عندما تعاقب السعودية إيران!

  • 10/25/2014
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يعدّ النفط مصدرا حقيقيا وشرعيا للدول التي تملكه لاستعماله في ترجيح كفتها في الموازنات العالمية المختلفة. حرب النفط، كما يمكن تسميتها، التي بدأتها السعودية فجأة قبل 20 يوما من الآن بخفض أسعار إنتاجها اليومي من النفط في وقت لم يتوقعه أحد نظرا إلى تراجع السعودية في التصنيف الأخير لمنظمة «أوبك» للدول المنتجة للنفط خلف الولايات المتحدة.. ربما تنظر السعودية إلى أنه لا مشكلة في تقدم الولايات المتحدة في هذا السباق بالنظر إلى أن غالب إنتاجها من النفط الصخري الذي لا تتجاوز مدة صلاحية آباره من 5 6 سنوات على الأكثر؛ لذا فإن خفض السعودية سعر إنتاجها في هذا الوقت الموسمي الذي يقل فيه الطلب الفعلي على النفط الخام مع إقبال فصل الشتاء الذي ترتفع فيه تلقائيا كميات الطلب العالمي على النفط يبعث على التفكير في دوافعه، مع الأخذ بالاعتبار التأثير الكبير الذي أحدثه هذا الانخفاض على دول «أوبك» الأخرى المنتجة.. ربما الأثر الأكبر سيكون على الدول التي تعتمد بشكل رئيس في اقتصادها على «واردات» النفط وتوزيعه ومروره عبر أراضيها أو فوق مياهها مثل: (روسيا وإيران وفنزويلا)، فيما يمكن للدول الأخرى المنتجة خفض أسعار إنتاجها للحفاظ على سقف مستقر من حصتها في «أوبك» حتى بداية موسم الشتاء وعودة الطلب بكثافة من الدول المستوردة.. الخطوة السعودية التي توصف بالهجمة المرتدة ضد إيران تحديدا حتى وإن كانت الدول المتضررة منها كثيرة لايمكن تخيل هجمة أقوى منها.. لأن العوامل على الواقع تظهر أن الإيرانيين لم يتنبهوا إلى نقطة أن السعودية قد تستعمل النفط لترجيح كفتها ولتعطيل مشاريع ضدها في المنطقة، لذلك لم تظهر حتى الآن حلول بديلة لديهم.. وتشير تقارير إلى أن بواخر إيرانية ناقلة للنفط ما زالت متوقفة في موانئها لعدم وجود مشترٍ بسعر معقول أو قريب من الطلب، وربما اضطرت إيران إلى البيع بسعر منخفض جدا عن الطلب. الحاجة الإيرانية الماسة لبدء تنفيذ مشاريع لعلاج الاقتصاد المحلي اصطدمت بخطوة سعودية «استراتيجية»، تلتها إيماءة تحدٍّ أخرى بالحكم على رجل الدين الشيعي، نمر باقر النمر، بالقتل تعزيرا وهو المعارض السعودي المشهور بإعلانه الجهوري الولاء لإيران وتكفير الحكومة السعودية وقياداتها. وستؤثر خطوة خفض سعر الإنتاج في كمية الصرف والإنفاق الإيراني الخارجي لأجندتها وأذرعها السياسية والعسكرية في دول الإقليم المتوترة التي تتشابك فيها مع النفوذ السعودي. يتضح ذلك بتزامن القرار السعودي مع دخول الحوثيين إلى تعز وسيطرتهم شبه التامة على مضيق باب المندب الاستراتيجي ثم احتلال رداع وحجة وهي المحافظة الحدودية مع السعودية. وربما يكون تحرك «بعض» القبائل السنية وتحالفها في المناطق الحدودية مع السعودية قد أتى بدعم وإيعاز سعودي لتجنب إعطاء الفرصة كاملة لتنظيم القاعدة بالدخول على الخط أكثر وكسب ثقة تحالف القبائل السنية ضد الحوثي.. وإن كانت هناك شكوك في إمكانية التضحية الإيرانية بالتنمية الداخلية ومشروعها الشعبي الذي يصعب تجاهله مقابل زيادة الدعم والإمداد للجماعات والأجندات الخارجية حتى في سوريا والعراق.. لكن هذه الاحتمالية تقتلها احتمالية تصعيد سعودي آخر «غير متوقع» مثل قرار خفض أسعار النفط، وهي تحريك إقليم بلوشستان الذي يحظى بارتباط وثيق مع الرياض وجماعات المعارضة السنية في طهران والأحواز العربية. لكنها تبقى خطوة غير متوقعة الآن بالنظر إلى إدراك إيران خطر التضحية بالتنمية الداخلية لعدم وثوقها بإمكانية عودة الاستقرار بسرعة إلى أسواق النفط، لذلك ربما تحاول إيجاد توازن بين العمل على التنمية المحلية والإمداد الخارجي قدر الإمكان. غازي الحارثي رابط الخبر بصحيفة الوئام: عندما تعاقب السعودية إيران!

مشاركة :