معارض الكتاب التي تتم على امتداد الوطن العربي كل عام.. هذه المعارض تشهد إقبالا منقطع النظير من جميع الفئات العمرية ومن جميع الاتجاهات، فالكل يبحث عن ضالته في هذه المعارض، والكل تراهم يخرجون من هذه المعارض وهم يحملون على صدورهم وبين أيديهم العديد من الكتب والمراجع في مختلف التخصصات.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذه الكتب والمراجع التي تحمل إلى البيوت والمنازل تقرأ من قبل رب المنزل وأفراد عائلته، أم أنها توضع على أرفف المكتبات كنوع من الديكور الذي يجمل غرف المنزل وصالاته؟ !! بل إن بعضنا يشتري الكتاب كي يأخذ صورة له مع المؤلف ثم يقوم بنشرها على مواقع التواصل الإجتماعي كنوع من «البرستيج» أو لمجاملة وتشجيع صديق يعرفه في حفل توقيع كتابه. وهناك مشكلة أخرى تحدث في معارض الكتاب وهي سرقة حقوق النشر من قبل بعض القراصنة الذين يعيدون طباعة الكتب في دول أخرى وبيعها مما يؤثر على إيرادات دور النشر التي تكون قد تكفلت بالدفع للمؤلف والمترجم والمدقق والمخرج والطباعة، ليأتي هؤلاء ويسرقون هذا الجهد، بل إن بعض «حرامية» الكتب لا يتورعون عن تصوير هذه الكتب ونشرها «أون لاين» مجانا من دون أخذ إذن من الدار مالكة حقوق النشر. ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن ضعف الإقبال على الكتب ربما يكون بسبب الحالة الاقتصادية التي تمر بها بعض الدول العربية من بطالة وركود اقتصادي أو نتيجة للأزمات السياسية والأمنية في بعضها الآخر، مما يجعل التفكير في شراء كتاب آخر ما يفكر فيه الإنسان العربي. وربما نضيف سببا آخر هو لجوء الكثير من الشباب إلى القراءة عن طريق مواقع الإنترنت العالمية «كغوغل» مثلا التي تنشر ملخصات وافية للكثير من الكتب الشهيرة، فيستعيض بها الشباب عن الكتب الورقية. وبحسب تقرير لليونيسكو، فإن ما يترجم سنويا في العالم العربي من كتب أجنبية يصل إلى خمس ما يترجم في دولة اليونان الصغيرة.. والحصيلة الكلية لما ترجم إلى العربية منذ عصر الخليفة العباسي المأمون إلى العصر الحالي تقارب العشرة آلاف كتاب، وهذا العدد يساوي ما تترجمه إسبانيا في سنة واحدة. وحيث يفترض أن يكون لكل ستة آلاف مواطن عربي مكتبة عامة، بمعنى أن الوطن العربي يفترض أن يضم 50 ألف مكتبة عامة، نجد أن عدد المكتبات العامة في الدول العربية مجتمعة لا يزيد عن 4500 مكتبة من جميع الأحجام، بينها ألف مكتبة من الحجم الكبير فقط. وإذا كانت هناك قلة من المثقفين من الشباب العربي ما زالوا يقرؤون أو يوفرون لاقتناء الكتاب.. فماذا يقرؤون؟! وإذا كان الخبراء يؤكدون أن معظم الصحف والمجلات في العالم العربي تعاني من «حالة ركود ملحوظ» وعدم إقبال على الشراء.. فما هي الأسباب؟ وهل يمكن القول بأن الفضائيات العربية بما توفره من برامج حوارية ونشرات أخبارية وتقارير حية... قد فاقمت من أزمة المطالعة في العالم العربي؟! أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات من الكتاب ودور النشر والقارئ العربي.
مشاركة :