الأمن والمخابرات الوطني وقوات الدعم السريع التي تشكلت عام 2013 وتتبع مؤسساتيا جهاز المخابرات، لكنها تعمل منفصلة عنه، وأصبحت بمثابة الوازن بين هذا الجهاز والقوات المسلحة، عقب تضخم دورها الداخلي بدعم من البشير. وتقوم قوات الدعم السريع بدور فاعل في محاربة حركات التمرد في أنحاء البلاد، ولها حضور قوي في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، ووجه رئيسها الجنرال محمد حمدان دلقو (حميدتي) مؤخرا، اتهامات لجهات كثيرة بالفساد، أقر بها البشير لاحقا. وكان حميدتي يشير إلى مراكز قوى في النظام السوداني تسهم “بالإسراع بانفلات الأمور في الداخل وتكن عداء كبيرا لمصر”. وجاء تغيير رئيس جهاز المخابرات في السودان بعد حوالي شهر من تغيير مماثل طال نظيره المصري اللواء خالد فوزي، وتم تعيين اللواء عباس كامل مدير مكتب الرئيس المصري بدلا منه، على خلفية اتهامات قالت إن فوزي لم يتمكن من فك عقد الأزمات المصرية المتراكمة مع كل من إثيوبيا والسودان. وقال رسلان لـ”العرب” إن “الرئيس البشير لن يستطيع في هذه الأجواء الدخول في مناكفات سياسية جديدة، لا مع مصر أو غيرها، وهذا معناه كبح لتوجهاته حيال تركيا وقطر كي لا يستفز مصر، لأنه أصبح أمام واقع غامض يجبره على تجنب أي صدامات خارجية والتفرغ لأزماته المستعصية في الداخل”. وأوضح رسلان أن “الاجتماع الرباعي في القاهرة كان رافدا من روافد الأزمة الداخلية التي يعاني منها السودان، وهو ما يجبر الخرطوم على الاقتراب من مصر وطمأنتها دبلوماسيا”، متوقعا عودة السفير السوداني لدى القاهرة عبدالحليم عبدالمحمود قريبا لقطع الشكوك التي ظهرت عقب انعقاد الاجتماع الرباعي في القاهرة دون تحديد موعد معين لعودته”.
مشاركة :