ترغب كل أم في تربية ولد يتحلّى بضمير ويقوم بالصواب حتى عندما لا يراقبه أحد. ولكن حين يكون الدرب إلى النزاهة على شبكة الإنترنت محفوفاً بالتنمّر الإلكتروني وغيره من المخاطر، يبدو الوثوق بأن الولد سيتحلى بالنزاهة أشبه بقفزة إلى المجهول. إليك خبراً جيداً: تكشف الدراسات أن الأولاد ينمون إدراكاً للصواب والخطأ منذ سنواتهم الأولى، وأن للأهل تأثيراً كبيراً في ما يتعلمه الولد عن السلوك الصائب. وتشكّل طريقة تربيتك، التي تشمل رسم المثال الجيد، وإبقاء خطوط التواصل مفتوحة، والبحث عن أساليب لتزرعي في ولدك الخصال التي تقدرينها، أساساً جيداً لتنشئة ولد لديه ضمير على الإنترنت وبعيداً عنها على حد سواء. لكنك تستطيعين ترك تأثير أكبر في ولدك باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا التي يحبها، مثل يوتيوب، ونيتفليكس، وسنابتشات، وإنستغرام، لتقدمي له نموذجاً عن السلوك الحسن والحكم الصائب. يمكننا أن نؤكد بكل ثقة أن الولد يواجه التحديات الكبرى عند اتخاذه الخيارات الصائبة في حياته على شبكة الإنترنت. تكمن المشكلة في أن كثيراً من الأولاد يحصلون على هاتفهم الأول أو أجهزة أخرى في مرحلة من حياتهم تؤدي فيها ضغوط المراهقة الشائعة، مثل الحصول على موافقة الأتراب والانفصال عن الأهل، دوراً كبيراً في عملية اتخاذهم القرارات. في هذه المرحلة، تكون قدرة الولد على التعاطف والتحلي بالنزاهة والحكم الجيد، خصوصاً في البيئات الرقمية المجهولة التي تبدو خالية من العواقب، متقلقلة وغير راسخة. لا بأس في ذلك. كي يتحلى الولد بضمير، يحتاج إلى اختبار الهفوات والكبوات الطبيعية، التي تحدث تلقائياً بمرور الوقت، والتعلُّم منها كي يصبح الإنسان الذي يأمله (وتأملينه أنت أيضاً). لا شك في أن الهفوات على شبكة الإنترنت حقيقية ولا تخلو من المخاطر. لكن الإعراب عن المسامحة، يساعد الولد على النهوض والسعي إلى تقديم أداء أفضل في المرة المقبلة. فهذه أفضل طريقة تضمنين من خلالها أن يبقى صوتك في رأسه ليوجّهه عندما تكونين بعيدةً عنه. سن المراهقة عندما يقترب الولد من سن المراهقة أو يبلغها، تبدأ مصادر التأثير الخارجية، مثل الأتراب ووسائل التواصل الاجتماعي، بصوغ إدراكه للصواب والخطأ. وتُعتبر الأفلام، والبرامج التلفزيونية، ووسائل التواصل الاجتماعي فاعلة جداً في توجيه الولد نحو القيام بخيارات إيجابية ومثمرة لا خيارات تنعكس عليه سلباً، وتجلعه ينظر إلى نفسه نظرة سلبية، وتوقعه في المشاكل. يهوى الأولاد الأكبر سناً والمراهقون خوض أفكار معقدة ومناقشة السلوك الأخلاقي. إليك بعض الأفكار التي تتيح لك مساعدة ولدك على تطوير هذه القدرات: قدمي له أفلاماً وبرامج تلفزيونية تغني الشخصية: خلال الأمسية التي تشاهد فيها العائلة التلفزيون، اختاري فيلماً أو مسلسلاً يعزز «المهارات اللطيفة» كالتعاطف، والامتنان، والنزاهة. وبعد مشاهدة هذا العمل، ناقشوا الخصال التي تقدرونها والسبل التي تستطيع العائلة من خلالها التركيز عليها وتقويتها في حياتها اليومية. وما رأيك في تخصيص «يوم للصفات الجيدة» يعرب فيه كل فرد في العائلة عن مهارة معينة كالامتنان؟ يساعد هذا الأمر الولد في تمييز السبل إلى اتخاذ قرارات صائبة مقارنةً بالخاطئ منها في تفاعلاته اليومية. تشاطروا تسجيلات، ومقتطفات ملهمة ترفع المعنويات: صحيح أن الأمور المقززة تطغى على الأمور الجيدة في مواقع التواصل الاجتماعي. لكنك تستطيعين العثور على صور وأفكار كثيرة تغذي الروح إذا بحثت عنها وناقشتها مع عائلتك. عندما يرى الولد الإيجابية عملياً، يزداد احتمال أن يعرب عنها بدوره. شبكة الإنترنت اسألي ولدك عن تجاربه على شبكة الإنترنت: يرى الأولاد الأكبر سناً والمراهقون الجيد، والسيئ، والبشع، والجميل عندما يتبادلون الرسائل النصية، أو يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، أو يزورون مواقع غنية بالتعليقات، مثل يوتيوب، وإنستغرام، وريديت. اسألي ولدك عن السلوك الذي يلاحظه على الشبكة، وعن مشاعره حياله، وعما إذا كانت التعليقات السلبية تؤثر فيه وتدفعه إلى التصرف بطريقة معينة، سلبية كانت أو إيجابية. ناقشَا خياراته في الحياة الواقعية كذلك الافتراضية. واطرحي عليه أسئلة مثل «ماذا تفعل إذا تعرّض أحد أصدقائك للتنمر على الإنترنت؟»، «ماذا يكون رد فعلك إذا قلل أحد من احترامك على الشبكة؟»، و«ما كانت الرسالة النصية الأكثر لطفاً التي تلقيتها؟». هكذا تدفعين الولد إلى التفكير في مسؤوليته تجاه الآخرين في البيئات الرقمية. شددي على الروح الرياضية الجيدة: يتطلّع أولاد كثر إلى الرياضيين ويعتبرونهم مثالهم الأعلى. وإذا كانت عائلتك تهوى مشاهدة المباريات، والألعاب الأولمبية، والأعمال الرياضية، فالفتي نظر ولدك إلى المرات التي يتعاطى فيها اللاعبون، والمتنافسون، والفرق باحترام أحدهم مع الآخر في الملعب وخارجه. صحيح أن الألعاب الرياضية تشمل كثيراً من السلوك العدائي، لكنك تستطيعين دوماً العثور على نجوم رياضيين يتحلون بروح رياضية بارزة. تحدثي إلى ولدك عن اللاعبين الذين يقدّرهم لروحهم الرياضية واسأليه عن السبب. مُثل عليا ابحثي عن مُثل عليا إيجابية في مواقع التواصل الاجتماعي: ربما تعرفين النجوم الواسعي الشهرة مثل تايلور سويفت، إلا أن الأولاد يتابعون بينهم «مشاهير الإنترنت» على يوتيوب، وسنابتشات، وإنستغرام، وتويتر. يتمتع هؤلاء بتأثير كبير. لذلك اسألي ولدك عمن يتابع وعن منصات التواصل الاجتماعي التي يستخدمها. كذلك ناقشَا ما ينشره. استخدمي Google Alerts أو تابعي بعض مشاهيره كي تتمكني من إغناء مناقشتكما بأسئلة وملاحظات من عالمه. كذلك وجّهي ولدك نحو أمثلة إيجابية على موقع «يوتيوب». * كارولين كنور
مشاركة :