الجديد تناقش في عددها الـ37 الوعي بالنص والعالم بقلم: عواد علي

  • 2/12/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

الجديد تناقش في عددها الـ37 الوعي بالنص والعالماحتوى العدد الـ37 من مجلة “الجديد” الثقافية الشهرية، الصادر في الأول من شهر فبراير الحالي، ثلاثة ملفات: نقديا، وفكريا، وفنيا، إلى جانب الأبواب الثابتة والمقالات والموضوعات الأخرى، وغلبت عليه المادة الفكرية، انطلاقا من تطلع المجلة إلى تكثيف القراءة النقدية للأفكار والظواهر على اختلاف مصادرها وبناها.العرب عواد علي [نُشر في 2018/02/12، العدد: 10898، ص(15)]ماهي ملامح المستقبل (لوحة للفنان مروان قصاب باشي) في افتتاحية العدد الـ37 من مجلة “الجديد” الصادر مطلع فبراير الجاري يطرح رئيس التحرير نوري الجرّاح مجموعة أسئلة مرجأة للفكر، لكن أكثر الأسئلة غيابا في طيات الوعي، من وجهة نظره، هو سؤال المستقبل، ففي ظل حاضر عربي مضطرب ومتفجر، تبدو الثقافة العربية عاجزة عن طرح هذا السؤال ومقاربته بصورة عقلانية، مادامت لم تنجز إجابة شافية تتعلق بالحاضر. ملف ومقالات حمل الملف النقدي عنوان “الوعي بالنص والعالم”، كتب مقالاته كل من أحمد برقاوي “روح النقد”، علي لفتة سعيد “صورة النقد بين النقد الأدبي ونقد النقد”، خالد حسين “تخيّل نقدي: دريدا، كيليطو وكاتب مجهول”، ونرمين صلاح القماح “أدب المدينة الفاسدة انتقال من الأدب الخيالي إلى الواقع الحقيقي”. وقد اتسمت هذه المقالات بكونها ذات طابع نقدي نظري وتطبيقي، شكّلت استجابة لدعوة المجلة المتواصلة إلى استكشاف مساحات جديدة في التفكير النقدي العربي، تتناول النقد كمصطلح وخطاب واشتقاق لغوي، وصولا إلى روح النقد بوصفه وعيا بالوجود وقراءة لصورتي الذات والآخر. وفي الملف أيضا مساهمة عربية في نقد الخطاب الثقافي للحداثة وما بعدها من خلال استكشاف نقدي لتجربة تيودور أدورنو ونهايته المأساوية بقلم إبراهيم الحيدري. وتضمن الملف الثاني المعنون بـ”سجال فكري- جلال أمين وقراؤه” مقالات نقدية تقرأ وتُفكك جوانب في أفكار الكاتب المصري جلال أمين، من خلال الحوار الذي أجرته معه “الجديد” ونشر في العدد الـ35 ديسمبر 2017، تحت عنوان “خرافة التخلف”. كتب سجالات الملف أحمد سعيد نجم “التقدم والتخلّف أهما حقا خرافتان؟”، باسـم فــرات “لحظة انكسار”، محمد حياوي “العقلانية بين الأنظمة والغرائز”، إسماعيل نوري الربيعي “الحصون الهشّة”. وتفصح هذه السجالات عن تفاعل نقدي مع الفكرة التي قرع أمين جرسها، ليعلن أن ليس على العرب أن يذهبوا أبعد من المعقول في نقدهم لأنفسهم. إن قراءه ونقاده هنا لا يختلفون معه في الجوهر، بل في الحيثيات التي من شأنها أن تجعل العرب يتجاوزون حالة النكوص. الملف الثالث كرسته “الجديد” للفن التشكيلي، ويتضمن ثلاث مقالات وحوارا؛ المقالة الأولى “واقعية ما بعد الحداثة” لميموزا العراوي، والثانية “تجريد عراقي” لفاروق يوسف، والثالثة “عادل السيوي- شهريار اللامعنى” لعماد أرنست. أما الحوار فقد جاء احتفاء بتجربة النحات المصري آدم حنين أجرته معه حنان عقيل. وتنطلق “الجديد” في نشر هذا الملف قناعة منها بأن الحاجة إلى تناول الأعمال التشكيلية بالقراءة والمتابعة النقدية ضرورة ملحة، لا سيما في ظل الانعطافة الجديدة التي قام بها الفنانون التشكيليون الشباب، والتي بدأت تصدر مؤشرات لافتة على توجهاتها الجديدة. في باب “مقالات” نشرت المجلة لخمسة كتّاب هم علي رسول حسن الربيعي “تقرير المصير والانفصال”، ناجح العبيدي “أثمان البشر في السوق”، إيهاب ملكاوي “الوجود الغيبي والوجود المادي الكوني”، وليد علاء الدين “التاريخ ومحاكمة النوايا”، وفهمي رمضاني “الحرب التي قررت مصير العرب”. أما في