المكلف بالشؤون السياسية بحزب نداء تونس الشعب التونسي إلى تحمل مسؤوليته خلال الانتخابات البلدية (المحلية) المقررة في مايو/ايار، مخيرا إياه بين الانتصار للدولة المدنية ومشروعها الوطني أو التصويت لمشروع الإسلام السياسي ممثلا في حركة النهضة. وقال "إن الشعب التونسي أمام خيارين، إمار مشروع الإسلام السياسي لحركة النهضة أو مشرع الدولة المدنية الذي يمثله نداء تونس". ويعد بسيس الإعلامي المعروف من أبرز الشخصيات السياسية التونسية الصاعدة المناهضة لحركة النهضة حيث لا يرى فيها سوى جزء من مشروع الإسلام السياسي. وكان بسيس التحق خلال الأشهر الأخيرة بحزب نداء تونس الذي كلفه بإدارة الملفات السياسية في مسعى إلى ضخ دماء جديدة ونشيطة على أداء الحزب. ودعا بسيس الذي كان يتحدث الثلاثاء لإذاعة "جوهرة أف أم" المحلية الخاصة، الناخبات والناخبين التونسيين إلى "تحمل مسؤولياتهم وإعطاء الأغلبية لطرف واحد حتى يتمكن من الحكم بمفرده". وتسبطن دعوة بسيس مراهنة النداء على الناخبات والناخبين لمنح غالبية أصواتهم للنداء باعتباره حزبا يؤمن بمدنية الدولة ويمثل استمرارية للمشرع التحديثي الذي قادته دولة الاستقلال خلال الستينات والسبعينات من القرن الماضي بزعامة الحبيب بورقيبة. كما تمثل الدعوة رسالة تحذير للناخبين من مغبة التصويت لحركة النهضة باعتبارها تهدد مدنية الدولة والشأن العام الديمقراطي ونمط تدين التونسيين. وتعد دعوة المسؤول على الملفات السياسية للنداء الأولى من نوعها منذ أن تحالف الحزب العلماني مع الحركة الإسلامية في أعقاب الانتخابات البرلمانية والرئاسية الماضية. وقال مراقبون إن النداء بات أكثر اقتناعا بأن التونسيين أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن يمكنوا النداء من الحكم بفرده لقيادة مشروع الدولة المدنية أو الانزلاق في مشروع حركة النهضة التي تأسست أصلا لمناهضة الدولة المدنية ومشروعها التحديثي. وقال محسن بوعلي المحلل السياسي "إن الانتخابات البلدية يجب أن تجري في إطار روح من المسؤولية والوعي بأن الإسلاميين يمثلون خطرا على الشعب التونسي". واستحضر بوعلي وهو يتحدث إلى مراسل ميدل ايست أونلاين تلويح رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي خلال خطاب له الإثنين وتحذيره بـ"قبول حركة النهضة أو الدخول في حرب أهلية". وشدد بسيس على أن النداء سيخوض الانتخابات البلدية في كل الدوائر التي تبلغ 360 دائرة بحثا عن الأغلبية ليتمكن من الحكم بناء على برنامجه الخاص به. ولفت إلى أن النداء اليوم لا يحكم ببرنامجه الانتخابي بسبب المنظومة السياسية الحالية التي تستوجب مراجعة حقيقية. ويشير القيادي في النداء إلى أن الحزب العلماني عازم على مراجعة تحالفه مع حركة النهضة بعد أن تأكد من أنه تحالف هش لم يقد سوى إلى أزمة سياسية. وعلى الرغم من تحالفه مع النهضة وما رافق ذلك من خلافات بلغت حد الانسحابات، حافظ النداء على ملامح هويته كحزب علماني يمثل امتدادا للمشروع الوطني. وعلى الرغم من التنازلات التي قدمتها النهضة وفي مقدمتها الفصل بين العمل الدعوي والنشاط السياسي، لم تتمكن بعد من إقناع التونسيين بأنها حزب مدني ديمقراطي يؤمن بمكاسب دولة الاستقلال وبالعملية الديمقراطية. ويراهن كل من النداء والنهضة على الفوز بأغلبية المجالس البلدية تمهيدا للفوز بنتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية المزمع إجراؤها خلال العام القادم. وخلال الأسابيع الماضية قالت أوساط مقربة من المكتب السياسي لحركة النهضة إن مسألة ترشح الغنوشي للرئاسة مسألة مطروحة أمام مؤسسات الحركة. غير أن بوجمعة الرميلي القيادي السابق في نداء تونس والشخصية العلمانية المعروفة قال إنه "من الجانب الديمقراطي بإمكان الغنوشي الترشح غير أن ذلك لا يليق بتونس". ويبدو أن النداء استشعر شراهة الغنوشي إلى فتح أبواب قصر الرئاسة بقرطاج ما دفعه إلى التحذير من خطورة مشروع الإسلاميين الذي يريد العودة بتونس إلى القرن السابع. وفي ظل تشرذم القوى الديمقراطية وعجزها على تغطية كل الدوائر بقائمات انتخابية خاصة بها لم يبق أمام الناخبات والناخبين سوى التصويت إما للنداء أو للنهضة. وتقول مريم دبيش الناشطة اليسارية إن "الانتخابات البلدية لا تعد استحقاقا فقط وإنما هي حرب ديمقراطية بين مشروعين متناقضين: مشروع يؤمن بالتحديث الاجتماعي والسياسي والثقافي ويمثله النداء ومشروع لا يؤمن بمدنية الدولة وتمثله النهضة". وأضافت وهي تتحدث إلى مراسل ميدل ايست أونلاين "تقدمت النهضة قائمات يرأسها مستقلون لتتخفى عن عيون الناخبين وتنتزع أصواتهم في مسعى منها إلى التضليل والمخاتلة غير أن الناخب التونسي على قدر من الوعي ما يؤهله إلى التفطن لسياسة استغباء الشعب التونسي". ويتوقع مراقبون أن تمنى النهضة بهزيمة لم تكن تتوقعها على غرار هزيمتها في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2014 ليفوز النداء بنتائج الانتخابات ويفوز معه المشروع الوطني الذي تقوده دولة مدنية مسنودة بالقوى الديمقراطية.
مشاركة :