النزاع في سوريا يأخذ «بعداً إستراتيجياً خطيراً»

  • 2/17/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لم تحقق الجهود الدبلوماسية الدولية تقدماً يذكر لإنهاء حرب في سوريا، التي أصبحت على مشارف عامها الثامن، وأسفرت عن مقتل مئات الآلاف، وأجبرت نصف عدد سكان سوريا، الذين كان يبلغ عددهم 23 نسمة قبل الحرب، على ترك منازلهم. واعتبر اكثر من دبلوماسي غربي انه مع تورط أطراف إقليميين ودوليين في الحرب، «عدنا إلى الأوقات الأكثر صعوية»، معددين النقاط الساخنة في الغوطة الشرقية، وإدلب وعفرين في شمال البلاد. حيث وضعت التطورات العسكرية الأخيرة سوريا في إطار مشتعل ومفتوح على تصعيد كبير إقليمي وعالمي، عبر نشوب أربع حروب بالوكالة على أرضها. وفي هذا السياق، صعدت الولايات المتحدة، التي عادت بقوة إلى الملف السوري، من لهجتها، لاسيما ضد سوريا وإيران، وقال إتش.آر مكماستر، مستشار الأمن القومي الأميركي، إن روايات الناس تشير إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد يستخدم الأسلحة الكيماوية، على الرغم من نفي ذلك، مضيفاً أن الوقت حان كي يحاسب المجتمع الدولي النظام والجهات الراعية له. وفي سياق متصل، قال مكماستر إن إيران تبني وتسلح على نحو متزايد شبكة قوية من الوكلاء، تكتسب المزيد من القدرة، ولديها الأسلحة المدمرة، وانه حان الوقت الآن للتصرف ضد إيران. وتتهم واشنطن طهران مع «مقاتليها القادمين من لبنان والعراق وافغانستان بالدخول في لعبة خطيرة قد تتجاوز الخطوط المسموح بها، بدلا من العمل لإقرار السلام بشكل مسؤول». في المقابل، أكد المساعد والمستشار الاعلى للقائد العام للقوات المسلحة الايرانية، اللواء يحيى رحيم صفوي، ان الحرب في سوريا حوّلت حزب الله من منظمة فدائية وتحررية الى جيش قوي. وخلال ندوة اقيمت في طهران، بعنوان «دراسة الازمة السورية»، قال صفوي «ان منطقة غرب آسيا تمر الآن بمرحلة عبور جيوسياسية، وستكون محل تنافس بين القوى الكبرى، مثل اميركا وروسيا والاتحاد الاوروبي. فيما اعتبر مستشار المرشد الأعلى للشؤون الدولية، علي اكبر ولايتي، أن زيارة وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون الى منطقة الشرق الأوسط ناجمة عن هزائمها الميدانية والعسكرية. ودخلت ايران في الاسابيع الاخيرة في مواجهة مباشرة في سوريا مع كل من اسرائيل والولايات المتحدة، في حين تفيد تقارير باحتمال جر إيران لروسيا إلى هذه المواجهة، التي ليست ببعيدة عن التصرفات الاميركية ضد ما يقوم به الروس هناك، وتشير التقارير إلى ان حرب إسقاط الطائرات في السماء السورية بدأت، وفي هذا الإطار، كشف الصحافي البريطاني، ديفيد هيرست، عن خفايا إسقاط الطائرة الروسية من طراز سوخوي في سراقب بإدلب، واعتبر أن المجموعة السورية التي أسقطت الطائرة الروسية كانت في حقيقة الأمر «لواء جبهة ثوار سراقب» ذات العلاقة الوثيقة بالولايات المتحدة، التي تزودها بالمعدات العسكرية. ومع مقتل مرتزقة روس بقصف لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، ووقوع أول مواجهة مباشرة بين اسرائيل وايران، بدأ النزاع في سوريا يأخذ «بعدا استراتيجيا خطيرا». وفي هذا الإطار، قال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، فرنسوا دولاتر، لوكالة فرانس برس، «ان العوامل لاندلاع مواجهة اقليمية وحتى دولية كبيرة متضافرة اليوم، ولا بد من اخذ هذا الاحتمال على محمل الجد». لكن دبلوماسياً آخر، طلب عدم الكشف عن اسمه، لاحظ ان «التدهور لم يستمر»، الا انه اعتبر مع ذلك «ان خطر مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا في ضوء سقوط قتلى يبقى قائما»، في اشارة الى القتلى الروس. وفي انتظار اجتماع مجلس الأمن الاسبوع المقبل لدراسة للتصويت على قرار لهدنة شهر في سوريا، قدمته الكويت والسويد، بدا ان الحذر هو سيد الموقف بين الاعضاء الكبار، مترافقا مع أجواء التوتر، ليتفق الجميع في النهاية على نقطة اساسية: العمل على توحيد المواقف باتجاه التهدئة. وقالت السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة، نيكي هايلي، بعد ان نددت بالدور الإيراني في سوريا، «ان السلام في سوريا بات أمراً ملحاً». وحول احتمال حصول نزاع دولي كبير، قال السفير الروسي لدى الامم المتحدة، فاسيلي نبينزيا، ان بلاده تعمل لتجنب ذلك. فيما اعتبر دبلوماسي آخر أن زمام الامور بدأ يفلت من أيدي موسكو، مع انها استثمرت كثيرا في تدخلها العسكري للإمساك باللعبة في سوريا. ورأى أن تأثير موسكو على النظام يبقى نسبيا. ويبدو أيضا أن موسكو لا تستسيغ كثيرا تنامي الدور الإيراني في سوريا، لأنه قد يؤدي الى مواجهات بين إيران وإسرائيل على الاراضي السورية. واضاف هذا الدبلوماسي ان روسيا، التي سبق ان اعلنت عزمها على الانسحاب تدريجيا من سوريا، تؤكد انه ليس لديها أجندة مخفية، وتذهب الى حد طلب مساعدة الغربيين لإقناع دمشق. وهذه المواقف تختلف عن استخدام روسيا للفيتو في نهاية عام 2017 لمنع صدور قرارات ضد النظام في سوريا. وفي هذا الاطار، اعتبر السفير الفرنسي ان المخاوف من الوصول الى مواجهة دولية قد تدفع ربما الى البحث سريعاً عن حل للازمة السورية. وقال «قد يكون ذلك رافعة للدفع نحو اتفاق سلام في سوريا مع ارتفاع نسبة التوتر والتخوف من خروج الأمور عن السيطرة». بدوره، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيرس، من أن حرباً محتملة بين حزب الله وإسرائيل ستكون «أسوأ كابوس»، وأن احتمالية وقوع هذه الحرب ستودي «بالدمار لأجزاء كبيرة من لبنان ايضا». كما ان الهجوم التركي في منطقة عفرين أدى الى توتر شديد في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، والدفع باتجاه «بعد استراتيجي جديد وخطير» للنزاع في سوريا. (أ ف ب، رويترز)

مشاركة :