مقامرة من زين الدين زيدان أتت ثمارها بمساعدة من أوناي إيمري لينتصر ريال مدريد على باريس سان جيرمان ويضع قدما ونصف في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا. أثبتت المباراة فعلا أنها مباراة "تحديد مصير" لما كان فيها من تحديات ومواجهات. والبداية قد تكون مع خبر إقالة إيمري مدرب الفريق الفرنسي لما فعله من أخطاء فنية كانت سببا في الهزيمة تماما مثلما تسبب نيمار في عودة فريقه إلى العاصمة الفرنسية بخفي حنين بعدما "عطل" هجمات فريقه بحثا عن مراوغة أو لقطة رائعة بدلا من الفاعلية على المرمى. إيمري ساعد في عودة الثقة المفقودة من الجماهير لزيدان الذي ضمن استمراره في الفريق غاية مباريات ربع النهائي على الأقل. وليس زيدان وحده من استعاد الثقة بل كريستيانو رونالدو الذي استعاد آماله في الحصول على كرة ذهبية سادسة بدأ مشوارها من شباك باريس سان جيرمان بهدفين ضمنا الفوز لريال مدريد. * لأن الماسة لم تعد تلمع بعد بنهاية الموسم الماضي استخدم زيدان 4-4-2 ماسة برباعي في الوسط ضمن له السيطرة والاستحواذ على مجريات المباريات والفوز بالدوري والحفاظ على لقب الأبطال لكن في الموسم الحالي لم تستمر الأمور كما جرت سابقا. أعاد زيدان استخدام ماسته أمام سان جيرمان لمحاولة السيطرة ومنع ماركو فيراتي وأدريان رابيو من توصيل مبابي ونيمار وإدينسون كافاني للمرمى لكن تلك المحاولة لم تفلح اللهم إلا في البداية قبل دخول لاعبي باريس أجواء المباراة. تحتاج 4-4-2 ماسة لأن يتمركز ظهيري الجنب وكأنهم أجنحة للعب الكرات العرضية للثنائي الهجومي إضافة إلى تشكيل ثنائيات معهم للدخول إلى منطقة الجزاء. وهذا ما فعله مارسيلو وكارباخال كثيرا في الموسم الماضي. لكن مع غياب كارباخال للإيقاف وهبوط مستوى إيسكو؛ تأثر ريال مدريد كثيرا في ظل وجود ناتشو في مركز الظهير الأيمن وافتقاره لخصائص زميله الغائب. كما أن وجود إيسكو لم يضمن لريال مدريد السيطرة على الكرة. صانع اللعب الإسباني لم يتمركز في العمق وكانت أدواره مركبة خلال اللقاء باللعب في العمق حين امتلاك الفريق الكرة والعودة للجهة اليمنى للدفاع حال خسارة الكرة. تاه إيسكو ومعه فقد ريال مدريد ميزة اللعب برباعي في وسط الملعب فلم يسيطر ولم يستطع التحول سريعا من الدفاع للهجوم. * الفاعلية لا تشترى مع سوء تمركز رباعي ريال مدريد في وسط الملعب وعدم امتلاكه الكرة بجانب تبادل المراكز بين لاعبي باريس سان جيرمان الذي أدى لفشل عملية الترحيل لسد المساحات؛ كان هناك فدانا خلف ناتشو للعب به من قبل نيمار فكانت 48% من هجمات باريس من جبتهم اليسرى. وحتى لو تمركز لاعبو ريال مدريد بشكل صحيح كان نيمار ينجح في المرور منهم حيث أكمل 13 مراوغة كأكثر لاعب يكمل هذا العدد من المراوغات في مباراة واحدة هذا الموسم. لكن ماذا فعل نيمار بعد أن رواغ؟ لا شئ. هجمات باريس سان جيرمان كانت تنتهي بوصول الكرة لنيمار. سواء بسبب كثرة المراوغة أو البطئ في التمرير. وكما كان نيمار مشكلة باريس في هذا التوقيت كانت مشكلة ريال مدريد متمثلة في تفوق الفريق الفرنسي على أطراف الملعب يسارا بوجود نيمار ويوري ويمينا بوجود داني ألفيش ومبابي مع ذهاب فيراتي/رابيو لحامل الكرة لعمل مثلث معه وضرب ريال مدريد. لم يستطع وسط ريال مدريد مواجهة أطراف باريس سان جيرمان. لماذا؟ كان ريال مدريد في حاجة لأن يبدأ بجناح أمام كل ظهير لمساعدتهم دفاعيا وليكون الموقف الدفاعي 1 ضد 1 على الأطراف. مع اللعب بثنائي ارتكاز. لأن في 4-4-2 ماسة يتواجد مودريتش وكروس أقرب للعمق من الخط كما أن ذهاب الثنائي للخط لمساندة ظهيري الجنب كان يخلق مساحة في العمق يستغلها رابيو وفيراتي. لكن لم يستغل لاعبو باريس كل هفوات ريال مدريد الدفاعية باستثناء كرة الهدف التي شهدت تضارب في الأدوار بين مودريتش وإيسكو في مراقبة رابيو المتقدم لمنطقة الجزاء. * شطرنج حين كان باريس أقرب للتسجيل وسط "توهان" من ريال مدريد في وسط الملعب قرر إيمري سحب إدينسون كافاني والدفع بتوماس مونييه الظهير الأيمن في تغيير قلب مجريات المباراة رأسا على عقب ليس لخطأ إيمري فقط لكن لرد فعل زيدان. خروج كافاني حرم باريس سان جيرمان من الضغط المبكر على لاعبي ريال مدريد، بجانب أن ترتب عليه دخول مبابي لمركز المهاجم وتقدم ألفيش للعب كجناح أيمن في خدعة فعلها ماسيمليانو أليجري من قبل في نهائي كارديف الموسم الماضي لإيقاف جبهة مارسيلو لكنها فشلت قبل أن يتجدد فشلها مجددا في المباراة. دفع زيدان ببيل على حساب بنزيمة الذي لم يظهر سوى في تصويبة واحدة جاءت منها الركنية التي جاء منها ركلة الجزاء في إنجاز سيضاف لرصيده السابق في عملية فتح المساحات وسحب المدافعين. نزول بيل تلاه تغيير ثنائي بنزول لوكاس فاسكيز وماركو أسيسنيو وسحب كاسيميرو وإيسكو الذي ارتدى قميص نيمار لكن بشعار ريال مدريد. ومن هنا بدأ تفوق ريال مدريد على باريس سان جيرمان من الدقيقة 79. والسبب تغيير الطريقة إلى 4-4-2 كلاسيك. دفاعيا بات ريال مدريد في موقف 1 ضد 1 فلا زيادة عددية لباريس سان جيرمان. هذا بجانب أن نقل مبابي إلى مركز المهاجم حرر مارسيلو هجوميا. مع تحرر مارسيلو كان لريال مدريد ميزة سرعة التحول من الدفاع للهجوم عن طريق لوكاس وأسينسيو واستغلالهم لتمريرات مودريتش وكروس. مواقف 2 ضد 1 التي كان فيها ريال مدريد في الشوط وقبل الدقيقة 66 تحولت لصالحه بعد نزول أسينسيو في الجبهة اليسرى وجاء عن طريقها الهدف الثاني. ما قدمه أسينسيو عقب دخوله إلى أرض الملعب أثبت جودته وشخصيته في اللعب تحت الضغط وربما يكون التغيير الأول لزيدان في المباريات المقبلة حال التأخر في النتيجة إذ لم يحصل على مكان أساسي في تشكيل الفريق. الجناح الإسباني يضمن لريال مدريد السرعة والحل الفردي بجانب إتقان الكرات العرضية وهو ما يحتاجه الفريق في الفترة المقبلة بعد أن افتقده من أول الموسم. إيمري استمر في مساعدة زيدان وسحب جيوفاني لو سيلسو ودفع بجوليان دراكسلر لتتواجد المزيد من المساحات في دفاع باريس. ربما قامر زيدان في أمر مهاجمة باريس سان جيرمان في أخر 10 دقائق وربما ساعده إيمري بتغييراته وسوء إدارته للمباراة لكن يبدو وأن "اختراع" 4-4-2 كلاسيك به الحل السحري لمشاكل ريال مدريد. فهل يجد زيدان الحل في تلك الطريقة كما وجدها في 4-4-2 ماسة في الموسم الماضي؟ سؤال سنعرف إجابته في ما تبقى من الموسم الذي ستحدد نتائجه هل سيستمر زيدان في تدريب ريال مدريد في الموسم المقبل أم لا.
مشاركة :