باب “أصوات” فكتب عثمان لكعشمي عن “ثقافة المواجهة”، وخليل بيومي عن “المثقف النقدي”. وتضمن العدد في باب السرد قصتين، إحداهما بعنوان “لم أجد كافكا” لجابر السلامي، وهي تجمع بين الفانتازيا والواقعية. والقصة الثانية بعنوان “جدي حبّوب” لحجاج أدّول، وهي قصة ذات منحى واقعي اجتماعي، تفيض بلمسات إنسانية أخاذة، بطلها جد تجاوز الثمانين. كتب في العدد، أيضا، أمير العمري دراسة بعنوان “ولع قديم لا ينتهي في السينما والأدب” ذهب فيها إلى أن ارتباط السينما بالأدب، منذ ظهور الفيلم الناطق وحتى اليوم، قد أثراها، تماما كما يصح القول إن السينما أثرت الأدب، لكن السينما في الوقت ذاته تثري نفسها بنفسها من خلال علاقتها المتشابكة والمتعدّدة بالفنون البصرية والتعبيرية الأخرى. كتب ورسائل ثقافية وكما في العدد السابق، احتوى العدد الـ37 على قراءات وفيرة في كتب فكرية وسياسية ونقدية وروايات بأقلام نقّاد وكتّاب من جغرافيات عربية عديدة، فقد كتب عمّار المأمون مقالا قرأ فيه كتاب “الثقافة الجهاديّة- الفن والممارسات الاجتماعيّة للجهاديين الإسلاميين”، الصادر عن منشورات جامعة كامبريدج، وتحرير الباحث توماس هيغامير المتخصص في الجماعات الجهاديّة والأشكال الثقافيّة المرتبطة بها. وقدم عبدالرحمان إكيدر قراءة في كتاب “العصيان” للمفكر الفرنسي فريديريك غروس. وتناولت يسرى الجنابي كتاب “إدوارد سعيد: من نقد خطاب الاستشراق إلى نقد الرواية الكولونيالية” للناقد والأكاديمي الجزائري لونيس بن علي. وقرأ محمد حيّاوي رواية “ألف منزل للحلم والرعب” للروائي الأفغاني عتيق رحيمي. وحلل ممدوح فرّاج النّابي رواية الكاتبة والشاعرة المصرية سهير المصادفة “لعنة ميت رهينة”؛ مركزا على العنف وتشوهات الحداثة. وراجعت ناهد خزام كتاب الباحث السويدي هانس فوروهاجن “بين علم الآثار والكتاب المقدس” الذي يفند فيه مزاعم الصهاينة بأن القدس عاصمتهم منذ آلاف السنوات. وقرأ محمد الحمامصي رواية “المغفلون” للكاتب الفرنسي إريك نويوف، مبينا أنها رسالة طويلة يوجهها راو ثلاثيني إلى الرجل الذي سرق صديقته. ووقف وارد بدر السالم على سيرة المكان والحياة في سوريا كما تتجلى في رواية “وادي قنديل”، الصادرة عن منشورات المتوسط، وهي الرواية الأولى للكاتبة السورية نسرين خوري. وأخيرا، قرأ مفيد نجم رواية “لابس الليل” للكاتب التونسي أبوبكر العيادي، التي يكشف فيها عن معاناة أسرة ريفية مهاجرة، تنزح إلى أحد أحياء الحزام الأسود لمدينة تونس، في ظل ممارسات الابتزاز والقهر لرموز السلطة الفاسدة. تميز عدد المجلة الجديد بزيادة الرسائل الثقافية، فإلى جانب رسالة باريس التي يكتبها أبوبكر العيادي، وقد جاءت هذه المرة بعنوان “البحث عن الحقيقة في زمن الـ”فيك نيوز”، ثمة رسالتان، واحدة من القاهرة كتبتها حنان عقيل بعنوان “واقع عربي مضطرب يفرض أسئلته على المثقفين”، وأخرى من الجزائر كتبها لونيس بن علي بعنوان “المعارك الثقافية في الجزائر، رشيد بوجدرة ومهربو التاريخ”. يختم الكاتب هيثم الزبيدي صفحات العدد بمقال عنوانه “لا تظلموا المثقفين ولا يظلمون وزراء الثقافة”، يرى فيه “أن وزير الثقافة في الدول العربية، وخصوصا محدودة الإمكانيات منها، منصب مظلوم. لا أحد يعرف بالضبط ما هو المطلوب من هذا المنصب. كل يفصله كما يرى أو مثلما يريد”؛ مؤكدا أن انتظار المثقفين من وزارة الثقافة الإنفاق عليهم أمر غير سليم، ذلك أن هذه الوزارة، حالها حال الوزارات الأخرى، مؤسسة خدمية مهمتها تقديم الخدمة الثقافية للشعب، والحماية الفكرية للمجتمع. وبالتنسيق بين المواطن والمثقف، يمكن أن تصبح برامجها عربة الوعي، والتحصين ضد موجات التسيّب والتطرف وتراجع منظومة القيم المجتمعية.

مشاركة :