هل تقف متحيراً إزاء رفوف اللبن؟ إليك بعض المعلومات التي تساعدك في اختيار أفضل الأنواع. كان اللبن في الماضي منتجاً بسيطاً اعتدنا شراءه في حاويات صغيرة بسيطة تحتوي على قليل من الفاكهة في أسفلها إذا حالفنا الحظ. لكن الوضع تبدل اليوم. تملأ الأسواق أصنافٌ كثيرة من اللبن اليوناني، واللبن مع الفاكهة، والأكواب الشهية المظهر المطيبة بالسكاكر وقطع الكوكيز المكسرة. كذلك بات اللبن يُضاف إلى العصائر ويباع في أنابيب وأكياس صغيرة. وعندما ننتقل إلى رفوف المثلجات، نعثر على منتجات أكثر تنوّعاً مع مجموعة كبيرة من اللبن المجلّد الذي يُباع في أنابيب أو على شكل مصاصات. نتيجة لذلك، نتمتع اليوم بوفرة من الخيارات، إلا أننا نتساءل غالباً عن الأفضل بينها. تتمحور هذه المعضلة حول السؤال: هل اللبن طعام صحي أم حلوى؟ صار اللبن راهناً الاثنين، وذلك وفق النوع الذي تنتقيه، حسبما تؤكد الدكتورة فاطمة كودي ستانفورد، مدرّسة متخصصة في الطب وطب الأطفال في كلية الطب في جامعة هارفارد. لذلك صار عليك أن تقوم بالقليل من البحث والتقصي لتعرف ما الأفضل لك. قبل أن نخوض في تفاصيل كيفية التمييز بين اللبن الجيد والسيئ، لنتحدث أولاً عن الأسباب التي يجب أن تدفعنا إلى تناول اللبن. اللبن وصحتك اللبن طعام غني بالمواد المغذية يزوّد جسمنا بالبروتين، والكالسيوم، والمغنيزيوم، والفيتامين B12، وبعض الأحماض الدهنية الأساسية التي يحتاج إليها الجسم للبقاء بصحة جيدة، وفق الدكتورة ستانفورد. كشفت الدراسات أيضاً عدداً من الفوائد الصحية التي يجنيها مَن يتناولون اللبن بانتظام. أولاً، يكونون عادةً أكثر رشاقة ممن لا يأكلون اللبن، حسبما تشير الدكتورة ستانفورد. لكننا لا نعلم يقيناً ما إذا كان تناول اللبن هو ما يجعل خصرك نحيلاً. فربما يتمتع محبو اللبن برشاقة أكبر لأنهم يتبعون عادات غذائية أفضل عموماً. لكن اللبن، خصوصاً الأصناف التي تحتوي على مقدار كبير من البروتين، يمنحك شعوراً بالشبع، ما يساعدك في الحد من كمية الطعام التي تستهلكها وخسارة الوزن. فوائد البروبيوتيك يحتوي اللبن أيضاً على البروبيوتيك، وهي كائنات مجهرية حية شبيهة بالكائنات التي تسكن أمعاءنا. يُعدّ اللبن من الحليب الذي يُضاف إليه مقدار قليل من البكتيريا بغية تحفيز عملية التخمير. وكي يُعتبر المنتج لبناً رسمياً، من الضروري أن يحتوي على واحد من نوعَين محددين من البكتيريا: العقدية الحرية أو الملبنة البلغارية. تُظهر البحوث اليوم روابط مهمة بين أنواع البكتيريا التي تعيش في جسمنا وصحتنا عموماً. فقد ربطت الدراسات هذه البكتيريا بمجموعة واسعة من الحالات من اضطرابات المزاج إلى الأخماج. كذلك يشير بعض الدراسات إلى أن امتلاك أنواع معينة من البكتيريا الجيدة يسهم في حماية الإنسان من بعض المشاكل الصحية. يذكر المركز الوطني للصحة المتكاملة والتكاملية أن مجموعة من الأدلة تؤكد أن البروبيوتيك الشبيهة بتلك التي تكثر في اللبن تسهم في الوقاية من عدد من الاضطرابات الهضمية، كمتلازمة الأمعاء المتهيجة وبعض أنواع الإسهال، وعلاجها. تشمل مجالات البحث الواعدة الأخرى دور ميكروبات الأمعاء في السمنة. اكتشف الباحثون أن مَن يتمتعون بجسم رشيق ومَن يعانون الوزن الزائد يملكون أنواعاً مختلفة من بكتيريا الأمعاء، حسبما توضح الدكتورة ستانفورد. وهنا ينشأ السؤال: هل يخسر الإنسان الوزن إذا بدلنا البكتيريا في أمعائه؟ تؤكد الدكتورة ستانفورد أن الباحثين يسعون راهناً إلى معرفة الجواب. بكتيريا الأمعاء والوزن إذاً، هل يعني هذا أن اختيارك صنفاً من أصناف اللبن التي تحتوي على أنواع محددة من البكتيريا الحية النشيطة يساعدك في خسارة الوزن أو علاج حالات صحية معينة؟ تؤكد الدكتورة ستانفورد أننا لا نملك الجواب بعد. ولكن رغم أن إدارة الأغذية والأدوية الأميركية لم تصدّق حتى اليوم على استعمال أي نوع من البروبيوتيك لعلاج حالات صحية محددة، لم يمنع ذلك بعض شركات اللبن من الترويج للفوائد الصحية التي تحملها أصنافها الغنية بالبروبيوتيك الفريدة، حسبما يشير المركز الوطني للصحة المتكاملة والتكاملية. ولكن لا تعتبر هذه الادعاءات حقيقة. توضح الدكتورة ستانفورد: «لا نملك اليوم معلومات كافية لنطلق توصيات محددة مماثلة». يسعى العلماء اليوم إلى توضيح هذه المسألة. وقد ينجح الأطباء ذات يوم في تحديد نوع البروبيوتيك أو البكتيريا في اللبن الذي عليك تناوله لعلاج مشاكل معدتك أو خسارة تلك الكيلوغرامات الزائدة. تقول الدكتورة ستانفورد: «أنتظر بحماسة ما ستفضي إليه هذه البحوث. أود أن أقدّم لمرضاي توصيات أكثر دقة بشأن نوع البروبيوتيك المفيد لحالتهم». لكننا نعرف يقيناً اليوم أن استهلاك النوع المناسب من اللبن، الذي يحتوي على الجرعة الملائمة من البروبيوتيك، مفيد للجسم عموماً. تقييم اللبن بعدما ناقشنا فوائد اللبن المحتملة، لننتقل الآن إلى اختيار نوع جيد من رفوف مشتقات الحليب. وبغية تبسيط عملية اختيار هذا النوع الأفضل، تنصح الدكتورة ستانفورد بالتركيز على خمسة مكونات: • السكر من الضروري أن يحتوي اللبن على أقل من 10 غرامات من السكر في الحصة. لا شك في أن اللبن الممزوج مع قطع الكوكيز أو زبدة الفول السوداني لذيذ. إلا أنه يبقى نوعاً من الحلوى لا طعاماً صحياً، لذلك تناوله باعتدال. • البروتين يعزِّز اللبن الغني بالبروتين الإحساس بالشبع، ما يساعدك في محاربة زيادة الوزن، خصوصاً الزيادة التي تعانيها نساء كثيرات خلال سن اليأس، وفق الدكتورة ستانفورد. ابحث عن لبن يحتوي على ما لا يقل عن خمسة غرامات من البروتين في الحصة، علماً بأن أنواع اللبن الشبيهة باللبن اليوناني تضمّ عادةً مقداراً أكبر من البروتين، مقارنة بالأصناف الأخرى، قد يصل إلى 16 غراماً. • بكتيريا حية ونشيطة كما ذكرنا سابقاً، لا يُعتبر اللبن رسمياً لبناً وفق معايير إدارة الأغذية والأدوية الأميركية إن لم يحتوِ على العقدية الحرية أو الملبنة البلغارية. لذلك ابحث عنهما على الغلاف. يحمل بعض أصناف اللبن أيضاً ختم «بكتيريا حية ونشيطة» الخاص بجمعية اللبن الوطنية. تقدّم هذه الجمعية طوعاً شهادة للشركات المصنّعة لللبن. ويؤكد هذا الختم للمستهلك أن هذه الأصناف احتوت على ما لا يقل عن 100 مليون بكتيريا في الغرام عند تصنيعها. ويضيف بعض المصنعين أنواعاً عدة من البكتيريا الحية والنشيطة إلى اللبن، ولا بأس بذلك. ولكن كما نصحناك أعلاه، ثمة ادعاءات صحية محددة عن أصناف مختلفة من البروبيوتيك ليست حقيقة مسلماً بها. • المذاق إن لم تحب طعم اللبن، فلن تأكله. لذلك ابحث عن صنف لا يُعتبر مفيداً لصحتك فحسب، بل تهوى تناوله أيضاً. • المكونات البسيطة اختر أنواعاً من اللبن لائحة مكوناتها قصيرة، فالبساطة ضرورية عند اختيار نوع اللبن الجيد. صحيح أن مهمة تحديد نوع اللبن المناسب تتطلب بعض الجهد، لكن العثور عليه يغني غذاءك بقليل من البكتيريا ويعود بالفائدة على صحتك. اللبن المجلّد... حلوى أم طعام صحي؟ يختلف اللبن المجلّد عن اللبن التقليدي. بخلاف الأخير، لا داعي لأن يستوفي اللبن المجلّد معايير حكومية محددة ليُعتبر لبناً، حتى إنه لا يكون لبناً أساساً في بعض الحالات. يحتوي بعض ماركات اللبن المجلّد على بكتيريا حية ونشيطة. واللافت أن عملية التثليج لا تقتل الميكروبات الحية، إلا أنها تجعلها هامدة. وسرعان ما تستيقظ هذه الميكروبات بعدما تذوب داخل جسمك، وفق جمعية اللبن الوطنية. ولكن إذا كان اللبن المجلّد يحتوي على بكتيريا حية ونشيطة، فيتراجع احتمال أن يحمل المقدار عينه من الميكروبات، مقارنة بنظرائه المبرّدين.
مشاركة :