أعلنت الحكومة العراقية أن أكثر من 70 دولة ونحو 1850 شركة عالمية تشارك في مؤتمر المانحين لإعادة إعمار العراق الذي تحتضنه الكويت الاثنين على مدى ثلاثة أيام. ويشكك بعض المحللين العراقيين في قدرة الحكومة على استقطاب رؤوس أموال أجنبية بسبب الفساد الذي طال جميع مؤسسات البلاد. انطلقت الاثنين أشغال مؤتمر إعادة إعمار العراق الذي تستضيفه دولة الكويت لمدة ثلاثة أيام بحضور حوالي 70 دولة من بينها الولايات المتحدة والسعودية وإيران ومنظمات إنسانية غير حكومية وشركات استثمار عالمية، إضافة إلى الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية ومسؤولين كبار من الأمم المتحدة. ويركز هذا المؤتمر على مستجدات الوضع الإنساني المتردي في بلاد الرافدين الذي خلفته الحرب الأمريكية في 2003 والحرب التي خاضتها القوات العراقية على مدى سنتين (من 2016 لغاية 2018) ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي سيطر على أجزاء كبيرة من البلاد وألحق خرابا هائلا بالعديد من المناطق. العراق قد يحتاج إلى أكثر من 300 مليار دولار لإعادة إعماره وأعلن وزير التخطيط العراقي سلمان الجميلي في بداية الجلسة الاثنين أن بلاده بحاجة إلى 88 مليار دولار لإعادة بناء ما دمرته النزاعات المسلحة وآخرها الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية". فيما أوضح قصي عبد الفتاح وهو مدير عام في الوزارة ذاتها أن إعادة إعمار العراق يتطلب جمع 22 مليار دولار بشكل عاجل، إضافة إلى66 مليار دولار أخرى على المدى المتوسط. لكن سفيرالعراق السابق بفرنسا غازي محمد فيصل، والمقيم حاليا بالأردن، يرى أن العراق قد يحتاج إلى مبالغ مالية أكبر من تلك التي أعلنها وزير التخطيط. وقال فيصل في حوار هاتفي مع فرانس24: "إن الحكومة العراقية بحاجة اليوم إلى مبلغ قد يتجاوز 300 مليار دولار حسب تقديرات البنك الدولي لإعادة إعمار البلاد وذلك نظرا للخراب الهائل الذي لحق بالبلد بعد التدخل الأمريكي في 2003 والحرب ضد الإرهاب التي أدت إلى تدمير البنية التحتية بشكل كامل في كثير من المناطق السنية، على غرار الموصل والحويجة ومنطقة بيجي وحتى تكريت...". وتساءل السفير السابق "كيف يمكن للدولة العراقية أن تقنعالمانحين الدوليين وشركات الاستثمار العالمية على أن تؤمن لها هذه المبالغ المذهلة في ظل غياب الثقة وانتشار الفساد داخل كل مؤسساتها"، مذكرا أن مؤتمرات مماثلة نظمت في السنوات الماضية بباريس ومدريد والولايات المتحدة لكنها باتت كلها بالفشل "بسبب عدم جدية الحكومات العراقية المتعاقبة وغياب رؤية اقتصادية وتنموية واضحة، فضلا عن الفساد الذي طغى على جميع مؤسسات الدولة". وواصل قائلا إن "الدول الغربية الغنية غير مستعدة لتقديم منح بشكل مجاني للعراق لأنها لا تعرف إلى أين ستذهب تلك الأموال وكيف ستصرف، فضلا أن هناك مخاوف من أن تكون إيران المستفيدة الأولى من هذه الإعانات". مشاريع استثمارية عوضا عن مساعدات مالية وفي غياب الشفافية في تسيير أمور الدولة، يتوقع غازي محمد فيصل أن المساعدات التي سيحصل عليها العراق ستكون على نحو مشاريع استثمارية تطلقها بعض الشركات الأمريكية والسعودية والإيرانية وليس على شكل منح مالية، شرط أن تلقى هذه الشركات تسهيلات قانونية واقتصادية ويسمح لها باستغلال ثروات العراق الباطنية التي تضمن لها أرباحا هائلة. ومن المتوقع أن تحتدم المنافسة في الكويت بين طهران والرياض كون أن كل بلد يريد أن يفوز بأكبر قدر من المشاريع لتعزيز موقفه الجيوستراجي في العراق والمنطقة. وقبل أيام قليلة، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن مؤتمر الكويت سيكون خطوة في طريق طويل يهدف إلى إعادة الإعمار والاستثمار في البلاد، لكنه دعا جميع الأطراف العراقية إلى عدم انتظار حدوث معجزة بهذا المؤتمر. وترتكز خطة الحكومة لإعادة إعمار العراق على ثلاثة محاور أساسية هي: المساهمة في إعادة تأهيل البنى التحتية في جميع أنحاء البلاد، إعادة الاستقرار للمناطق المتضررة جراء الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" مثل منطقة الموصل وما جاورها، وتنمية قطاع الخدمات. وأضافت الحكومة أنها ستقدم خلال المؤتمر أكثر من 157 مشروعا استثماريا أمام الشركات من أجل التعاقد معها لإنجازها، موضحة أن هذه المشاريع تغطي كل القطاعات الخدمية والصناعية وقطاع الإسكان بالإضافة إلى مشاريع أخرى في قطاع النفط والغاز. فهل ستفي الدول المانحة وشركات الاستثمار بوعودها وتقبل بمساعدة بلاد الرافدين؟ طاهر هاني نشرت في : 12/02/2018
مشاركة :