يوسف أبو لوز بجملة فعلية نبيلة تحمل المعنى النبيل أيضاً للوفاء يهدي الباحث المصري يحيى معوض أحمد ترجمته لنصوص يابانية حكمية وشعرية إلى د. محمد عناني مشيراً إلى ريادته في الترجمة منذ عقود، ويتوقف القارئ في هذا الإهداء عند ما ذكره يحيى معوض في ما يتعلق بالترجمة.. يقول.. «..إن ترجمة نص أدبي عامة أو شعري خاصة هي أشبه ما تكون بسقوط وعاء بلوري جميل على أرض صلبة، احتمالات نجاته من التحطم ضعيفة للغاية، كما أن احتمالات نجاته من التشوه تكاد تكون معدومة..». والباحث يحيى معوض يرى أن هذا الإناء البلوري الجميل ينجو دائماً من التحطم والتشويه على يد د. عناني.الشعر.. إناء بلوري جميل دائماً إذا كان مقروءاً أو مكتوباً بلغته الأصلية أو اللغة الأم، والكثير بل الكثير جداً من الآنية البلورية الجميلة تتحطم وتتشوه على أيدي مترجمين يعملون «أسلحتهم» في إيذاء هذا الإناء الذي يتحول في الكتابة إلى «كائن».تولد القصائد العظيمة شابة وتظل شابة أو طفلة، فيما يتقدم العمر بالزمن بالشعراء الذين يصبّون كل طفولتهم وشبابهم في الكلمات، كأن الكلمات هي الزمن وهي التاريخ.تولد القصائد العظيمة أيضاً من اللغات والحضارات العظيمة، وإذ يكتب الشاعر معتزاً بلغته فإنه في الوقت نفسه يجند نفسه حارساً لثقافة وحضارة بلاده.تولد القصائد العظيمة أيضاً من البطولات العظيمة والحَيَوات الكريمة النبيلة التي يصنعها رجال كبار يتحولون في التاريخ إلى ضمائر وإلى رموز.في التراثيات الشعرية الشرقية بشكل خاص، وفي تراثيات شعوب العالم الإفريقية والأوروبية والغربية كانت «العظمة» و«العبقرية» رديفتين للشعر الذي يرقى عند بعض الشعوب إلى مرتبة التقديس والتبجيل لاقترانه بالحكمة والفلسفة، ولاقترانه أيضاً، بمعتقدات وشعائر وأساطير تلك الشعوب.بكلمة ثانية، يبدو الشعراء هم صناع هذه الآنية والقوارير الشفيفة الرهيفة ليس من البلور والزجاج فقط، بل ومن الذهب والعاج واللجين والحرير.. من كل ما هو نادر وثمين واستثنائي القيمة والمعنى والاعتبار.الآن يأتي مترجم متسرع دخل سوق الترجمة من الباب الخلفي، ورأى هذا الفن الرفيع على أنه تجارة واستهلاك.. فتأخذ القوارير بالتساقط على أرض صلبة.الترجمة نشاط حضاري كبير القيمة والدور والوظيفة.. لكنها اليوم في بعض البلدان العربية، وعلى أيدي بعض المترجمين.. ونكرر «البعض» أصبحت سوق من لا سوق له، والسلعة المسكينة سيكون الشعر الذي يحتاج إلى خاصية إصغاء حادة للكلمات واللغة، والموسيقى المخبأة في اللغة من دون أن يكشف عنها الشاعر.. بل إن هذا الشاعر صانع الزجاج والذهب والحرير لا يعطيك كل ما في القصيدة على سطحها أو على ضفافها.. لأنه لو فعل ذلك لنزع عن الشعر حساسيته وغموضه الذي هو جاذبيته.«..سَمّوني الغامض، وكان حديثي عن البحر..» يقول سان جون بيرس قبل أن يسقط إناؤه الزجاجي على أرض صلبة. yabolouz@gmail.com
مشاركة :