توفي أكثر من 50 مريضا في قطاع غزة العام الماضي في أثناء انتظارهم الحصول على تصاريح خروج من القطاع الفقير والمحاصر من إسرائيل، التي وافقت على نحو نصف عدد طلبات التصاريح الطبية، بحسب إحصائيات جديدة نشرت اليوم الثلاثاء. وأعلنت منظمة الصحة العالمية، أن 54 فلسطينيا توفوا وهم ينتظرون تصاريح الخروج الإسرائيلية في عام 2017، في ما وصفه ناشطون حقوقيون، بأنه نظام بيروقراطي يحرم الفلسطينيين من الحق بالرعاية الصحية. وقال جيرالد روكنشواب، مدير مكاتب منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، «هناك تراجع مقلق في نسب الموافقة على تصاريح لمرضى للخروج من غزة، وسجل العام 2017 النسبة الأدنى منذ أن بدأت منظمة الصحة العالمية بجمع الأرقام في العام 2008». وأكدت منظمات أخرى، بينها مركز الميزان لحقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، وجمعية العون الطبي للفلسطينيين، وأطباء لحقوق الإنسان في إسرائيل، في بيان مشترك الثلاثاء، أن «54 فلسطينيا من بينهم 46 مصابا بالسرطان توفوا خلال 2017، بسبب رفض أو تأخر تصاريحهم الإسرائيلية». وتم تقديم 25 ألف طلب العام الماضي للحصول على تصاريح للمرضى في قطاع غزة، بينما وافقت سلطات الاحتلال على 54% منها فقط، وهو أدنى معدل منذ إحصاء 2008، بحسب البيان. وكانت إسرائيل وافقت عام 2016 على 62% من الطلبات المقدمة، مقابل موافقتها عام 2012 على 92% منها، بحسب البيان. وأشار البيان إلى أن هذا مؤشر على أن «إسرائيل شددت القيود حتى على الحالات الإنسانية الاستثنائية». كما طالبت هذه المنظمات إسرائيل برفع القيود «غير المشروعة المفروضة على حرية تنقل الأفراد من غزة». بدوره، قال عمر شاكر، مدير منظمة «هيومن رايتس ووتش» في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، إن منظمته لاحظت تزايدا في المبررات الأمنية لرفض أو تأخير التصاريح للفلسطينيين. وقال شاكر لوكالة «فرانس برس»، إن الأمر «لا يتعلق بالأمن، لكن باستراتيجية سياسية لعزل حماس التي تستخدم سكان غزة كأضرار جانبية في حساباتها». لا جواب وتوفيت آية أبو مطلق (5 سنوات)، في مايو/ أيار الماضي، بينما كانت عائلتها تنتظر ردا من إسرائيل على طلب الحصول على تصريح سفر للعلاج للطفلة بعد محاولتين فاشلتين. وكانت الطفلة تعاني من شلل دماغي واضطرابات في التغذية. ويقول والدها غالب (46عاما)، إن العائلة حصلت مطلع العام الماضي على تغطية مالية من قبل السلطة الفلسطينية لعلاج الفتاة في مستشفى المقاصد الفلسطيني في القدس الشرقية المحتلة. ويتابع، «لكن بعد أن حصلنا على موعد من المستشفى قدمنا طلبا للحصول لها على تصريح للسفر عبر (معبر) إيريز، لكن الطلب ظل قيد الفحص عند الإسرائيليين حتى موعد المستشفى». ويشرح، «اضطررنا للحصول على موعد آخر من المستشفى وتقدمنا بطلب جديد للحصول على تصريح ولم نحصل على رد أيضا، كررنا العملية مرة ثالثة، لكن حالتها تدهورت وتوفيت قبل عشر أيام من الموعد الثالث». إلا أن إسرائيل تبرر بأن إجراءاتها الأمنية ضرورية بالنسبة للقادمين من قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حركة «حماس»، التي تعتبرها «إرهابية». ومن جهتها، أكدت الإدارة المدنية الإسرائيلية التابعة لوزارة الجيش والمسؤولة عن تنسيق أنشطة جيش الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في بيان، أن «حماس تعمل كل يوم على استغلال التدابير المدنية التي تقوم بها إسرائيل لأغراض إرهابية». وشهد هذا القطاع، الذي يعيش فيه نحو مليوني فلسطيني ثلاث حروب مدمرة بين العامين 2008 و2014، ألحقت أضرارا بالغة في البنية التحتية وجميع مناحي الحياة. وبسبب تردي القطاع الصحي يلجأ مرضى غزة لتلقي العلاج في مستشفيات الضفة الغربية أو القدس المحتلة أو حتى إسرائيل، إلا أن ذلك يستوجب حصولهم على موعد من المستشفى ثم التقدم بطلب للحصول على تصريح من إسرائيل للسفر عبر معبر إيريز، الذي تسيطر عليه إسرائيل، والوحيد التي تسمح لمرور الأفراد عبره. وتخلف الفلسطينيون من قطاع غزة عن 11 ألف موعد طبي على الأقل بعد أن رفضت سلطات الاحتلال طلبات التصاريح أو لم ترد عليها في الوقت المناسب، بحسب ما جاء في البيان. بدورها اعتبرت منظمة الصحة العالمية، هذه الإجراءات الإسرائيلية بأنها «لا تتسم بالشفافية ولا بالتوقيت المناسب»، بحسب البيان. وتوفيت فاتن أحمد (25 عاما)، وهي أم لطفلين، في أغسطس/ آب الماضي، بسبب ورم سرطاني في الرأس رغم محاولات حثيثة للحصول على تصريح إسرائيلي لاستكمال علاجها في القدس. وتقول والدة زوجها، نعمة (49 عاما)، لوكالة «فرانس برس»، إن فاتن خضعت لعملية استئصال ورم عام 2016، ولكنها «كانت بحاجة لعلاج إشعاعي وكيميائي فقام الأطباء بتحويلها إلى مستشفى في القدس». وبعد أن تقدمت فاتن بأربعة طلبات للسفر دون أن تتلقى ردا إيجابيا من الجانب الإسرائيلي، تمكنت في المرة الخامسة من السفر إلى القدس للخضوع للعلاج الكيميائي. وبعد عودتها إلى غزة، سعت فاتن للحصول على تصريح لموعد الجرعة الكيميائية المقبلة، ولكن بعد أن «تقدمت بثلاثة طلبات جديدة للحصول على تصريح، لم تحصل على جواب من إسرائيل»، كما أضافت والدة زوجها.
مشاركة :