استمراراً للضغوطات التي تعيشها قيم العقار المحلي مع بداية العام، يستحوذ قطاع التأجير السعودي للقطاع السكني على العمليات العقارية المحلية في مرحلة مهمة من تاريخ العقار، حيث يتصدر الآن الحركة على جميع الأفرع الأخرى مع تطبيق نظام «إيجار» الذي طبقته وزارة الإسكان بعد طرحه على مرحلتين. واستغل قطاع التأجير انحسار حركة البيع والشراء إلى مستويات كبيرة لأمور مختلفة، أهمها فجوة الأسعار بين العرض والطلب والقرارات الحكومية الرامية لاحتواء أسعار العقار، وأهمها فرض الرسوم على الأراضي البيضاء ونجاح برنامج «سكني» بانتظام مراحله وهو ما فرض واقعا جديدا في السوق. وأكد عقاريون مهتمون أن هناك انخفاضا في قيم معروض الإيجار بما يخص السكني منها، بمعدلات معقولة إلا أن تميزها يأتي بعد سلسلة طويلة من انفلات الأسعار وارتفاعها على مراحل، حيث يتراوح الانخفاض ما بين 15 في المائة إلى 21 في المائة، تختلف باختلاف حجم المسكن وتجهيزاته وعمره وقربه من الخدمات وتوفيره للخدمات، مما يعكس واقعاً للعقار السعودي فيما يخص التأجير الذي يشهد انخفاضا في القيمة بعد موجة من الارتفاعات لما يزيد على عقد، وهو ما يترجم الجهود الحكومية التي تبذل للسيطرة على أسعار الأفرع العقارية المختلفة. وقال راشد التميمي المدير العام لشركة مستقبل الإعمار العقارية القابضة، إن هناك انخفاضا في قيمة عروض الإيجار يقابله توجه كبير في المنافسة للظفر بالطلبات الموجودة التي تشهد تنافساً كبيراً بين السماسرة الذين أصبحوا يركزون على عمولتهم في عمليات التأجير بضغط من حركة المؤشر العقاري والإصلاحات الاقتصادية. وأوضح التميمي أن الوسطاء يسعون لاقتناص الأرباح في ظل الاعتماد الكبير على ذلك انعكاساً لضعف حركة البيع والشراء، موضحاً أنه من المتوقع أن تقود حركة التأجير في السعودية القطاع خلال هذه الفترة، وهو ما تشير إليه الحركة الحالية للسوق التي تنتشر فيها عروض التأجير بشكل ملحوظ في محاولة للالتفاف على نقص الحركة التي تطغى على السوق وأغرى بعض الملاك بتحويل استثماراتهم نحو التأجير عوضاً عن البيع لإنعاش الحركة. وزاد التميمي بأن الطلب على جميع الأفرع العقارية المختلفة يشهد تضاؤلاً ملحوظاً وهذا ما يؤكده المؤشر العقاري لقيم وعدد الصفقات، إلا أن ذلك لم ينعكس بتاتاً على نشاط فرع التأجير السكني الذي يعيش نشوة كبيرة في ظل انتظار ما ستؤول إليه الأسعار الجديدة بعد حزمة الإصلاحات الاقتصادية خصوصاً المختصة بالعقار، لافتاً إلى أن هذه الحركة تدفع بالمؤشر العام العقاري وتعتبر مصدراً جيداً في تحقيق الأرباح، إلا أنها غير مجزية بشكل كبير كما الحال مع البيع والشراء وهو ما يعتمد عليه المستثمرون العقاريون الذين يرون أن الاتجاه الحالي للسوق يشير نحو الاستثمار التأجيري أو العمل كوسطاء عقاريين، وأن الانخفاض ولو بنسب بسيطة هو مؤشر إيجابي لما ستكون عليه السوق مستقبلاً. وعادت السوق العقارية المحلية إلى الانخفاض مجددا خلال الأسبوع الماضي، لتنهي الفترة على انخفاض في مستوى سيولتها المدارة بنسبة 11 في المائة، مقارنة بارتفاعها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 38.6 في المائة، ليستقر إجمالي قيمة صفقات السوق العقارية حتى منتصف فبراير (شباط) لما يقارب 900 مليون دولار. وفي شأن متصل، قال محمد العليان الذي يمتلك شركة العليان للاستثمارات العقارية، إن هناك انخفاضا من ناحية القيمة تتراوح ما بين 10 في المائة إلى 19 في المائة، تختلف باختلاف حجم المسكن وتجهيزاته وعمره وقربه من الخدمات وتوفيره