في مفاجأة سياسية غير متوقعة، ألقت قوات الأمن المصرية القبض على رئيس حزب "مصر القوية"، عبدالمنعم أبوالفتوح، مما أثار استياء واسعاً بين القوى السياسية المصرية، خصوصاً أن توقيف أبوالفتوح جاء بعد توقيف كل من الفريق مستدعى سامي عنان ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة. لم تنته بعد زوبعة توقيف الفريق مستدعى سامي عنان وبعده رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة، حتى استيقظ المصريون أمس، على نبأ إلقاء القبض على رئيس حزب "مصر القوية" والمرشح الرئاسي الأسبق، عبد المنعم أبو الفتوح، مساء أمس الأول، لينضم إلى مجموعة من أبرز الوجوه العامة التي تم توقيفها خلال الأسابيع القليلة الماضية قبل انطلاق الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل، والمتوقع أن يحسمها الرئيس عبدالفتاح السيسي بسهولة وواقعية أمام منافسه موسى مصطفى موسى. وألقت أجهزة الأمن القبض على أبوالفتوح، وأعضاء المكتب السياسي لحزبه أحمد عبدالجواد، وأحمد سالم، ومحمد عثمان، وعبدالرحمن هريدي، وأحمد إمام، وتامر جيلاني، لاتصالهم بتنظيم الإخوان، والتحريض على قلب نظام الحكم، وأعلن أن القبض على أبو الفتوح تم في منزله بضاحية التجمع الخامس، وذلك بعد يوم من وصوله إلى مطار القاهرة قادماً من لندن. وقال مصدر أمني لـ"الجريدة"، إن إجراءات القبض على أبوالفتوح وقيادات حزبه، جاءت بناء على إذن ضبط وإحضار صادر لهم من قبل نيابة أمن الدولة العليا، بعد تلقي بلاغات ضد المتهمين بالاتصال بعناصر وقيادات جماعة "الإخوان" في الخارج، من أجل التحريض على قلب نظام الحكم، من خلال بث أخبار مغلوطة وشائعات عبر وسائل إعلام تنتمي وتساند جماعة "الإخوان" المصنفة إرهابية في مصر. وأشار المصدر إلى أن التحريات أكدت صحة المعلومات الواردة في البلاغات، لذا تم القبض على المتهمين من منازلهم بجانب مقر الحزب في غاردن سيتي (وسط القاهرة)، وخضع المتهمون إلى التحقيقات أمام نيابة أمن الدولة العليا، بعدما تقدم مسؤولو الأمن الوطني بمستندات ورقية ومصورة، تؤكد صحة الاتهامات إلى المذكورين. ويعد أبوالفتوح أحد أبرز وجوه تيار الإسلام السياسي في مصر، عبر عضويته في "الإخوان" منذ السبعينيات، ثم أعلن خروجه من عباءة الإخوان بعد ثورة 25 يناير معلناً ترشحه في الانتخابات الرئاسية التنافسية عام 2012، التي حل رابعاً في جولتها الأولى بين 13 مرشحاً، ثم اعترف بشرعية ثورة "30 يونيو 2013" التي نجحت في الإطاحة بمنافسه السابق الرئيس محمد مرسي، لكنه لم يعترف بتداعيات الأحداث منذ 3 يوليو من العام نفسه. القبض على أبوالفتوح عدّ مفاجأة للقوى السياسية المصرية، التي عبر رموزها بما فيهم القطب الناصري حمدين صباحي، عن مطلبها بالإفراج عنه، ويأتي توقيف رئيس حزب مصر القوية، بعد انسحاب المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق من المشهد، وتوقيف الفريق مستدعى سامي عنان، والمستشار هشام جنينة، إذ قال محامي الأخير، علي طه، لـ "الجريدة" إن موكله تم إخلاء سبيله بكفالة على ذمة اتهامه بتشويه سمعة عنان، لكنه لا يزال محبوساً في قضية نشر أخبار كاذبة تضر بالقوات المسلحة. وعلق الباحث في الشؤون السياسية، عمار علي حسن، على إلقاء القبض على أبوالفتوح بعد توقيف عنان وجنينة قائلاً لـ "الجريدة": "ما يحدث حالياً تعبير عن موت الحياة السياسية في مصر، وعلى الحكومة أن تعي ضرورة فتح المجال السياسي للجميع طالما