حاجة القراء للأخبار الصحيحة نقطة انطلاق الصحافيين لاستعادة الثقة ينظر الصحافيون إلى مسألة استعادة ثقة القراء بقلق بالغ، لكن دراسة حديثة وجدت أن هذا الهدف ليس بعيد المنال بالنظر إلى حاجة الجمهور للأخبار غير المنحازة، وبدء مؤسسات صحافية في نشر محتوى قائم على الحقائق التي يمكن أن تعزز العلاقة مع الجمهور.العرب [نُشر في 2018/02/13، العدد: 10899، ص(18)]لا مفر من متابعة الأخبار لندن - ترافق تراجع مصداقية وسائل الإعلام مع مشكلة انتشار المعلومات الخاطئة في وسائل الإعلام، منذ العام الماضي، وأصبحت إعادة ثقة الجمهور والقراء، هاجسا لدى مؤسسات الإعلام التي تشعر بانعدام الاستقرار في العديد من البلدان، ورغم ذلك فإن خبراء إعلام يقولون إنها ليست مسألة شديدة الصعوبة. وكشفت دراسة لمركز بيو مؤخرا، أنّ الثقة في وسائل الإعلام منخفضة ولكن الناس في جميع أنحاء العالم لا يزالون يريدون الأخبار غير المنحازة، ويعتقدون أن الأخبار تلعب دورا هاما في المجال العام. ويبذل الصحافيون والمؤسسات الإعلامية جهودا كبيرة في محاربة الأخبار الكاذبة من أجل بناء أواصر الثقة، وعلى الرغم من الصعوبات التي يواجهونها، إلا أن تقريرا لشبكة الصحافيين الدوليين بعنوان “سد الفجوة: إعادة بناء ثقة المواطن في وسائل الإعلام”، يؤكد أن هناك بوادر أمل مثيرة للدهشة، لا سيما في البلدان التي اضطرت إلى مكافحة التضليل في الإعلام لفترة أطول بكثير من الولايات المتحدة. وتقول الصحافية الأميركية بياتريس سانتا وود، معدة التقرير، إنه لم يعد بعض الناس في بلدان مثل الولايات المتحدة، يرون الخبر موثوقا به بسبب المخاوف بشأن الأخبار المزّيفة وغرف الصدى أو “تحزّب” وسائل الإعلام. هذه الموضوعات مهمة لإدراجها في النقاش حول ثقة الجمهور، ولكن السؤال الأكبر الآن هو كيفية إصلاح المشكلة؟ وأجرت مؤسسة الصحافة المستقلّة التابعة لمنظمة المجتمع المفتوح، مقابلات وجمعت بيانات من 17 منظمة، منها موقع تقصّي الحقائق الأرجنتيني تشيكيدو، موقع أخبار ليبيريا للتحقيقات، بريميوم تيمس، موقع الأخبار الإقليمي جوزن فيستي في صربيا وموقع كوريكتيف في ألمانيا. لمعرفة البيئة التي يعمل خلالها الصحافيون المستقلون والنهج الذي يتبعونه لبناء علاقات أوثق مع مجتمعاتهم.منافسة القصص الإخبارية المزيفة، أو الروايات التي تفرضها الحكومة تجعل من الصعب سماع التقارير ذات الجودة وتأمل الغالبية العظمى من هؤلاء الصحافيين في أن تنتج الأخبار ذات الصلة والقابلة للتنفيذ للجمهور. وقالوا إنهم ينشرون صحافة قائمة على الحقائق، بينما يعتقدون أنها يمكن أن تعزز علاقتهم مع الجماهير لكن ببطء. وفي الواقع، تجد بعض وسائل الإعلام نفسها في منافسة مع الأخبار الشعبية أو القصص الإخبارية المزيّفة، أو الروايات التي تفرضها الحكومة، مما يجعل من الصعب سماع التقارير ذات الجودة. وتبدي معظم هذه المؤسسات حماسا لتجربة طرق جديدة للوصول إلى قرائها. فعلى سبيل المثال، يرى