للخدمات، بسبب تنافس السماسرة والزيادة المطردة في عروض الإيجار خصوصاً في الأحياء الجديدة التي تشهد نمواً كبيراً بما يتعلق بقطاع الإيجار الذي أصبح توجهاً كبيراً في ظل تضاؤل عمليات البيع والشراء. ولفت إلى أن للقرارات الحكومية دوراً كبيراً في شمول القطاع بالانخفاض كحال عمليات البيع والشراء وأن الحكومة تسعى للسيطرة على العقار وإعادته إلى وضعه الطبيعي منذ عام 2008 من التصاعد المفاجئ الذي يعتبر أحد أكبر مصادر التضخم استهلاكاً بحسب إحصاءات حكومية. وأضاف أن نشاط حركة التأجير يعد الملاذ الأول في جني الأرباح خلال هذه الأيام بالتحديد، إذ يعد المتنفس الوحيد في تحقيق الإيرادات، مستطرداً أن الاهتمام باستئجار المنشأة يخضع لمقاييس مختلفة عند البحث والاستقرار، حيث يعد قرب المنشأة من الخدمات الحكومية وخصوصا المدارس، سببا كافيا لارتفاع قيمتها، مشيراً إلى أن هناك حركة عقارية نشطة يشهدها قطاع تأجير الشقق بالتحديد خلال الفترة الحالية تسيطر على جميع القطاعات الأخرى منذ أعوام. وارتفعت قيمة صفقات القطاع السكني بنسبة 10.4 في المائة، مقارنة بارتفاعها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 9.2 في المائة، لتستقر مع نهاية الأسبوع الماضي عند مستوى 2.2 مليار ريال (586.6 مليون دولار). في المقابل، انخفضت قيمة صفقات القطاع التجاري بنسبة قياسية بلغت 38.3 في المائة، مقارنة بارتفاعها القياسي خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 112.3 في المائة، لتستقر مع نهاية الأسبوع الماضي عند أدنى من مستوى 266 مليون دولار. وحول تأثير «قرار» إيجار على الأسعار، أكد بندر التويم الذي يمتلك شركة عقارية متخصصة، أن السوق السعودية بحاجة ماسة إلى مثل هذه القرارات لتنظيم أدائها الذي طالما عانى من العشوائية، حيث إن ما يميز «إيجار» سيقوم بإعادة تهذيب القطاع من جديد، خصوصا أن السوق حجمها كبير ومترامي الأطراف وتفتقر بشدة إلى هيكلة واضحة في نظامها الأساسي، الذي يسير حاليا بتخبط وعشوائية لا يتناسبان مع حجم السوق الكبيرة التي يفترض أن تكون مرتبة ومتناسقة، موضحا أن السيطرة على السوق بالقرارات أجدى من دخول الحكومة كمنافس ومطور. وعن دور المشروع في إيقاف التلاعب بالأسعار، أكد التويم أنه سيكون حاجزاً في طريق من وصفهم بالمتلاعبين بالأسعار، مضيفا: «من الصعب أن تقوم برفع الأسعار عند وجود آلاف المنافسين الذين يعرضون عقاراتهم بأسعار منخفضة من أجل الظفر بالعملاء»، لافتاً إلى أن «إيجار» سيحد من التحايل والتملص في دفع الإيجار، وهو ما كان يؤرق عددا من ملاك الوحدات السكنية الذين حتى وقت متأخر يعانون بشكل كبير من هذه المشكلة، التي لم يكن لها مرجعية واضحة للتعاطي معها وإيجاد الحلول السريعة لها وهو ما سيساهم في ازدهار القطاع العقاري كله. وفي قراءة عامة للسوق، ارتفع عدد الصفقات العقارية بنسبة 11.5 في المائة، ليستقر عند مستوى 4482 صفقة عقارية، مقارنة بارتفاعه خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 11.8 في المائة. وارتفع عدد العقارات المبيعة خلال الأسبوع بنسبة 10.1 في المائة، ليستقر عند 4666 عقارا مبيعا فقط، مقارنة بارتفاعه خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 12.6 في المائة. في المقابل استمر انخفاض مساحة الصفقات العقارية للأسبوع الثاني على التوالي، مسجلة انخفاضا بنسبة 3.5 في المائة، مستقرة عند 93.8 مليون متر مربع، مقارنة بانخفاضها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 46.3 في المائة.
مشاركة :