المنتدى الأفريقي للعلوم: لا تنمية دون الموازنة بين التعليم والابتكارخلص المنتدى الأفريقي الثالث للعلوم والتكنولوجيا والإبداع الذي اختتمت أعماله بالقاهرة الاثنين وتواصل على مدار ثلاثة أيام، إلى أنه لا تنمية في القارة الأفريقية دون الوصول إلى اقتصاد قائم على المعرفة والبحث العلمي وإحداث نقلة نوعية في مجال العلوم والتكنولوجيا والإبداع.العرب أحمد حافظ [نُشر في 2018/02/13، العدد: 10899، ص(17)]مقاربة ناجعة بين التعليم والتنمية القاهرة - أجمع المشاركون في فعاليات المنتدى الأفريقي الثالث للعلوم والتكنولوجيا والإبداع على الاهتمام بالجانب العلمي وضرورة تطوير الجانب الإبداعي لدى الطلاب وأدرجوا ذلك ضمن قائمة توصياتهم، ما يعكس قناعة هؤلاء بحتمية واقع التعليم الأفريقي في ظل المشاركة الواسعة من خبراء في البنوك التنموية الأفريقية ونحو 35 وزيرا للتعليم العالي والعلوم والتكنولوجيا والابتكار والبحث العلمي في القارة، والعشرات من ممثلي القطاعين العام والخاص والعلماء والباحثين والمبتكرين والشباب وشركاء التنمية. وتناول المنتدى، الذي افتتحه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، العديد من المحاور التي تربط المعرفة بالاقتصاديات بشكل وثيق، وخلص كل محور منها إلى حتمية مواجهة التحديات التي تواجه قارة أفريقيا في مجالات الطاقة والتغيرات المناخية والوظائف الآمنة والصناعة الزراعية والتغذية والمياه وتكنولوجيا الاتصال والمعلومات والصحة والصناعة عبر الابتكار والبحث العلمي بإنشاء نظم إبداع قومية قوية للتصنيع ترتبط بسياسات التنمية الوطنية. واتفق ممثلو الدول التي شاركت في المنتدى من علماء وباحثين، على وضع أطر تهدف إلى تحسين المعرفة في مجال العلوم والتكنولوجيا بقارة أفريقيا، ورفع الوعي حول دور العلوم والتكنولوجيا والإبداع، ومساهمتها كلها في تنافسية القطاع الخاص في القارة، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال العلوم والتكنولوجيا والإبداع. وأجمع وزراء التعليم العالي الـ35 خلال المنتدى الذي حمل عنوان “استخدام أدوات البحث العلمي والتكنولوجيا والابتكار لتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية في القارة الأفريقية وانعكاسها على اقتصاد القارة” على ضرورة حث بلدانهم بزيادة تمويل العلوم والتكنولوجيا للوصول إلى مرحلة الاقتصاد المبني على الابتكار والمعرفة لمواكبة التطورات العالمية في هذا الشأن، وحتمية طرح المنح الدراسية في النواحي الاقتصادية لمواجهة تحديات التنمية في كل بلد.خالد عبدالغفار: لا تعظيم للاستفادة من الموارد الأفريقية دون نقلة في مجال العلوم ومثال ذلك، إطلاق برنامج المنح في مجال الطاقة، وحوكمة العلوم والتكنولوجيا والإبداع في مختلف بلدان القارة، وتقييم التقدم الذي أحرزته الدول الأفريقية في هذا المجال، وتقوية شبكة التواصل بين العلماء والباحثين والمبدعين الأفارقة، ودفع الاتفاقيات الجماعية والثنائية حول العلوم والتكنولوجيا والإبداع، وزيادة الاستثمارات في مجال المعرفة الأفريقية ونظم العلوم والتكنولوجيا والإبداع. وأظهرت الجلسات اعتراف الكثير من ممثلي البلدان الأفريقية بأن التمويل الحكومي متدنٍ للغاية، ولا سبيل للخروج من بوتقة الدول النامية إلى السير نحو مواكبة التطورات العالمية في المجالات المعرفية والاقتصادية دون وضع أسس اقتصاد قائم على الابتكار والبحث العلمي من خلال زيادة المخصصات المالية للنواحي المعرفية. وأقرّ الكثير من المشاركين في جلسات المنتدى على مدار أيامه الثلاثة، بأن العلماء والباحثين والمبدعين في أفريقيا يعيشون في جزر منعزلة، الأمر الذي يعكس غياب رؤية جماعية في إحداث تنمية مشتركة قائمة على الأبحاث العلمية التي يقوم بها