تشيكيدو أن صور “جيف” والفيديو يمكن أن يساعدا في جذب القراء الذين لا يقرأون الأخبار عادة. كما أن موقع الأخبار الألمانية كروتربورتر، الذي يعمل كمجموعة، غالبا ما يعتمد على قرائه كمصادر للمعلومات والخبرة. وفي حين تحاول المؤسسات تجربة طرق جديدة للوصول إلى القراء، فإنه ليس من السهل قياس تأثير جهودها على ثقة القارئ، كما أنه لا يوجد تفسير واحد يناسب الجميع وراء مسألة عدم الثقة في وسائل الإعلام؛ فالأسباب الكامنة وراء انعدام الثقة يمكن أن تختلف اختلافا كبيرا بين بلد وآخر. إذ يمكن أن يكون من بين الأسباب: الحزبية السياسية، والفساد الداخلي، والدعاية الحكومية، ونقص التمويل للصحافة، فكلها عوامل تسلط الضوء على طريقة عمل الصحافة. ويكافح الكثير من الصحافيين من أجل بناء نماذج أعمال مستدامة، إضافة إلى أن هناك مؤسسات تعمل لتكون بمثابة منارة للصحافيين الشباب الذين يرغبون في تعزيز مهاراتهم. وبدأت الصربية جوزن فيستي في تجريب دورات تدريبية مع الصحافيين الشباب، وتستضيف بريميوم تايمز برامج مكثفة لمدة ثلاثة أيام في الجامعات النيجيرية الكبرى. بهدف أن يكون الطلاب مسلحين بالتدريب، وأن يتمكنوا من تحسين نوعية الصحافة في وسائل الإعلام في بلدانهم. ويتمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه وسائل الإعلام المستقلة في التمويل. فكانت خطط الأعمال المستدامة وطويلة الأجل في أذهان كل شخص من المستطلعة آراؤهم. وبعضهم يختبرون نماذج من الدفع بطريقة مباشرة أو عبر الاشتراكات، وقلة مختارة قد حققت نجاحا مع التمويل الجماعي. وتعتمد على قدرتها في كتابة الأخبار المستندة إلى الحقائق أكثر من قدرتها على الاستدامة المالية. ومن الصعب التنبؤ بما إذا كانت المؤسسات الإعلامية الصغيرة يمكن أن يكون لها تأثير كاف لتحويل التصور العام إلى وسائل الإعلام. وفي دراسة أخرى أجراها معهد رينولدز للصحافة، قام فريق من الطلاب الباحثين في كلية ميسوري للصحافة في الولايات المتحدة، بالشراكة مع 14 غرفة أخبار حول العالم، بدراسة هدفت إلى إيجاد تقنية بناء ثقة ناجحة على فيسبوك. وركزت الدراسة على ثلاث استراتيجيات كل واحدة مع مقاييس وضعت لقياس نجاحها. وجاءت الاستراتيجية الأولى بعنوان “أخبر قصتك” وهي تعنى بشكل أساس بمقاييس تعقب معدل التفاعلات. بينما يتم تقييم معدل النجاح للاستراتيجية الثانية “الانخراط الأصلي” عبر تحليل التعليق كمًّا ونوعًا، والرد على التفاعلات. أما الاستراتيجية الثالثة “نشر جماهيرك” فتركز على المشاركات والوسوم. وقد تمّت مقارنة هذه الاستراتيجيات مع معدلات التفاعل المعتادة لغرف التحرير. وقالت قائدة المشروع جوي ماير نريد كصحافيين أن يكون العمل الذي نقوم به معروفا، مضيفة “نؤمن بما نفعل، نحتاج فقط لمعرفة كيفية شرح ذلك للقرّاء”. وأوضحت أن واحدة من أكبر المفاجآت التي شاهدتها خلال الدراسة هي كم أنه صعب على الصحافيين إخبار قصتهم أو الحديث عن أنفسهم.
مشاركة :