مقبرة «بتاح حتب».. بهجة الألوان والحكمة

  • 2/16/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: «الخليج» تجسّد مقبرة «بتاح حتب»، الكائنة في منطقة سقارة في الجيزة أنموذجًا حيًا لفنون مصر القديمة، بما تضمّه من نقوش وألوان تضعها في مصاف أجمل المقابر الفرعونية التي تم اكتشافها في العصر الحديث، ويرجع عمر المقبرة إلى عصر الأسرة الخامسة، وهي تخص الحكيم «بتاح حتب» الذي كان أحد أفراد البلاط الملكي في عهد الملك كارع، وتقع إلى الشمال الغربي من الهرم المدرج في منطقة سقارة، وتتميز المقبرة بمعمارها الذي يختلف كثيرًا عن المعمار السائد في المقابر الفرعونية الأخرى، إذ تبدو أقرب إلى مصطبة معقدة التخطيط مربعة الشكل تقريبًا، يمكن للزائر الوصول إليها عبر ممر يفضي إلى صالة كبيرة ذات أربعة أعمدة مشطوفة، وتؤدي الصالة إلى باب ضيق في الركن الجنوبي الغربي يفضي بدوره إلى ممر آخر ضيق يؤدي إلى المقصورة الرئيسية التي تتميز بوجود بابين وهميين في جدارها الغربي.تتميز المقبرة بوجود عدد من النقوش التي تظهر مدى براعة الفنان المصري القديم، حيث لا تزال بعض ألوانها زاهية حتى اليوم، فضلًا عن معمارها الفريد الذي يتجسد في سقف المقصورة الرئيسية للمقبرة وقد تم تصميمه على هيئة جذوع النخل، وتتنوع النقوش داخل مقبرة «بتاح حتب» ما بين أسراب طيور«الواجد» وبعض النقوش التي تروي قصة حياة صاحب المقبرة ومناظر الخدم وهم يتقدمون حاملين القرابين من اللحوم على هيئة فخد ثور، وكذلك صور الوزير«بتاح حتب» واقفًا يمسك بيده اليمنى عصا طويلة، وباليد اليسرى رمز الولادة الثانية وفقًا للمعتقدات المصرية القديمة، ويجسد هذا الرمز البعث بعد الموت، إلى جانب صور من الحياة اليومية للوزير نقشت في سبعة صفوف. ويصنف كثير من الباحثين صاحب المقبرة بأنه كان من حكماء عصره، وقد ترك إرثًا كبيرًا من التعاليم تضمنته بردياته الثلاث الشهيرة، التي يلقي فيها تعاليمه إلى ابنه، وهي التعاليم التي تتميز بتنوعها والتزامها الصارم بقواعد الأخلاق والسلوك الحسن، بل إنها ترسم الطريق للفرد لأن يكون عضوًا صالحًا في مجتمعه، ومنها نصوص بردية «بريسي » التي يروي فيها «بتاح حتب» كيف طلب من الملك «كا رع»، بعدما شعر بتقدمه في السن، أن يسمح له باعتزال شؤون الوزارة ليعلم ابنه الحكمة، فسمح له الملك بذلك، وقال له: «علّمه آداب الحديث كي يكون مثالًا لأبناء العظماء، وتكون الطاعة رائده، فليس هناك من يتعلّم من تلقاء نفسه».ويصف «بتاح حتب» شيخوخته في برديته الشهيرة قائلًا: «حلّت بي الشيخوخة، وبدا خرفها، وضجت الأعضاء بالألم، وأضحت القوة هزالًا، وأصبح الفم صامتًا، وغارت العينان وصمّت الأذنان، وأضحى القلب كثير النسيان»، وكانت هذه الكلمات قبل أن يشرع «بتاح حتب» في نقل حكمة الأسلاف، التي تصفها البردية بأنها «كلمات الآلهة»، وتمجد فضائل الصدق وضبط النفس والرفق بالآخرين، والدعوة للتعلم عن طريق الاستماع إلى الجميع، ومعرفة أن المعرفة البشرية لن تكتمل أبدًا.ويقول «بتاح حتب» في وصاياه: تذهب المصائب بالثروة ولكن الحكمة لا تذهب، فلا تكونن متكبرًا بسبب معرفتك، ولا تكونن منتفخ الأوداج لأنك رجل عالم. شاور الجاهل والعاقل، لأن نهاية العلم لا يمكن الوصول إليها، والحكمة قد توجد في أي مكان حتى بين النساء الجالسات أمام الطواحين.

مشاركة :