هناك التزام بالقانون"، وحذر من الإفراط في استخدام الحلول الأمنية في الحياة السياسية، والذي سيجعل المشهد في مصر أكثر بؤساً. إشادة أميركية وبعد 24 ساعة من إعراب المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، هيثر نورت، عما يشبه تململ واشنطن من إلقاء القبض على جنينة، استقبل الرئيس السيسي، قائد القيادة المركزية الأميركية الفريق أول جوزيف فوتي، بحضور وزير الدفاع المصري صدقي صبحي، في مقر الرئاسة المصرية بالقاهرة أمس، في زيارة تأتي بعد زيارة وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون الأحد الماضي، تضمنت دعوة الأخير إلى إجراء انتخابات شفافة في مصر. وصرح المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي بأن الرئيس السيسي أكد خلال اللقاء أهمية العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة الممتدة لعقود، لا سيما فيما يتعلق بالتعاون العسكري، في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة، والتي تتطلب تضافر الجهود لمواجهة التحديات التي تهدد أمن المنطقة، فيما رد قائد القيادة المركزية الأميركية بالإشادة بقوة ومتانة العلاقات العسكرية بين البلدين، مثمناً الجهود التي تبذلها القاهرة في مكافحة الإرهاب. وقبل نحو شهر من إجراء الانتخابات الرئاسية المقرر إجراء جولتها الأولى في الخارج خلال أيام 16 و17 و18 مارس المقبل، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد في بيان أمس، إن الوزارة والسفارات المصرية تبذل أقصى ما في جهودها لتوفير "الإمكانيات والتجهيزات اللازمة من أجل إجراء الانتخابات الرئاسية بأقصى قدر ممكن من الكفاءة والشفافية والحيادية، وفي إطار التوجيهات الصادرة من الهيئة الوطنية للانتخابات". في غضون ذلك، وتزامناً مع تنفيذ خطة "العملية الشاملة لتطهير سيناء 2018"، أعلنت القوات المسلحة، أمس، أن المقاتلات المصرية نجحت في استهداف وتدمير 10 سيارات دفع رباعي محملة بكميات من الأسلحة والذخائر، في المنطقة الحدودية مع ليبيا، فيما أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة، تامر الرفاعي، في مؤتمر صحافي نظمته إدارة الشؤون المعنوية بحضور ممثل وزارة الداخلية، عن حصيلة عمليات الجيش والشرطة في سيناء في العملية التي أطلقت الجمعة الماضي. وأعلن الرفاعي نجاح القوات الجوية في القضاء على 53 تكفيرياً وتدمير 137 هدفاً، والقبض على 5 أفراد تكفيريين و680 فرداً ما بين عناصر إجرامية ومطلوبة جنائية وعناصر يشتبه في دعمها للعناصر التكفيرية، وكشف أن أجهزة المعلومات رصدت مخططات تستهدف مصر، إذ إن العناصر الإرهابية الموجودة في سورية والعراق خططت لخلق بؤرة إرهابية جديدة. وأضاف: "العناصر الإرهابية خططت للانتقال إلى شبه جزيرة سيناء، وأجرت اتصالات مع نظرائها في سيناء، من أجل الانتقال إليها عن طريق اختراق الحدود الغربية المصرية". وحول التوتر في منطقة شرق البحر المتوسط الغنية بالغاز الطبيعي، بعد تضارب المصالح بين مصر وقبرص وتركيا، ما دفع الأخيرة إلى اعتماد دبلوماسية خشنة، قال المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية: "فيما يخص البحر المتوسط، فإن القوات البحرية المصرية تؤمّن وتحمي كل الأهداف الاقتصادية في المياه الإقليمية والاقتصادية المصرية بالبحرين الأحمر والمتوسط"، وأحال على بيان الخارجية المصرية، الذي أكد موقف مصر الواضح بالحفاظ على حقوقها في المتوسط.
مشاركة :