شركة بي أم أند أف تنتج ساعات يد ميكانيكية تعد الأعلى سعرا من نوعها وتجسد دقة وإتقان التصميم.العرب [نُشر في 2018/02/17، العدد: 10903، ص(20)]ساعات الوجاهة غالية الثمن جنيف - عندما يعمل صناع الساعات المهرة في ورشة تابعة لشركة “بي أم أند أف” السويسرية للساعات في جنيف بمثابرة واجتهاد بشأن أحدث إبداعاتهم، فإن عنصر الوقت لا يشكل أي أهمية تذكر . وقامت الشركة بصنع عدد محدود بلغ 245 ساعة فقط في العام الماضي، ويعتبر رقم الإنتاج المنخفض هو بيت القصيد. وكل ساعة يستغرق تصميمها ثلاث سنوات وتحتوي على مكونات يتراوح عددها ما بين 300 و600 قطعة، بحسب مؤسس الشركة ماكسيميليان بوسير. وتنتج شركة “بي أم أند أف” ساعات يد ميكانيكية تعد الأعلى سعرا من نوعها وتجسد دقة وإتقان التصميم. وعرضت الشركة مؤخرا 35 تصميما رائعا في معرض “إس أي أتش أتش” للساعات الفاخرة الذي أقيم خلال يناير الماضي بجنيف. ولكن مثل المتخصصين الآخرين في مجال عملهم، لا بد أن يواجه الحرفيون في شركة بي أم أند أف باستمرار السؤال الدائم عما إذا كانت الساعات التقليدية قد عفا عليها الزمن في عصر الساعة الذكية والهاتف المحمول. واعترف بوسير أنه “إذا عملنا في النطاق السعري الذي يتراوح ما بين 300 و500 يورو، فربما ينتابني الهلع، لأنني لا أرى من الناحية العملية أي مستقبل هناك”. وإلقاء نظرة واحدة على معصم شخص شاب يزيد من قلق بوسير، “فالساعات التقليدية فقدت بريقها، على ما يبدو، نظرا لأن معظم الناس يتحققون من الوقت من خلال نظرة خاطفة على هواتفهم الذكية”. وإذا كان شخص يرتدي ساعة في معصمه، فإن الأمر الأكثر ترجيحا أنها ساعة ذكية، وهذا النوع من الساعات لا يشير إلى الوقت فقط، ولكنها أيضا تتبع إحداثيات عبر نظام تحديد المواقع العالمي “جي بي أس” وتجمع البيانات عن حالة اللياقة البدنية وتتعامل مع كلمات السر. وقد أثار هذا الموضوع نقاشا حول كيفية معرفة المجتمع بالوقت. ويردد أعضاء منتدى أصدقاء الساعات الميكانيكية على الإنترنت في الكثير من الأحيان نفس الشكوى، “مجرد إلقاء نظرة على جيل الشباب، تراهم يمسكون بهواتفهم الذكية بدلا من ارتداء الساعات”. وتحاول إحدى البوابات الإخبارية عبر الإنترنت التي تدعمها الإعلانات إقناع القراء الشباب بالجودة الخاصة للساعات التقليدية.الساعات الذكية لا يمكن أبدا أن تفعل شيئين، أن تكون قطعة من الفن ترتديه في المعصم، ولها روح خاصة بها، بينما تعكس المكانة الاجتماعية وأشار الموقع إلى أنه ليست دائما فكرة جيدة أن تخرج هاتفك المحمول من جيبك، “فعلى الشاطئ وفي جنازة أو حفل زفاف تعد ساعة اليد وسيلة عملية بشكل أكثر لمعرفة الوقت”. وفي حجة من المحتمل أن تكون مقنعة، أضافت البوابة أنه “فضلا عن مساعدة الرجال في الحفاظ على الجدول الزمني الخاص بأنشطتهم، تساعد ساعات اليد على تشكيل أسلوبهم الشخصي، فنظرة سريعة على معصمك بشكل أكبر تمكن من تتبع مرور الوقت خلال موعد أو لقاء”. كما يتفق موقع “بيزنس إنسايدر”، المتخصص في أخبار المال والأعمال على الإنترنت، على قدرة الساعات التقليدية على رسم صورة لشخص، “إنها قطعة التوقيع الخاصة بك.. شيء ترتديه في الكثير من الأحيان حتى يربطه الناس بك”. وحتى الآن، لا يبدو أن ناقوس الخطر يدق داخل أروقة اتحاد صناعة الساعات السويسرية. وقال رئيس الاتحاد جان دانيال باشه “حتى الآن، لا يمكنك القول إن الساعات الذكية تؤثر على تجارة الساعات الأخرى”، مضيفا “لكنك لا تستطيع أن تثبت العكس”. وفي سويسرا كان التوجه في السنوات الأخيرة أكثر نحو الساعات الميكانيكية، وفقا لما ذكره باشه. ومع ذلك، فإن السوق السويسرية بالعلامات التجارية الراقية مثل رولكس وأوميغا وبوم ومرسييه أو بياجيه، هو أيضا سوق خاص لجهة خبرته في صناعة الساعات، فبينما أن أكثر من 90 بالمئة من الساعات المصنعة في جميع أنحاء العالم إلكترونية، حيث تتطلب بطارية لتشغيلها، فإن نسبة هذه الساعات في سويسرا لا تتجاوز 70 بالمئة . وثلاثون بالمئة من الساعات السويسرية ميكانيكية، ويتم تشغليها باليد أو عن طريق الحركة، وهذه الساعات غالية الثمن جدا. وقال باشه إن هذا هو السبب وراء أن الساعات الميكانيكية تمثل 80 بالمئة من إجمالي عائدات الصادرات في سويسرا. وتسعى بعض الشركات المصنعة حصريا لهذه الساعات إلى تحقيق التوازن، حيث تؤدي ساعات اليد تقليدية المظهر وظائف ذكية. وقامت شركة تاج هوير السويسرية للساعات الفاخرة بمحاولة ناجحة على نحو مذهل من خلال تصنيع الساعة كونيكتد الذكية، التي تبلغ قيمتها عدة آلاف من اليورو بسعر التجزئة. ومع ذلك، فإن شركة “بي أم أند أف” التي يملكها بوسير، لا تزال تعول على التقاليد. وقال بوسير “الساعات الذكية لا يمكن أبدا أن تفعل شيئين، أن تكون قطعة من الفن ترتديه في المعصم، ولها روح خاصة بها، بينما تعكس المكانة الاجتماعية”، متابعا “إن هذا سوف يكون طوق النجاة لصناعتنا”. ويمكن اعتبار مصنعه، الذي يضم 12 موظفا ويطبق سياسة حازمة بعدم التوسع أكثر من ذلك، قلعة صناعة الساعات التقليدية في العصر الحديث. ويمكن القول إنه كلما أصبح العصر التكنولوجي أكثر شمولا، كلما اتسع المجال لعمل شيء نفيس يظل قائما لسنوات كثيرة. وقال بوسير متحمسا “تحويل كل هذا الفن والصلب والنحاس الأصفر إلى وقت محض يعد أمرا مذهلا”. ومثل هذا الفن له ثمنه، حيث يكلف عدد محدود من ساعات تصنعها شركة “بي أم أند أف” ما بين 62 ألفا و309 آلاف دولار.
مشاركة :