سؤال معرض القاهرة للكتاب: السينما أدب أم تجسيد وترجمة للأدب

  • 2/12/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

سؤال معرض القاهرة للكتاب: السينما أدب أم تجسيد وترجمة للأدباختتمت السبت فعاليات الدورة الـ49 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث قدم المعرض طيلة أيام دورته فعاليات متنوعة من لقاءات فكرية وثقافية، وخاصة ندوات ناقشت بكل جرأة مواضيع راهنة تدفع خاصة في اتجاه التنوير والثقافة بكل منتجاتها كقوة ناعمة تواجه التطرف وتحقق التنمية والتطور المنشودين. العرب حازم خالد [نُشر في 2018/02/12، العدد: 10898، ص(14)]جمهور متنوع للمعرض هذا العام السينما وعلاقتها بالأدب والترجمة، وما يتخلل تلك العلاقة الإبداعية الفنية من خبايا وتفاصيل كثيرة كانت مضمون ندوة عنوانها “ترجمة الأفلام السينمائية وعلاقتها بالأدب”، وذلك ضمن الفعاليات الختامية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ49. شارك في الندوة السفير محمود عزت مساعد وزير الخارجية الأسبق والكاتب مصطفى محرم وأدار الحوار المترجم والروائي محمود قاسم. السينما والأدب في البداية قال محمود قاسم “نحن تربينا في مصر على قراءة الروايات المترجمة ومشاهدة الأفلام تحت رعاية شركة أنيس عبيد”، مشيرًا إلى فترة الستينيات التي بدأت تتوالى فيها الأفلام المترجمة، “لكننا الآن في أزمة شديدة. وأوضح أن حركة الترجمة انتقلت من مصر إلى الشام ومنها إلى الخليج”. ومن جانبه قال السفير محمود عزت إن الترجمة مهمة للرقي بالذوق والعقلية المصرية، بالإضافة إلى ارتباط الترجمة بالأفلام والمصنفات الفنية، لذا فإن كل هذا يلعب دورا كبيرا في نقل الثقافات من مكان إلى آخر، فالترجمة ليست خطرًا على الثقافة لأننا من الممكن أن نأخذ من الثقافة ما يناسبنا ونستبعد ما لا يناسبنا، فالانغلاق على الذات سيصيب الفكر والعقل بالجمود. وأشار إلى أن مصر هي رائدة القوة الناعمة في الإعلام والثقافة، ومازال المنتج الفني المصري له الريادة في العالم بالرغم من التراجع الحادث الآن. الكاتب مصطفى محرم أوضح أن الأهم من الترجمة هو علاقة الأدب بالسينما، خاصة أن السينما في البداية لم تأخذ شكلها الحقيقي إلا بعد أن اقتربت من الأعمال الأدبية، فهذا الاقتراب أدّى إلى ظهور فن كتابة السيناريو، لذلك يجب أن يكون كاتب السيناريو مدركا للأدب، لأن العمل الأدبي عندما يتحوّل إلى فيلم قد يصيب القارئ بالإحباط إذا لم يقدّم له نفس الخيال الذي حققه العمل الأدبي، فمن الممكن أن يتغاضى الكاتب عن بعض التفاصيل الهامة، لذلك فكاتب السيناريو ليس فقط ناقل بل هو مبدع وله فكر خاص به، مضيفا “الفيلم إذا لم يتفوق على العمل الأدبي سيكون باهتا”. وأشار محرم إلى أن الأدب كان له إسهام كبير في تطور السينما على مستوى العالم، والمتتبع لتاريخ السينما الفرنسية سيجد أن في فترة الثلاثينات من القرن الماضي كان هناك اعتماد تام على الأدب، بل إن عددا كبيرا من الأدباء خاضوا تجربة كتابة السيناريو حتى سميت هذه الفترة بـ”الواقعية الشعرية”، أما عن السينما الأميركية فقد اتخذت شهرتها من الأعمال الأدبية مثل فيلم “الحرب والسلام”، ويعد فيلم “زينب” الصامت المأخوذ من عمل أدبي لمحمد حسنين هيكل أفضل الأفلام المصرية. كتاب الطفل العربي وشهدت قاعة “ضيف الشرف” ندوة بعنوان “كتاب الطفل العربي بين أجيال ثلاثة”، شارك فيها الكاتب يعقوب الشاروني، والدكتورة شيرين كريديه، وهي كاتبة لبنانية ومديرة دار “أصالة” لأدب الطفل، بالإضافة إلى الكاتبة سماح أبوبكر عزت، وهي من أهمّ معدّي ومقدمي برامج الأطفال، وقد أدارت الندوة الدكتورة سهير المصادفة رئيس الإدارة المركزية للنشر بالهيئة المصرية العامة للكتاب. افتتحت سهير المصادفة الندوة مشيدة بدور دولة الإمارات العربية المتحدة في دعم صناعة الكتاب بشكل عام، وكتاب الطفل بشكل خاص، من خلال العديد من الفعاليات التي تقوم بها، وفندت في كلمتها ظن البعض بأن الكتابة للطفل حديثة العهد، ولكن الحقيقة أنها قديمة مع اختلاف الأدوات وانتقالها من الشفاهية إلى الحجر المسنون، ثم البرديات حتى الوصول إلى أزرار