تسييس الحج مطلب إيراني ببوق قطري

  • 2/14/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ما زالت قطر تشيح بوجهها عن جدية أسباب المقاطعة المتعلقة بدعم الإرهاب لتواجه تحدياتها بطريقة صبيانية بأيدٍ من يدفعون الدوحة إلى المجهول حيث يملك القائمون على الدولة القطرية اليوم إيماناً عميقاً بنظرية المؤامرة وانعدام الثقة بقدرتهم على التأثير لأن هذا العالم يحركه يهود وماسونيون وصهاينة متطرفون وما على قطر إلا أن تشتريهم لتتخلص من مشاكلها دون تكبد عناء البحث عن حلول للمشاكل، إلا أن التجربة ومرور أشهر طويلة على المقاطعة، تعاقدت فيها قطر مع أكثر شركات العلاقات العامة تأثيراً في واشنطن ولندن، أثبتت أن الأموال في هذه الحالة لا تفيد كما لم تفد في الماضي نظام الشاه الذي كان من أثرى الأنظمة وأشهرها بالعلاقات العامة في الأوساط اليهودية والدعاية في أوروبا وأميركا لتتخلى عنه حين أصبحت الفوضى في إيران أمراً يهدد الدول الكبرى ومصالحها. من يراقب إعلام قطر الناطق بالإنجليزية يظن أنه الأخت المسؤولة عن الوشاية عن كل شيء يحدث ولم يحدث داخل المنزل. فبعد أن أصبحت "الجزيرة الإنجليزية" الناطق الرسمي باسم الحوثي انتقلت لملف الحريات في وقت يتحدث فيه كل العالم عن الطموح السعودي والانفتاح نحو مستقبل أفضل، لتلتفت قطر أخيراً الى ملف إيراني بامتياز وهو محاولة "تسييس الحج" عبر عرض صور تتكرر منذ العام 1983 من الهند لخلايا تابعة وموالية لإيران تعترض على المملكة. السؤال بعد قرابة السنة من التحريض ودفع الملايين للتأثير سلباً على المملكة.. ماذا كانت النتيجة؟ للعام التاسع على التوالي، قام الملك سلمان بمنح عدد من عائلات "الشهداء" الفلسطينيين الفرصة للذهاب إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج. كما تحقق المملكة سنوياً حلم مئات الحجاج من دول إفريقية فقيرة أو دول تواجه حروباً وأزمات باستقبالهم مجاناً حيث يضع العالم ثقة كبيرة - عمرها عقود من الزمن - بقدرة المملكة على إحقاق العدل والأمن فيما يتعلق بالحج وإبعاد الأماكن المقدسة عن أي توتر طائفي أو مذهبي أو عرقي لأداء مناسك الحج دون أن تنعكس خلافاتهم السياسية مهما عظمت يوماً على الأراضي المقدسة وهذا ما يهم أي بلد يرسل مواطنيه المسلمين لأداء مناسك الحج. من قبل الأزمة مع قطر وبعدها؛ لا يكاد يمر يوم دون وجود تنسيق سعودي - أميركي في ملف من الملفات الهامة التي تديرها المملكة كقائد للعالم العربي والإسلامي سواء ملف العراق أو محاربة الإرهاب أو القضية الفلسطينية وغيرها. ومع الوقت ومرور أشهر على المقاطعة كادت قطر تختفي من جدول الأعمال المشتركة بين البلدين رغم غرق الدوحة في وهمها أن كل ما يحدث في الخليج اليوم يدور حولها. أما أثر التحريض القطري الذي كلفها مليارات الدولارات فتعرف ضآلته من ردود أكبر مؤسسات صنع القرار الأميركي حول ملفات متعلقة في المملكة فدائماً ما توصف المملكة من أهم المسؤولين الأميركيين بالحليف الاستراتيجي الأهم في المنطقة مع الاعتراف بالأحقية الكاملة لحربها في اليمن والتأكيد على دعم الخارجية والدفاع والبيت الأبيض الأميركي لحق المملكة في الدفاع عن نفسها مع