رفض مجلس النواب المصري (البرلمان) أمس، قرار البرلمان الأوروبي الأخير بشأن مطالبته بوقف عقوبة الإعدام عن متهمين في مصر. وقال البرلمان المصري إن «القرار الأوروبي ينم عن جهل بحقيقة الأوضاع في مصر، ويتغاضى عن مناقشات مطولة، سواء مع ممثلي البرلمان الأوروبي أو المفوضية الأوروبية، أو دول الاتحاد الأوروبي حول الموضوعات المختلفة ذات الاهتمام المشترك، ويتضمن بيانات مختلقة فضلاً عما يمثله من تدخل «فج» في الشأن الداخلي المصري».بينما قال النائب طارق رضوان، رئيس لجنة العلاقات الخارجية، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ليس من المنطقي وقف تنفيذ حكم الإعدام عن عناصر متورطة في ارتكاب عمليات إرهابية في البلاد».وسبق أن طالب البرلمان الأوروبي السلطات المصرية بوقف عمليات الإعدام، وذكر أن هناك ما لا يقل عن 2116 شخصا حكم بالإعدام منذ يناير (كانون الثاني) عام 2014 وتم تنفيذ 81 حكما منها، وأن هذه الظاهرة تشهد انتشارا ملموسا في مصر منذ ديسمبر (كانون الأول) من عام 2017. وناشد البرلمانيون الأوروبيون السلطات القضائية المصرية بإعادة النظر في كثير من القضايا. وأوضح البرلمان المصري في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أمس، أن «مضمون القرار الأوروبي بمثابة إخلال جسيم ببديهيات مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، الذي يرتكز على مبدأي سيادة الدولة والمساواة بين الدول في سياداتها... فلمصر الحق في اختيار نظامها القانوني والقضائي الذي يتفق وحضارتها وتطلعات شعبها والتزاماتها الدولية التي ارتضتها طوعا، فلقد تعاقبت الدساتير المصرية منذ دستور 1923 وحتى دستور 2014، والتي تلزم جميع سلطات الدولة باحترام مبدأ سيادة القانون كأساس للحكم. ففي مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، فالمتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه».وأكد البرلمان المصري في بيانه، أن وقف عقوبة الإعدام ليس التزاما دوليا أو موضع توافق بين الدول، كما أن الترويج لمفاهيم لا تتوافق مع القيم الاجتماعية والثقافية السائدة في المجتمعات الأخرى ومحاولة فرضها على الدول الأخرى من خلال طرق مختلفة وملتوية كأنها الحقيقة الوحيدة التي يجب على الجميع الانصياع لها، هي استعلاء مرفوض. وقال البيان، إنه نظراً لخطورة عقوبة الإعدام فقد أحاطها القانون المصري بعدة إجراءات هي في حقيقتها ضمانات تكفل لمن يواجه هذه العقوبة حصوله على محاكمة عادلة منصفة تتاح له خلالها الفرصة كاملة للدفاع عن نفسه وفقا للمعايير الدولية، حرص المشرع المصري على رصد عقوبة الإعدام لأشد الجرائم خطورة وأكثرها جسامة وهي جميعا من الجنايات ومؤدى ذلك تمتع المتهم بضمانات المحاكمة المنصفة أمام محكمة الجنايات المنصوص على إجراءاتها في المواد من 366 إلى 397 بقانون الإجراءات الجنائية، ووجوب إجماع آراء قضاة المحكمة على الحكم بالإعدام. وعرض جميع الأحكام الصادرة حضوريا بعقوبة الإعدام على محكمة النقض دون أن يتوقف ذلك على الطعن فيها من قبل أطراف الدعوى الجنائية حرصا على التحقق من مطابقة الحكم للقانون وتلتزم النيابة العامة بما تقدم حتى ولو كان الحكم لا يطعن عليه من وجهة نظرها إعمالا للقانون، فضلاً عن عدم جواز الحكم بالإعدام على المتهم الذي لم يجاوز سنه الثامنة عشرة… وأنه متى صار الحكم بالإعدام نهائيا وجب رفع أوراق الدعوي فوراً إلى رئيس الدولة، للنظر في صدور أمر بالعفو أو لإبدال العقوبة في غضون أربعة عشر يوما، كما حرص المشرع المصري على وضع ضوابط مشددة لتنفيذ عقوبة الإعدام.وأكد بيان البرلمان أن نصوص القانون المصري بشأن عقوبة الإعدام جاءت متسقة مع المعايير الدولية في هذا الشأن، فضلاً عن اتساق عقوبة الإعدام مع حد القصاص في الشريعة الإسلامية.ويؤكد البرلمان المصري رفضه أي إملاءات بتعديل قوانين محلية صاغها نواب الشعب المنتخبين وفقا للدستور، وتنبع من السياق الاجتماعي والتهديدات الأمنية التي تواجهها البلاد، وكان الأحرى بالبرلمان الأوروبي اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة الإرهاب وغيرها في الآونة الأخيرة التي تتجاوز الحدود الدنيا من الحماية المفترض توفيرها للحقوق والحريات اللصيقة بشخص مواطنيها، وأن يعالج مشكلات العنصرية والتمييز في المجتمعات الأوروبية، قبل أن يسعى لتلقين شعوب وبرلمانات دول أخرى مبادئ حقوق الإنسان. ونوه مجلس النواب المصري، إلى أن توقيت صدور بيان البرلمان الأوروبي خلال فترة الانتخابات الرئاسية، وبالتزامن مع انطلاق الحملة الشاملة على الإرهاب في سيناء، يثير كثيرا من علامات الاستفهام حول مصداقية بعض الأطراف في الحرب على الإرهاب، وأن استغلال ملف حقوق الإنسان وإثارته بين الحين والآخر لتضييق الخناق على مصر، يجب أن يتوقف.
مشاركة :