الكيبورد. وأكدت المصادفة على أن الكتابة للطفل لها الكثير من المدخلات، ولها وصف محدد في كل العالم إلا العالم العربي، كما أكدت على أنه رغم أن الغرب هو صانع التكنولوجيا، إلا أن الغرب يقرأ، ويحرص على أن يعوّد الطفل على القراءة، وأن من عايش الغرب يعرف أن الطفل عند الساعة الثامنة مساء حين يدخل لينام على سريره، تقرأ له أمه قصة، وذلك كل يوم منذ عمر عام. وتطرقت المصادفة إلى الحديث عن الأجيال الثلاثة للكتابة للأطفال؛ حيث أوضحت أن الجيل الأول وأحد نجومه الكاتب يعقوب الشاروني، هو جيل انبثق من حكايات العالم الشعبية، وهو الجيل الرائع الذي اشتبك مع ما يسمى بحكايات الشعوب مثل قصص “عقلة الإصبع” و”فتاة الثلج” و”ذات الرداء الأحمر”، بينما الجيل الثاني وضع قواميس عبر ترجمة ما يسمى ثراء اللغة العربية، أما الجيل الثالث فيحاول خلق قاموس جديد ليناسب الجيل الذي يستخدم أزرار الكمبيوتر. وأشار يعقوب الشاروني إلى أن التاريخ الحديث في الكتابة للأطفال بدأ بالرائد كامل الكيلاني، والذي طبع ونشر ما يزيد عن 150 قصة، حيث اعتمد على الأساطير في كتاباته باعتبار أن الأسطورة هي أكثر ما يؤثر في الطفل، وهو التأثير الذي مازال مستمرًا حتى الآن. وهذا الجيل كان يأخذ التراث ويصلح بعض التعبيرات اللغوية به، ولم يغير في جوهر القصص القديمة وذلك في ما قبل 1920. وركزت شيرين كريديه على عوامل النشر القوية المؤثرة في الطفل، وأهمها المؤلف والرسام ومحتوى الكتاب الذي يجذب الطفل لقراءته، وقالت إنها ضد أي نوع من العنف في كتب الأطفال.حفل تسليم جوائز المعرض وفي ختام الندوة تحدثت سماح أبوبكر عزت عن أهمية تمتع كاتب الطفل بمقومات معينة، فيجب أن يكون بداخل الكاتب طفل، بمعنى أن يندهش لأشياء لا تدهش الإنسان العادي، فالمحفز له في الكتابة هو الطفل نفسه، ولذا عليه أن يهتم بما يشغله وبالتساؤلات والأخطار التي تحيط به، واستشهدت بتجربتها “بعد النهاية تبدأ الحكاية”، حيث طلبت من الأطفال إعادة كتابة القصص مرة أخرى لتنمية خيال الأطفال وتطويره. وقالت “أنا أعتبر نفسي طفلة تكتب للأطفال”. جوائز ختامية خلال حفل ختام الدورة الـ49 من معرض القاهرة للكتاب أعلن هيثم الحاج علي، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب (الجهة المنظمة للمعرض)، أن المعرض استقبل أكثر من 4.5 ملايين زائر، خلال الدورة الحالية التي دامت 15 يومًا. وانطلق معرض القاهرة للكتاب، في 27 يناير تحت شعار “القوى الناعمة.. كيف؟”. وأعلنت في حفل الختام نتائج المسابقة الدورية للمعرض، التي تشمل كل مجالات الكتابة؛ حيث فازت الكاتبة المصرية هالة البدري بجائزة الرواية عن روايتها “مدن السور”، فيما فاز الكاتب المصري وجدي الكومي بجائزة القصة القصيرة عن مجموعته “شوارع السماء”. وفي فئة شعر العامية فاز بالجائزة الباحث والشاعر المصري مسعود شومان عن ديوان “عارف يا رب”، فيما ذهبت جائزة شعر الفصحى إلى المصرية عبير عبدالعزيز عن ديوان “يوم آخر من النعيم”. وشملت الجوائز دروعا ومبالغ مالية متفاوتة وشهادات تقدير، حيث خصص لكل فرع أدبي 10 آلاف جنيه (نحو 560 دولارًا أميركيًا). وأوضح هيثم الحاج علي، أن أكثر الكتب مبيعا بالمعرض كان كتاب “الفتنة الكبرى” للأديب المصري الراحل طه حسين، حيث بلغ عدد نسخه المباعة ألفي نسخة. وشاركت في الدورة الـ49 لمعرض الكتاب، 27 دولة منها 15 دولة عربية و12 دولة أفريقية وأجنبية، وحلت الجزائر ضيفة شرف هذا العام. وعلى جانب الناشرين شارك هذا العام 849 ناشرًا من 7 مؤسسات صحافية، و33 مؤسسة حكومية، في 1194 جناحًا بالمعرض. وكرَّم الحفل الختامي، الكاتب المصري عبدالرحمن الشرقاوي (1920- 1987) الذي كان قد اختير “شخصية المعرض” هذا العام، وتضمن الحفل عرض فيلم تسجيلي عن حياته. وحضر حفل الختام الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط؛ حيث من المنتظر أن تحل الجامعة العربية ضيفة شرف الدورة الخمسين، العام المقبل. فيما سيكون وزير الثقافة المصري الأسبق ثروت عكاشة (1921- 2012) والأديبة والسياسية المصرية سهير القلماوي (1911- 1997) معا “شخصيتي المعرض” في يوبيله الذهبي.

مشاركة :