سخرت موسكو من اتهامات أميركية لـ13 روسياً بالتدخل في انتخابات الرئاسة عام 2016. وبرز اسم رجل الأعمال يفغيني بريغوجين، المعروف في أوساط المال بلقب «طباخ الكرملين»، على رأس مجموعة ركّزت على تعزيز الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي دونالد ترامب وتحقير خصومه، بينهم الديموقراطية هيلاري كلينتون. وانتهز ترامب خلوّ لائحة الاتهام من معلومات دامغة عن ارتباط حملته بموسكو، لتأكيد أنها «لم تتواطأ» مع الكرملين. ووضع رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الدوما (البرلمان) الروسي ليونيد سلوتسكي الاتهامات في إطار «حملة رهاب هستيري من روسيا، ينمو في المجتمع الغربي، وكل هذا هراء بلا أساس، ومثير للسخرية». وسأل: «كيف يمكن أن يؤثر 13 شخصاً في إرادة 300 مليون أميركي، مع وجود آلة حكومية ضخمة وبلايين الدولارات المستثمرة في الانتخابات؟». وزاد بسخرية: «القصة مستمدة من كوميديا الجريمة والتشويق في هوليوود، مع تغيير العنوان إلى (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين وأصدقائه الـ13». كذلك وصفت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الاتهامات بـ «سخيفة»، متسائلة: «13 في مقابل موازنات ببلايين بالدولارات لأجهزة الأمن؟ في مقابل أجهزة الاستخبارات ومكافحة التجسس، ضد أحدث الابتكارات والتقنيات؟ هذا واقع السياسة الأميركية».   لائحة الاتهام وكانت لائحة الاتهام التي أصدرها مولر تضمّنت اسم «وكالة بحوث الإنترنت» (مقرّها سان بطرسبرغ) وشركتين أخريين و13 مواطناً روسياً. وأوردت تفاصيل عن «عملية مذهلة أطلِقت عام 2014، لتحقيق هدف استراتيجي هو إحداث شقاق في النظام السياسي للولايات المتحدة، بما في ذلك انتخابات الرئاسة عام 2016»، من خلال «دعم الحملة الرئاسية للمرشح دونالد ترامب والانتقاص من شأن هيلاري كلينتون». وأشارت إلى أن «مئات» الأشخاص تناوبوا على العمل ضمن هذه المجموعة، بموازنة تُقدر بملايين الدولارات، مضيفة أن أعضاء في المجموعة قدّموا أنفسهم بوصفهم مواطنين أميركيين، ونشروا على مواقع «فايسبوك» و «تويتر» و «يوتيوب» و «إنستغرام» رسائل وصلت إلى «عدد كبير» من الأميركيين. كما أن بعضهم سافر إلى الولايات المتحدة لجمع معلومات استخبارية، وزار نيفادا وكاليفورنيا ونيومكسيكو وإيلينوي وميشيغن ولويزيانا وتكساس وجورجيا ونيويورك، ونظم مسيرات سياسية، متظاهرين بأنهم أميركيون. وذكرت اللائحة أن المتورطين كانوا على اتصال مع أعضاء في حملة ترامب، من دون علم هؤلاء بأمرهم. وأضافت أن روساً استخدموا أرقام تأمين اجتماعي مسروقة وتواريخ ميلاد لأميركيين، لفتح حسابات على موقع «باي بال» للدفع الإلكتروني، ولنشر مشاركات على مواقع للتواصل الاجتماعي، مستخدمين تلك الهويات المزورة. وتابعت أن المتهمين وآخرين بدأوا بعد ذلك في إنتاج إعلانات ودعاية سياسية، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي الأميركية، مؤيّدة ترامب ومهاجمةً هيلاري كلينتون. وقال رود روزنشتاين، نائب وزير العدل الأميركي: «لم تزعم (لائحة) الاتهام أن هناك أميركياً شارك بعِلمِه في هذا النشاط غير المشروع». وأضاف أن ليس هناك أيضاً أي افتراض بأن الحملة «غيّرت نتيجة» انتخابات الرئاسة. ونشرت مواقع إلكترونية روسية معارضة تقارير عن عمل «وكالة بحوث الإنترنت»، تضمّنت آلية عمل لتوظيف شباب عاطلين عن العمل أو طلاب، لنشر أنباء مختلقة على مواقع التواصل الاجتماعي والتعليق بلغات عدة. وأشارت إلى أن الوكالة أدت دوراً نشطاً أثناء الأزمة مع أوكرانيا عام 2014. ونقلت عن موظف سابق في الوكالة أن «حوالى 250 شخصاً من محبي الدولة الروسية يعملون على مدار الساعة ويتقاضون 10 ملايين روبل شهرياً، ومهمتهم النشر على مواقع التواصل بحسابات وهمية، والتعليق على ما يكتبه آخرون». «طبّاخ بوتين» وتتهم لائحة الاتهام الأميركية يفغيني بريغوجين بقيادة المجموعة، وهو رجل أعمال و «ملك قطاع المطاعم»، منحدر من سان بطرسبرغ مسقط رأس بوتين. يُعرف بريغوجين في أوساط الأعمال الروسية بأنه «طبّاخ بوتين»، إذ بات مليونيراً بسرعة الصاروخ. وبعدما كان «متعهداً» لتقديم وجبات خلال حفلات ينظمها الكرملين، باتت شركاته تحصد كل عقود وزارة الدفاع في قطاعات التغذية والخدمات. وظهر بريغوجين في صور مع الرئيس الروسي، وكانت وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات عليه، عام 2016 بسبب اتهام إحدى شركاته بالتورط بالنزاع الأوكراني، وعام 2017 لاتهامه بتمويل التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأميركية. وأوردت صحيفة «كومرسانت» تفاصيل عن حياة بريغوجين (57 سنة)، مشيرة إلى حكم بسجنه مع وقف التنفيذ، بسبب سرقة عندما كان عمره 18 سنة. كما صدر حكم بسجنه 12 سنة عام 1981 بعد إدانته بجرائم، لكنه خرج من السجن عام 1990. وأشارت إلى أنه فتح شبكة لبيع النقانق «هوت دوغ»، ومتجراً لبيع المشروبات الروحية، ثم أسّس مطعماً راقياً في سان بطرسبرغ. وعلّق بريغوجين على الاتهامات قائلاً: «الأميركيون حساسون جداً. يرون ما يريدون أن يروه. أكنّ لهم احتراماً كبيراً. لست غاضباً لإدراجي على اللائحة. إذا أرادوا أن يروني شيطاناً، فهذا شأنهم».