رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي عن الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها حكومته، وشدد على أنها “لم تكن تبحث عن الشعبوية الآنية على حساب الوطن، ولو أرادت ذلك لما تصدت للتحديات والمعضلات الاقتصادية التي تواجه الأردن”. يأتي هذا قبل جلسة برلمانية يجريها مجلس النواب الأردني الأحد القادم لمناقشة مذكرة لحجب الثقة عن حكومة الملقي، تقدمت بها كتلة الإصلاح النيابية التابعة لجماعة الإخوان، قبل أسابيع، وتم الأحد الماضي تأجيل النظر فيها لأسباب تتعلق بزيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى روسيا، وأيضا في علاقة بمرض هاني الملقي الذي عاد قبل أيام قليلة من رحلة علاجية في الولايات المتحدة الأميركية. وشهدت محافظات أردنية الأيام الماضية مسيرات احتجاجية رفضا لموازنة العام 2018 التي تضمنت جملة من الإجراءات التقشفية من ضمنها رفع الدعم عن الخبز، والرفع في تعريفة النقل وزيادة أسعار الوقود. وطالب المحتجون بإسقاط الحكومة وحل مجلس النواب، الذي حملوه جزءا كبيرا من المسؤولية لجهة التخلي عن دوره الرقابي وتحوله إلى أداة في يد السلطة التنفيذية، على حد تعبير بعض الناشطين. وتبدو خطوة طرح الثقة عن حكومة هاني الملقي محاولة من الكتل النيابية وفي مقدمتها كتلة الإصلاح التابعة للإخوان للنأي بنفسها عن تحمل المسؤولية، وإلقائها على كاهل الحكومة مع أنه ووفق نواب، كان للكتلة دور غير مباشر في مصادقة البرلمان لفائدة الموازنة، من خلال مقاطعة جلسة التصويت. ويرى متابعون أن جماعة الإخوان المدعومة ببعض القوى السياسية تتاجر اليوم بقضية الزيادات التي كانت مفروضة وليس خيارا يمكن لحكومة الملقي تجنبه، في محاولة من الجماعة لاستعادة بريقها الذي فقدته في الشارع الأردني، وأيضا للدعوة إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني، تكرس من خلالها وجودها في المشهد السياسي الأردني. وقال هاني الملقي إن “الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية جاءت لحماية الوطن والمواطنين، ولولا هذه الإجراءات لوصلت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 100 بالمئة، وهي مرحلة الإفلاس”. ونقلت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) الأربعاء عنه القول في مقابلة تلفزيونية “نحن ندرك ونقدر أن المواطن تحمل صعوبات اقتصادية، وعلينا جميعا أن نتحمل معا لأن الذي نحميه ليس حكومات، وإنما الذي نحميه هو وطن، فالحكومات تأتي وتذهب ويبقى الوطن”، معربا عن ثقته بقدرة الوطن وأبنائه على الخروج من هذه المرحلة الصعبة. ويواجه الأردن أزمة اقتصادية متفاقمة، نتيجة عجز الحكومات المتعاقبة عن إيجاد مقاربة واقعية لمعالجة الخلل الكامن في بنية اقتصاد المملكة، فضلا عن أزمات الجوار وما خلقته من أعباء بدءا بنزوح الآلاف من اللاجئين إلى المملكة، وصولا إلى غلق المنافذ التجارية مع كل من العراق وسوريا، وبالتالي انهيار قطاع التصدير، في مقابل تراجع الدعم الخارجي.خطوة طرح الثقة عن حكومة هاني الملقي محاولة من بعض الكتل النيابية للنأي بنفسها عن تحمل المسؤولية وقال الملقي إن “الدول العربية بدأت تتحدث، وفي الخليج بشكل خاص، عن مشاريع استثمارية بدل المساعدات النقدية، وهذا جيد”، مؤكدا أن “علاقة الأردن مع الدول العربية، بخاصة الأشقاء في الخليج، استراتيجية أخوية قومية وسندافع عن أي حق عربي مهما كان”. وأوضح أن الأردن “لا يبني علاقاته مع أشقائه العرب على المنفعة المادية، وإنما على المنفعة الوطنية، ومنفعة الأمة، ونحن نعلم أن لديهم هم أيضا ظروفهم، وهم لم يبخلوا علينا في السابق، وإن شاء الله لن يبخلوا علينا في المستقبل”. وتعتبر دول الخليج أحد الداعمين الرئيسيين للأردن، سواء على مستوى الاستثمار داخل المملكة، أو أيضا من خلال المنح، ورغم ذلك هناك قناعة راسخة لدى الملك عبدالله الثاني بضرورة تعويل الأردنيين على أنفسهم والنهوض باقتصادهم، وسبق أن عبر بوضوح عن ذلك في أكثر من مناسبة، وهو ما يبدو أن حكومة الملقي تطبقه. ويقول خبراء اقتصاديون إن الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها حكومة الملقي جاءت اضطرارا وليس خيارا، ورغم صعوبتها فهي السبيل الوحيد لإنعاش الاقتصاد المتهاوي. وكان رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة قد أعلن الثلاثاء إدراج مذكرة حجب الثقة بحكومة الملقي على جدول أعمال جلسة المجلس مساء الأحد المقبل. وكانت الناطقة باسم كتلة الإصلاح النيابية ديمة طهبوب قد أكدت أن الكتلة ماضية في مذكرة حجب الثقة عن الحكومة، وأشارت إلى أن هذه المذكرة تشهد تفاعلاً متزايداً من قبل النواب للتوقيع عليها، واصفة المذكرة بأنها كـ”كرة ثلج بدأت تتدحرج”. وأكدت “سنستمر في هذه المذكرة لحجب الثقة عن الحكومة التي أثبتت فشلها سياسياً واقتصادياً وأمنياً مما يعني أنها استنفدت أسباب وجودها، ونتطلع لحكومة إنقاذ وطني جديدة تستند إلى برنامج إصلاح حقيقي في مختلف المجالات”. ويستبعد المراقبون أن تنجح كتلة الإصلاح في توفير النصاب القانوني لإسقاط حكومة الملقي، خاصة وأن هناك قناعة لدى الكثيرين تحت قبة المجلس، بأن تغيير الحكومة لن يغير من الوضع شيئا، بل يمكن أن يؤدي إلى المزيد من تأزمه، لأن ذلك سيعطي انطباعا بعدم استقرار مؤسسات الدولة، وهو ما يبدو أن الملك عبدالله الثاني حريص على تلافيه. وبحسب الدستور، يحق لعشرة نواب تقديم مذكرة حجب ثقة عن الحكومة، فيما يحق للحكومة التقدم بطلب لتأجيل طرح الثقة لمدة عشرة أيام. ووفقا لموقع صحيفة “الدستور” الأردنية، يتعين أن يصوت نصف عدد أعضاء مجلس النواب زائد واحدا على حجب الثقة حتى ترحل الحكومة نيابيا، بمعنى أن المطلوب أن يصوت 66 نائبا لصالح الحجب، فيما يحسب الغياب والامتناع ضمن فئة مانحي الثقة في تلك الحالة. للمزيد: الحكومة الأردنية تعترف بقسوة الإصلاحات ولا ترى بديلا عنها
مشاركة :