علماء كل دولة، ما تسبب في تأخر عدد كبير من الدول الأفريقية عن مواكبة الاقتصاديات العالمية. واعتمد المؤتمر على المكاشفة والمصارحة بشأن واقع البحث العلمي في مختلف بلدان أفريقيا، إذ لم يزيّف أيّ أحد من المسؤولين أو العلماء الواقع المرير الذي يعاني منه البحث العلمي وغياب الاستثمار في المعرفة بالقارة عموما، والدليل على ذلك غياب الاهتمام الحكومي اللافت في تعظيم الارتكاز على العلوم الحديثة في تقوية اقتصادها. ويرى متابعون للمنتدى، أن اعتماد خارطة طريق حقيقية قابلة للتطبيق على أرض الواقع من جانب وزراء الدول الأفريقية المشاركة للعمل على تعظيم الاستثمار في البحث العلمي كأداة أولى للتنمية الاقتصادية وتحسين المستويات المعيشية والاجتماعية للسكان، يمثل نواة للبدء في إحداث نقلة نوعية بطريقة إدارة الاقتصاد المعرفي. وقال خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري، خلال المنتدى إنه “لا تعظيم للاستفادة من الموارد الأفريقية الهائلة دون إحداث نقلة نوعية في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار كأداة أساسية لا بديل عنها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في هذه البلدان”. وأضاف أن “الترويج لريادة الأعمال في المجالات التي ترتكز على البحث العلمي والابتكار، هو الطريق الأمثل لتحفيز دول القارة على الاستثمار بصورة أكبر في الاقتصاد المعرفي، وأنه لا سبيل للتأخر في هذه الخطوة، لأن العالم يشهد ثورة تكنولوجية هائلة أساسها العلوم والتكنولوجيا الحديثة”. وتعاني الكثير من البلدان الأفريقية أزمة غياب الوعي الحكومي والمجتمعي، ما يتطلب ضرورة الاعتماد بشكل كلّي على التكنولوجيا والبحث العلمي لتطوير الحقل التعليمي، ويكون ذلك في صورة خفض الإنفاق على هذا النوع من التعليم القائم بالأساس على المعرفة والابتكار، وتجاهل تعديل القوانين المُعيقة للابتكار والأبحاث، وهو ما يؤدي إلى استمرار التعليم النمطي القائم على الحفظ والتلقين.ضرورة تنحية الخلافات جانبا بحيث تكون هناك دبلوماسية علمية بين دول القارة بما يحقق الهدف المأمول من المشاركة البحثية والفكرية بينها ومثال ذلك، أنه عندما أنشأت مصر بنك المعرفة، وهو أكبر موسوعة بحثية ومنصة معرفية في الشرق الأوسط، للاعتماد عليه بحيث يكون أساس التعليم الإلكتروني، مازال مجلس النواب يرفض إلغاء التعليم النمطي أو تعديل القوانين الخاصة بالتعليم للتوسع في تطبيق التعليم المعرفي، حتى أن هناك رفضا مجتمعيا واسعا للفكرة ذاتها خشية الانتقال من الكتاب الورقي إلى التعلم الإلكتروني بشكل مفاجئ. وقال طارق شوقي، وزير التربية والتعليم المصري خلال المنتدى، إن إعداد جيل متخصص في العلوم والتكنولوجيا والإبداع وبناء مجتمع يتعلم ويفكر ويبتكر يحتاجان إلى جرأة مجتمعية وحكومية وسياسية بالتوازي، لأن استمرار الحفظ والتلقين وإهمال الأبحاث والتأخر في الاتجاه نحو الفكر والإبداع، كلها عوامل تشكل كارثة في حق الأجيال المستقبلية وهدرا لموارد أي دولة. وأوضح شوقي لـ”العرب”، على هامش المنتدى، أن “الفرصة أصبحت متاحة للقادة السياسيين في أفريقيا لرسم خارطة اقتصادية قائمة على العلوم والتكنولوجيا والابتكار، لأن لحاق القارة بالثورة الصناعية الرابعة لن يتحقق قبل أن تتغير الأنظمة التعليمية من الشكل التقليدي إلى المعرفي”. ولأن بعض الدول الأفريقية تعاني أزمات سياسية وأمنية، فقد استقرت الكثير من آراء المشاركين في المنتدى على ضرورة “تنحية الخلافات جانبا بحيث تكون هناك دبلوماسية علمية بين دول القارة بما يحقق الهدف المأمول من المشاركة البحثية والفكرية بينها، لأن بقاء الوضع القائم حاليا يعني استمرار الفقر والتدني المعرفي على المستويين الحكومي والشعبي”.
مشاركة :