يتباين إنتاج النفط والغاز من وقت لآخر بين ارتفاع وانخفاض وهو ما يوازيه تبايناً في أعداد المنتجين وكل بحسب قدراته الانتاجية. والجديد هنا، أن خارطة الإنتاج والتوزيع الجغرافي والاكتشافات الجديدة على مستوى المنطقة والعالم يضاف إليها ما نتج عن تقدم تقنيات الاكتشاف والانتاج باتت تستحوذ على أهمية كبيرة تؤثر وبشكل مباشر على المنتجين الحاليين. في الوقت الذي تؤثر فيه أيضاً على مستوى الأسعار بشكل قوي. ووفقاً للتقرير الأسبوعي لشركة نفط "الهلال" الإماراتية، فإن الاكتشافات من النفط والغاز لدى دول شرق المتوسط تستحوذ على أهمية كبيرة خلال الفترة القصيرة القادمة نظرا لحجم تأثير ذلك على العلاقات القائمة في الوقت الحالي بين المنتجين والمستوردين، فالمستفيد الأول من هذه الاكتشافات بعد الدول نفسها هي منطقة الاتحاد الأوروبي، والتي تعتبر من أكبر مستوردي الغاز في العالم، وتحتاج إلى مصادر قريبة ودائمة لمصادر الطاقة التي يتطلبها الاقتصاد وخطط النمو الجاري تنفيذها. يأتي ذلك في الوقت الذي تعزز فيه مصر وقبرص ولبنان قدراتها الانتاجية من الغاز، الأمر الذي يدعم خطط تنويع وارداتها في الوقت الذي يتراجع فيه الانتاج في بحر الشمال وترتفع فيه الامدادات الروسية. وفي الإطار، يبدو أن دول شرق المتوسط باتت أكثر جاهزية على مستوى البنية التحتية القائمة أن تلعب أدواراً أكثر أهمية وأن تصبح مركزا لشحن ما تحتاجه منطقة اليورو من الغاز سنوياً. وضمن معادلة التنويع والأمن والمرونة التي يسعى الاتحاد الاوروبي إلى تحقيقها ضمن أية علاقات أو اتفاقات ذات علاقة بإمدادات الطاقة، تبدو دول شرق المتوسط مؤهلة أكثر من أي وقت مضى للعب هذا الدور الحيوي في توفير احتياجات الاتحاد من الطاقة، فيما ستلعب جاهزية البنى التحتية لدول المنطقة وحجم الاحتياطات المكتشفة، الأساس في تحديد قدرتها من التصدير والاستحواذ على نصيب مرتفع من الاسواق الواعدة. وبات قطاع الطاقة لدى هذه الدول في قلب خطط التطوير والتحديث وإدخال إصلاحات جوهرية لتحسين ثقة المستثمرين والعملاء المحتملين، يأتي ذلك في الوقت الذي يسعى فيه الاتحاد الاوروبي إلى تعزيز سياسة الطاقة وتركيز الجهود على بناء المزيد من الشراكات والتعاون الاقليمي وتنشيط العلاقات التجارية والاقتصادية مع منطقة المتوسط ككل. وتشير البيانات المتداولة إلى أن الاحتياطات المؤكدة من الغاز في شرق المتوسط تصل إلى 2000 مليار متر مكعب مع احتمالات زيادة الكمية الاجمالية، وعند هذا المستوى من المؤشرات الايجابية، فإن سقف التوقعات في الدخول في المزيد من الشراكات مع الاتحاد الاوروبي ودول المنطقة باتت شبة مؤكدة، ويبدو المشهد أكثر إيجابية إذا ما تحولت دول المنطقة لمركز تجاري إقليمي للطاقة، بالإضافة إلى إيجاد آليات فعالة لتنظيم عمليات البيع والشراء وكذلك التسعير والتي تعتمد على الاتفاقات الثنائية في الوقت الحالي.
مشاركة :