وجود حماسة أميركية كبيرة - على المستوى الشعبي - في العصر الحالي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورؤيته الطموحة التي فتحت للسعوديين آفاقاً جديدة تكسر أي حاجز بين المملكة والمقدمة. أما آخر بدع تنظيم الحمدين فهي محاولات لا يقبل بها عاقل للتأثير على ملف الحج، وطريقة قطر في التأثير تأخذ دائماً شكل الوشاية والبلطجة دون أن تتجرأ على مواجهة المملكة كند من خلال الإشارة إلى نقاط تراها قطر غير محقة بالفعل حيث تظن قطر لحد اللحظة أنها ستقلب الطاولة على المملكة بمقال بالإنجليزية في صحفها ومراكزها البحثية التي باتت مشبوهة ولا يقرؤها إلا أهل البيت. كيف ينظر الغرب لأمر تسييس الحج؟ ما زال بعض أتباع تنظيم الحمدين يعيشون في أيام الحرب الباردة أو ما قبلها فيظنون أنه ما زال لبريطانيا وفرنسا أطماع كولونيالية وتوسعية تسعى قطر لإشباعها بينما تغرق البلدان وباقي دول أوروبا في مشاكل وخلافات الاتحاد الأوروبي من فقر وضرائب ومهاجرين وقلة فرص العمل ومكافحة الأمراض والعنصرية ومواجهة الخلايا الإرهابية المتطرفة والتعامل مع قرارات ترمب الصادمة وأطماع بوتين وغيرها. أما أميركا التي أصبحت بلاداً ملونة يملؤها المهاجرون الباحثون عن قوت يومهم فباتت بعد حرب بوش، تحب العزلة وصار شعبها يخجل بحروب أميركا وتدخلاتها الخارجية وأصبح يميل لانتخاب من لا ينوي شن حروباً والتدخل بشؤون الدول الأخرى، فسبع سنين من الحرب الدولية في سورية بالكاد سحبت أميركا إلى المنطقة وبخجل، وحتى ترمب الجمهوري الذي يؤمن بأهمية الحفاظ على التفوق الأميركي لا شهية كبرى له للتدخل في أي بلد، والعنوان العريض للسياسات الخارجية الأميركية والأوروبية في الشرق الأوسط في هذا العصر هو التعامل مع من يحكم الأرض، ويضبطها، وينبذ الإرهاب، ودعمه للحفاظ على أمنه القومي، مع الابتعاد عن أخذ مهمة إسقاط حكومات وتنصيب أخرى. وعلى ذلك فإن ملفات كالحج والثروة النفطية بالنسبة لأميركا هي من أكثر الملفات حساسية وارتباطاً بالأمن القومي السعودي والأمن القومي للإقليم المرتبط مباشرة بأمن ومصالح أميركا، وإذا كانت الصداقة والتنسيق الاستراتيجي العالي بين المملكة والولايات المتحدة على ما هي عليه اليوم، فإن نجاح المملكة في ضبط هذين الملفين المحوريين عبر عقود طويلة هو سبب هام لمتانة هذه الصداقة، والحديث عن المساس بهذه الملفات بالنسبة للجانب الأميركي هو أمر مقلق ويرى الغرب فيه مساس بأهم عوامل الاستقرار في الشرق الأوسط. فإذا كانت الولايات المتحدة توافق المملكة على حرب اليمن، فكيف تلقي دولة ذات ثقل بالاً للمساس بملف تفوقت فيه المملكة بإجماع الأعداء قبل الأصدقاء. ويقول د. عبدالعزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث لـ"الرياض": "مطلب تدويل الأماكن المقدسة في المملكة جذوره سياسية بشكل لا جدال فيه، ولا علاقة له بمعاملة المملكة للحجاج، أو تقصيرها بأي أمر آخر. حيث يتم إثارة الأمر من وقت لآخر بناء على الضرورة السياسية". كما أن أصل المطلب "إيراني"، بدأ في العام 1983 من قبل الخميني، وكل من قام بترديد المطلب كان صدىً للمطلب الإيراني القائم على أسس طائفية بحتة.

مشاركة :